منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


[[[ فكر متجدد *** ونقاش بنـّاء *** وعطاء بلا حدود ]]]
 
الرئيسيةشات منتدي أبناءأحدث الصورالتسجيلدخول
قوانين المنتدي ............... بسم الله الرحمن الرحيم السادة الاعزاء اعضاء وزوار المنتدي المنتدي هو منتدي الجميع وليس منتدي احد بعينه فساهموا معنا للنهوض به وجعله علي المستوي الذي يليق بنا ................. السادة الاعضاء الرجاء عند التسجيل عدم التسجيل باسماء رمزية والتسجيل بألاسماء الحقيقية حتي نتمكن من معرفة من هو متصل معنا ................... اسادة الاعضاء والزوار اي وجهة نظر علي المنتدي تعبر عن وجهة نظر صاحبها وإدارة المنتدي غير مسؤولة عن وجهات نظر اعضاء المنتدي ...............السادة الاعضاء برجاء عند المشاركة في المنتدي عدم التجريح في احد وعدم التشهير بأحد ................. أي موضوع يخالف هذه القوانين سيتم حذفه من قبل الادارة دون الرجوع الي صاحب الموضوع .................. وتقبلوا تحيات ادارة المنتدي وأتمني لكم مشاركات سعيدة
 
أذكر الله
الساعة الان
الساعة الان

بتوقيت السنابسة - جميع الحقوق محفوطة منتدي ابناء السنابسة2010

مواضيع مماثلة
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 281 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Hany el asshry فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 5853 مساهمة في هذا المنتدى في 1156 موضوع
زوار المنتدي
free counters

 

 مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عمرو عبدالرازق
مشرف عام
مشرف عام
عمرو عبدالرازق


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1252
المجهود والاسهام في المنتدي : 1633
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
العمر : 42
علم الدولة : مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير EgyptC

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير Empty
مُساهمةموضوع: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير Emptyالسبت أبريل 24, 2010 1:43 am

<198> فَدَعَا أَبُو بَكْرٍ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيّ . فَبَعَثَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ فِي سِتّةَ عَشَرَ رَاكِبًا ، وَقَالَ امْضِ فَإِنّ أَمَامَك عَبْدُ الْقَيْسِ فَسَارَ . وَمَرّ بِثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ فَأَمَدّهُ بِرِجَالِ مِنْ قَوْمِهِ بَنِي سُحَيْمٍ ثُمّ لَحِقَ بِهِ .

فَنَزَلَ الْعَلَاءُ بِحِصْنِ يُقَالُ لَهُ جُوَاثَى ، وَكَانَ مُخَارِقٌ قَدْ نَزَلَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ بَكْرِ ابْنِ وَائِلٍ حِصْنُ الْمُشَقّرِ - حِصْنٌ عَظِيمٌ لِعَبْدِ الْقَيْسِ - فَسَارَ إلَيْهِمْ الْعَلَاءُ فِيمَنْ اجْتَمَعَ إلَيْهِ . فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا ، حَتّى كَثُرَ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ وَالْجَارُودُ بْنُ الْمُعَلّى بِالْخَطّ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إلَى الْعَلَاءِ .

وَبَعَثَ مُخَارِقٌ الْحَطَمَ بْنَ شُرَيْحٍ - أَحَدَ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ - مَرْزُبَانُ الْخَطّ يَسْتَمِدّهُ فَأَمَدّهُ بِالْأَسَاوِرَةِ . فَنَزَلَ الْحَطَمُ رَدْمَ الْقِدَاحِ - وَكَانَ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْخَمْرَ حَتّى يَرَى هَجْرًا - وَأَخَذَ الْمَرْزُبَانُ الْجَارُودَ رَهِينَةً عِنْدَهُ .

وَسَارَ الْحَطَمُ وَأَبْجَرُ الْعِجْلِيّ حَتّى حَصَرُوا الْعَلَاءَ بِجُوَاثَى . فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ حذف ، وَكَانَ مِنْ صَالِحِي الْمُسْلِمِينَ

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا بَكْرٍ رَسُولًا

وَسُكّانُ الْمَدِينَةِ أَجْمَعِينَا

فَهَلْ لَكُمُو إلَى نَفَرٍ يَسِيرٍ

قُعُودٍ فِي جُوَاثَى مُحْصَرِينَا

كَأَنّ دِمَاءَهُمْ فِي كُلّ فَجّ

شُعَاعَ الشّمْسِ يَغْشَى النّاظِرِينَا

تَوَكّلْنَا عَلَى الرّحْمَنِ إنّا

وَجَدْنَا النّصْرَ للمتوكلينا


فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ مَحْصُورِينَ .

فَسَمِعَ الْعَلَاءُ وَأَصْحَابُهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ لَغَطًا فِي الْعَسْكَرِ فَقَالُوا : لَوْ عَلِمْنَا أَمْرَهُمْ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ حذف : أَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ عِلْمَهُمْ فَدَلّوهُ بِحَبْلِ . فَأَقْبَلَ حَتّى يَدْخُلَ عَلَى أَبْجَرَ الْعِجْلِيّ - وَأُمّهُ مِنْهُمْ - قَالَ مَا جَاءَ بِك ؟ لَا أَنْعَمَ اللّهُ بِك عَيْنًا .

قَالَ جَاءَ بِي الضّرّ وَالْجُوعُ وَأَرَدْت اللّحَاقَ بِأَهْلِي ، فَزَوّدَنِي . فَقَالَ أَفْعَلُ عَلَى أَنّي أَظُنّك وَاَللّهِ غَيْرَ ذَلِكَ . بِئْسَ ابْنُ الْأُخْتِ أَنْتَ سَائِرٌ اللّيْلَةَ . فَزَوّدَهُ وَأَعْطَاهُ نَعْلَيْنِ . وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْعَسْكَرِ وَخَرَجَ حَتّى بَرَزَ . فَمَضَى كَأَنّهُ لَا يُرِيدُ الْحِصْنَ حَتّى أَبْعَدَ . ثُمّ عَطَفَ . فَأَخَذَ بِالْحَبْلِ فَصَعِدَ .

<199> فَقَالُوا : مَا وَرَاءَك ؟ قَالَ تَرَكْتهمْ سُكَارَى ، وَقَدْ نَزَلَ بِهِمْ تُجّارٌ مَعَهُمْ خَمْرٌ فَاشْتَرَوْا مِنْهُمْ . فَإِنْ كَانَ لَكُمْ بِهِمْ حَاجَةٌ فَاللّيْلَةَ .

فَنَزَلُوا إلَيْهِمْ . فَبَيّتُوهُمْ فَقَتَلُوهُمْ . فَلَمْ يَفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ .

وَوَثَبَ الْحَطَمُ فَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرّكَابَاتِ وَجَعَلَ يَقُولُ مَنْ يَحْمِلُنِي ؟ فَسَمِعَهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ حذف . فَأَقْبَلَ يَقُولُ أَبَا ضُبَيْعَةَ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ أَنَا أَحْمِلُك ، فَلَمّا دَنَا مِنْهُ قَتَلَهُ . وَقُطِعَتْ رِجْلُ أَبْجَرَ الْعِجْلِيّ . فَمَاتَ مِنْهَا .

وَانْهَزَمَ فَلّهُمْ فَاعْتَصَمُوا بِمَفْرُوقِ الشّيْبَانِيّ .

ثُمّ سَارَ الْعَلَاءُ إلَى مَدِينَةِ دَارِينَ فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا ، وَضَيّقَ عَلَيْهِمْ . فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ مُخَارِقٌ وَمَنْ مَعَهُ قَالُوا : إنْ خَلَوْا عَنّا رَجَعْنَا مِنْ حَيْثُ جِئْنَا .

فَشَاوَرَ الْعَلَاءُ أَصْحَابَهُ فَأَشَارُوا بِتَخْلِيَتِهِمْ . فَخَرَجُوا فَلَحِقُوا بِبِلَادِهِمْ . وَطَلَبَ أَهْلُ دَارِينَ الصّلْحَ . فَصَالَحَهُمْ الْعَلَاءُ عَلَى ثُلُثِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَمَا كَانَ خَارِجًا مِنْهَا فَهُوَ لَهُ .

وَطَفِقَتْ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ تُنَادِي : يَا عَبْدَ الْقَيْسِ أَتَاكُمْ مَفْرُوقٌ فِي جَمَاعَةِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ . فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ حذف :

لَا تُوعِدُونَا بِمَفْرُوقِ وَأُسْرَتِهِ

إنْ يَأْتِنَا يَلْقَ مِنّا الْحَطَمَ

فَالنّخْلُ ظَاهِرُهَا خَيْلٌ . وَبَاطِنُهَا

خَيْلٌ تَكَدّسَ بِالْفُرْسَانِ فِي النّعَمِ

وَإِنّ ذَا الْحَيّ مِنْ بَكْرٍ وَإِنْ كَثُرُوا

لَأُمّةٌ دَاخِلُونَ النّارَ فِي أُمَمِ


ثُمّ سَارَ الْعَلَاءُ إلَى الْخَطّ ، حَتّى نَزَلَ إلَى السّاحِلِ فَجَاءَهُ نَصْرَانِيّ ، فَقَالَ مَا لِي إنْ دَلَلْتُك عَلَى مَخَاضَةٍ تَخُوضُ مِنْهَا الْخَيْلُ إلَى دَارِينَ ؟ قَالَ وَمَا تَسْأَلُنِي ؟ قَالَ أَهْلَ بَيْتٍ بِدَارِينَ قَالَ . هُمْ لَك . فَخَاضَ بِهِ . فَظَفَرَ بِهِمْ عَنْوَةً وَسَبَى أَهْلَهَا .

وَقِيلَ حَبَسَ لَهُمْ الْبَحْرَ خَاضُوهُ وَكَانَتْ تَجْرِي فِيهِ السّفُنُ قَبْلُ . ثُمّ جَرَتْ بَعْدُ . <200> وَيُرْوَى : أَنّ الْعَلَاءَ وَأَصْحَابَهُ جَأَرُوا إلَى اللّهِ وَتَضَرّعُوا إلَيْهِ فِي حَبْسِ الْبَحْرِ فَأَجَابَ اللّهُ دُعَاءَهُمْ . وَكَانَ دُعَاؤُهُمْ " يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ . يَا كَرِيمُ يَا حَلِيمُ يَا أَحَدُ ، يَا صَمَدُ يَا حَيّ ، يَا مُحْيِي الْمَوْتَى ، يَا حَيّ يَا قَيّومُ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ يَا رَبّنَا " فَأَجَازُوا ذَلِكَ الْخَلِيجَ بِإِذْنِ اللّهِ جَمِيعًا يَمْشُونَ عَلَى مِثْلِ رَمْلَةٍ . فَقَالَ عَفِيفُ بْنُ الْمُنْذِرِ فِي ذَلِكَ

أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ ذَلّلَ بَحْرَهُ

وَأَنْزَلَ بِالْكُفّارِ إحْدَى الْجَلَائِلِ ؟

دَعُونَا الّذِي شَقّ الْبِحَارَ . فَجَاءَنَا

بِأَعْظَمَ مِنْ فَلَقِ الْبِحَارِ الْأَوَائِلِ


وَلَمّا رَأَى ذَلِكَ أَهْلُ الرّدّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ ، صَالَحُوا عَلَى مَا صَالَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ هَجْرٍ .

وَلَمّا ظَهَرَ الْعَلَاءُ عَلَى أَهْلِ الرّدّةِ وَالْمَجُوسِ : بَعَثَ رِجَالًا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ إلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . فَنَزَلُوا عَلَى طَلْحَةَ وَالزّبَيْرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا . وَأَخْبَرُوهُمَا بِقِيَامِهِمْ فِي أَهْلِ الرّدّةِ . ثُمّ دَخَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَحَضَرَ طَلْحَةُ وَالزّبَيْرُ . فَقَالُوا : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللّهِ إنّا قَوْمٌ أَهْلُ إسْلَامٍ . وَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبّ إلَيْنَا مِنْ رِضَاك وَنَحْنُ نُحِبّ أَنْ تُعْطِيَنَا أَرْضًا مِنْ الْبَحْرِ وَطَوَاحِينَ . وَكَلّمَهُ فِي ذَلِكَ طَلْحَةُ وَالزّبَيْرُ فَأَجَابَ .

وَقَالُوا : اُكْتُبْ لَنَا كِتَابًا ، فَكَتَبَ . فَانْطَلَقُوا بِالْكِتَابِ إلَى عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . فَلَمّا قَرَأَهُ تَفَلَ فِي الْكِتَابِ وَمَحَاهُ . وَدَخَلَ طَلْحَةُ وَالزّبَيْرُ فَقَالَا : وَاَللّهِ مَا نَدْرِي ، أَنْتَ الْخَلِيفَةُ أَمْ عُمَرُ ؟ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا ذَاكَ ؟ فَأَخْبَرُوهُ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَئِنْ كَانَ عُمَرُ كَرِهَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنّي لَا أَفْعَلُهُ .

فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إذْ جَاءَ عُمَرُ . فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ مَا كَرِهْت مِنْ هَذَا ؟ قَالَ كَرِهْت أَنْ تُعْطِيَ الْخَاصّةَ دُونَ الْعَامّةِ . وَأَنْتَ تُقْسِمُ عَلَى النّاسِ فَتَأْبَى أَنْ تَفْضُلَ أَهْلَ السّابِقَةِ وَتُعْطِي هَؤُلَاءِ قِيمَةَ عِشْرِينَ أَلْفًا دُونَ النّاسِ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَفّقَك اللّهُ وَجَزَاك خَيْرًا . هَذَا هُوَ الْحَقّ .
ذِكْرُ رِدّةِ أَهْلِ دَبَا وَأَزْدِ عُمَانَ
<201> وَذَلِك : أَنّهُمْ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُسْلِمِينَ . فَبَعَثَ إلَيْهِمْ مُصْدِقًا يُقَالُ لَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْبَارِقِيّ ، ثُمّ الْأَزْدِيّ . مِنْ أَهْلِ دَبَا . وَأَمَرَهُ " أَنْ يَأْخُذَ الصّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ . وَيَرُدّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ " فَفَعَلَ ذَلِك حُذَيْفَةُ .

فَلَمّا تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَنَعُوا الصّدَقَةَ وَارْتَدّوا . فَدَعَاهُمْ حُذَيْفَةُ إلَى التّوْبَةِ . فَأَبَوْا . وَجَعَلُوا يَرْتَجِزُونَ

لَقَدْ أَتَانَا خَبَرٌ رَدِيّ

أَمْسَتْ قُرَيْشٌ كُلّهَا نَبِيّ


ظُلْمٌ لَعَمْرِ اللّهِ عَبْقَرِيّ


فَكَتَبَ حُذَيْفَةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ بِأَمْرِهِمْ . فَاغْتَاظَ غَيْظًا شَدِيدًا ، وَقَالَ " مَنْ لِهَؤُلَاءِ ؟ وَيْلٌ لَهُمْ " .

ثُمّ بَعَثَ إلَيْهِمْ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ - وَكَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى سُفْلِي بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ مُصْدِقًا - فَلَمّا بَلَغَتْهُ وَفَاةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ انْحَازَ إلَى تُبَالَةَ فِي أُنَاسٍ مِنْ الْعَرَبِ ، ثَبَتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ . وَكَانَ مُقِيمًا بِتُبَالَةَ فِي أَرْضِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ .

فَجَاءَهُ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ " سِرْ فِيمَنْ قِبَلَك مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى أَهْلِ دَبَا " .

فَسَارَ عِكْرِمَةُ فِي نَحْوِ أَلْفَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . وَكَانَ رَأْسُ أَهْلِ الرّدّةِ : لَقِيطَ بْنَ مَالِكٍ الْأَزْدِيّ فَلَمّا بَلَغَهُ مَسِيرُ عِكْرِمَةَ ، بَعَثَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ الْأَزْدِ يَلْقَوْنَهُ . وَبَلَغَ عِكْرِمَةُ : أَنّهُمْ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ . فَبَعَثَ طَلِيعَةً . وَكَانَ لِلْعَدُوّ أَيْضًا طَلِيعَةٌ . فَالْتَقَتْ الطّلِيعَتَانِ . فَتَنَاوَشُوا سَاعَةً ثُمّ انْكَشَفَ أَصْحَابُ لَقِيطٍ . وَقُتِلَ مِنْهُمْ نَحْوُ مِائَةُ رَجُلٍ . وَبَعَثَ أَصْحَابُ عِكْرِمَةَ فَارِسًا يُخْبِرُهُ . فَأَسْرَعَ عِكْرِمَةُ حَتّى لَحِقَ طَلِيعَتَهُ . ثُمّ زَحَفُوا جَمِيعًا . وَسَارَ عَلَى تَعْبِئَةٍ حَتّى أَدْرَكَ الْقَوْمَ . فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً . ثُمّ هَزَمَهُمْ عِكْرِمَةُ ، وَأَكْثَرَ فِيهِمْ الْقَتْلَ . وَرَجَعَ فَلّهُمْ إلَى لَقِيطِ بْنِ مَالِكٍ فَأَخْبَرُوهُ أَنّ عِكْرِمَةَ مُقْبِلٌ .

<202> فَقَوِيَ جَانِبُ حُذَيْفَةَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَنَاهَضَهُمْ . وَجَاءَ عِكْرِمَةُ . فَقَاتَلَ مَعَهُمْ . فَانْهَزَمَ الْعَدُوّ حَتّى دَخَلُوا مَدِينَةَ دَبَا . فَحَصَرَهُمْ الْمُسْلِمُونَ شَهْرًا . وَشَقّ عَلَيْهِمْ الْحِصَارُ إذْ لَمْ يَكُونُوا قَدْ أَخَذُوا لَهُ أُهْبَةً .

فَأَرْسَلُوا إلَى حُذَيْفَةَ . يَسْأَلُونَهُ الصّلْحَ . فَقَالَ لَا ، إلّا بَيْنَ حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ أَوْ سِلْمٍ مُخْزِيَةٍ . قَالُوا : أَمّا الْحَرْبُ الْمُجْلِيَةُ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا ، فَمَا السّلْمُ الْمُخْزِيَةُ ؟ قَالَ تَشْهَدُونَ أَنّ قَتَلَانَا فِي الْجَنّةِ وَقَتَلَاكُمْ فِي النّارِ وَأَنّ كُلّ مَا أَخَذْنَاهُ مِنْكُمْ فَهُوَ لَنَا ، وَمَا أَخَذْتُمُوهُ فَهُوَ رَدّ لَنَا . وَأَنّا عَلَى حَقّ وَأَنْتُمْ عَلَى بَاطِلٍ وَكُفْرٍ وَنَحْكُمُ فِيكُمْ بِمَا رَأَيْنَا . فَأَقَرّوا بِذَلِكَ .

فَقَالَ اُخْرُجُوا عُزْلًا ، لَا سِلَاحَ مَعَكُمْ فَفَعَلُوا . فَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ حِصْنَهُمْ . فَقَالَ حُذَيْفَةُ إنّي قَدْ حَكَمْت فِيكُمْ أَنْ أَقْتُلَ أَشْرَافَكُمْ وَأَسْبِيَ ذَرَارِيّكُمْ . فَقَتَلَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ مِائَةَ رَجُلٍ وَسَبَى ذَرَارِيّهُمْ .

وَقَدِمَ حُذَيْفَةُ بِسَبْيِهِمْ الْمَدِينَةَ . وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ مِنْ الذّرّيّةِ وَالنّسَاءِ .

وَأَقَامَ عِكْرِمَةُ بِدَبَا عَامِلًا عَلَيْهَا لِأَبِي بَكْرٍ .

فَلَمّا قَدِمَ حُذَيْفَةُ بِسَبْيِهِمْ أَنْزَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ . وَالْقَوْمُ يَقُولُونَ وَاَللّهِ مَا رَجَعْنَا عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا ، فَيَأْبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدَعَهُمْ بِهَذَا الْقَوْلِ . وَكَلّمَهُ فِيهِمْ عُمَرُ . وَكَانَ الرّأْيُ أَنْ لَا يُسْبَوْا .

فَلَمْ يَزَالُوا مَوْقُوفِينَ فِي دَارِ رَمْلَةَ حَتّى مَاتَ أَبُو بَكْرٍ . فَدَعَاهُمْ عُمَرُ فَقَالَ انْطَلِقُوا إلَى أَيّ بِلَادٍ شِئْتُمْ . فَأَنْتُمْ قَوْمٌ أَحْرَارٌ .

فَخَرَجُوا حَتّى نَزَلُوا الْبَصْرَةَ . وَكَانَ فِيهِمْ أَبُو صُفْرَةَ - وَالِدُ الْمُلَهّبِ - وَهُوَ غُلَامٌ يَوْمَئِذٍ .

وَلَمّا قَدِمَ غَزْوُ أَهْلِ دَبَا أَعْطَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ .
ننن
السّنَةُ الثّانِيَةُ عَشْرَةَ
مَسِيرُ خَالِدٍ إلَى الْعِرَاقِ
<203> وَلَمّا دَخَلَتْ السّنَةُ الثّانِيَةُ مِنْ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَهِيَ سَنَةُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ الْهِجْرَةِ كَتَبَ إلَى خَالِدٍ إذَا فَرَغْت مِنْ الْيَمَامَةِ ، فَسِرْ إلَى الْعِرَاقِ ، فَقَدْ وَلّيْتُك حَرْبَ فَارِسَ
فَسَارَ إلَيْهِ فِي بِضْعَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا . فَصَالَحَ أَهْلَ السّوَادِ . ثُمّ سَارَ إلَى الْأُبُلّةِ . وَخَرَجَ كِسْرَى فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا . فَالْتَقَى مَعَ خَالِدٍ فَهَزَمَ اللّهُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْفُرْسِ . وَكَتَبَ خَالِدٌ إلَى كِسْرَى " أَمّا بَعْدُ فَأَسْلِمُوا تَسْلَمُوا ، وَإِلّا فَأَدّوا الْجِزْيَةَ وَإِلّا فَقَدْ جِئْتُكُمْ بِقَوْمِ يُحِبّونَ الْمَوْتَ كَمَا تُحِبّونَ الْحَيَاةَ " فَصَالَحُوهُ . وَفِيهَا حَجّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ بِالنّاسِ ثُمّ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ

حَوَادِثُ السّنَةِ الثّالِثَةَ عَشْرَةَ
ثُمّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ . فَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ الْجُنُودَ إلَى الشّامِ . وَأَمّرَ عَلَيْهِمْ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا عُبَيْدَةَ عَامِرَ بْنَ الْجَرّاحِ وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسِنَةَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ . وَنَزَلَتْ الرّومُ بِأَعْلَى فِلَسْطِينَ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا .
فَكَتَبُوا إلَى أَبِي بَكْرٍ يُخْبِرُونَهُ وَيَسْتَعْدُونَهُ . فَأَمَرَ خَالِدًا - وَهُوَ بِالْحِيرَةِ - أَنْ يَمُدّ أَهْلَ الشّامِ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْقُوّةِ وَيَسْتَخْلِفَ عَلَى ضَعَفَةِ النّاسِ رَجُلًا مِنْهُمْ .
فَسَارَ خَالِدٌ بِأَهْلِ الْقُوّةِ وَرَدّ الضّعَفَةَ إلَى الْمَدِينَةِ .
وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بِالْعِرَاقِ الْمُثَنّى بْنَ حَارِثَةَ .
وَسَارَ حَتّى وَصَلَ إلَى الشّامِ ، فَفَتَحُوا بُصْرَى . وَهِيَ أَوّلُ مَدِينَةٍ فُتِحَتْ . ثُمّ اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الرّومِ ، فَانْحَازَ الْمُسْلِمُونَ إلَى أَجْنَادِينَ ، فَكَانَتْ الْوَقْعَةَ الْمَشْهُورَةَ وَكَانَ النّصْرُ لِلْمُسْلِمِينَ .

مَوْتُ الصّدّيقِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
وَفِي هَذِهِ السّنَةِ مَاتَ الصّدّيقُ ، لَيْلَةَ الثّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ .
وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ .
وَاسْتَخْلَفَ عَلَى النّاسِ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ . وَقَالَ اللّهُمّ إنّي وَلّيْتهمْ خَيْرَهُمْ وَلَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إلّا إصْلَاحَهُمْ وَلَمْ أُرِدْ مُحَابَاةَ عُمَرَ . فَاخْلُفْنِي فِيهِمْ . فَهُمْ عِبَادُك ، وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِك ، أَصْلِحْ لَهُمْ وَالِيَهُمْ وَاجْعَلْهُ مِنْ خُلَفَائِك الرّاشِدِينَ يَتْبَعُ هُدَى نَبِيّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَأَصْلِحْ لَهُ رَعِيّتَهُ
ثُمّ دَعَاهُ . فَقَالَ يَا عُمَرُ إنّ لِلّهِ حَقّا فِي اللّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ فِي النّهَارِ وَحَقّا فِي النّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللّيْلِ . وَإِنّهَا لَا تُقْبَلُ نَافِلَةٌ حَتّى تُؤَدّى فَرِيضَةٌ . وَإِنّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ بِاتّبَاعِهِمْ الْحَقّ وَثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ . وَحُقّ لِمِيزَانِ لَا يُوضَعُ فِيهِ غَيْرُ الْحَقّ غَدًا أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا . فَإِذَا حَفِظْت وَصِيّتِي ، لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبّ إلَيْك مِنْ الْمَوْتِ . وَهُوَ نَازِلٌ بِك . وَإِنْ ضَيّعْتهَا ، فَلَا غَائِبَ أَكْرَهَ إلَيْك مِنْهُ وَلَسْت تَعْجِزُهُ وَوَرِثَ مِنْهُ أَبُوهُ أَبُو قُحَافَةَ السّدُسَ .
وَلَمّا وَرَدَ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ بِاسْتِخْلَافِ عُمَرَ بَايَعُوهُ . ثُمّ سَارُوا إلَى " فَحْلٍ " بِنَاحِيَةِ الْأُرْدُنّ . وَقَدْ اجْتَمَعَ بِهَا الرّومُ . فَكَانَتْ وَقْعَةَ " فَحْلٍ " الْمَشْهُورَةَ وَنَصَرَ اللّهُ الْمُسْلِمِينَ . وَانْحَازَ الْمُشْرِكُونَ إلَى دِمَشْقَ .
حَوَادِثُ السّنَةِ الرّابِعَةَ عَشْرَةَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الرّابِعَةَ عَشْرَةَ وَفِيهَا : سَارُوا إلَى دِمَشْقَ وَعَلَيْهِمْ خَالِدٌ . فَأَتَى كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ بِعَزْلِ خَالِدٍ وَتَأْمِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرّاحِ .
وَفِيهَا : أَمَرَ عُمَرُ بِصَلَاةِ التّرَاوِيحِ جَمَاعَةً وَقَدِمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ فِي رَكْبٍ <205> مِنْ بَجِيلَةَ ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ بِالْخُرُوجِ إلَى الْعِرَاقِ ، فَسَارَ بِهِمْ جَرِيرٌ إلَى الْعِرَاقِ . فَلَمّا قَرُبَ مِنْ الْمُثَنّى بْنِ حَارِثَةَ كَتَبَ إلَيْهِ " أَقْبِلْ فَإِنّمَا أَنْتَ مَدَدٌ لِي " . فَقَالَ جَرِيرٌ أَنْتَ أَمِيرٌ وَأَنَا أَمِيرٌ . ثُمّ اجْتَمَعَا . فَكَانَتْ وَقْعَةَ الْبُوَيْبِ الْمَشْهُورَةَ .
ثُمّ إنّ عُمَرَ أَمّرَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقّاصٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ عَلَى الْعِرَاقِ ، وَكَتَبَ لَهُ وَأَوْصَاهُ فَقَالَ " يَا سَعْدَ بْنَ وُهَيْبٍ لَا يَغُرّنك مِنْ اللّهِ أَنْ قِيلَ خَالُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَصَاحِبُهُ . فَإِنّ اللّهَ لَا يَمْحُو السّيّئَ بِالسّيّئِ . وَلَكِنْ يَمْحُو السّيّئَ بِالْحَسَنِ . وَإِنّ اللّهَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ نَسَبٌ إلّا بِطَاعَتِهِ . فَالنّاسُ شَرِيفُهُمْ وَوَضِيعُهُمْ فِي ذَاتِ اللّهِ سَوَاءٌ . اللّهُ رَبّهُمْ وَهُمْ عِبَادُهُ . يَتَفَاضَلُونَ بِالْعَافِيَةِ . وَيُدْرِكُونَ مَا عِنْدَ اللّهِ بِالطّاعَةِ . فَانْظُرْ الْأَمْرَ الّذِي رَأَيْت عَلَيْهِ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُنْذُ بُعِثَ إلَى أَنْ فَارَقَنَا عَلَيْهِ . فَالْزَمْهُ . فَإِنّهُ الْأَمْرُ " وَكَتَبَ إلَى الْمُثَنّى وَجَرِيرٍ أَنْ يَجْتَمِعَا إلَيْهِ فَسَارَ سَعْدٌ بِمَنْ مَعَهُ . فَنَزَلَ بِشَرَافٍ وَاجْتَمَعَ إلَيْهِ النّاسُ .
حَوَادِثُ السّنَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ .
فَتْحُ الْقَادِسِيّةِ
فَلَمّا انْحَسَرَ الشّتَاءُ سَارَ سَعْدٌ إلَى الْقَادِسِيّةِ ، وَكَتَبَ إلَى عُمَرَ يَسْتَمِدّهُ . فَبَعَثَ إلَيْهِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ، فِي جَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ . وَكَتَبَ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنْ يَمُدّهُ بِأَلْفِ .
وَسَمِعَ بِذَلِكَ رُسْتُمُ بْنُ الفرخذان . فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا ، سِوَى التّبَعِ وَالرّقِيقِ حَتّى نَزَلَ الْقَادِسِيّةَ . وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ جِسْرُ الْقَادِسِيّةِ ، وَقِيلَ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ وَمَعَهُمْ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ فِيلًا . وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ حَتّى صَارُوا ثَلَاثِينَ أَلْفًا . فَكَانَتْ وَقْعَةَ الْقَادِسِيّةِ الْمَشْهُورَةَ الّتِي نَصَرَ اللّهُ فِيهَا الْمُسْلِمِينَ . وَهَزَمَ الْمُشْرِكِينَ .
فَلَمّا هَزَمَ اللّهُ الْفُرْسَ ، كَتَبَ عُمَرُ إلَى سَعْدٍ " أَنْ أَعِدّ لِلْمُسْلِمِينَ دَارَ هِجْرَةٍ . <206> وَإِنّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْعَرَبِ إلّا حَيْثُ يَصْلُحُ لِلْبَعِيرِ وَالشّاءِ وَفِي مَنَابِتِ الْعُشْبِ . فَانْظُرْ فَلَاةً إلَى جَانِبِ بَحْرٍ " .
فَبَعَثَ سَعْدٌ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَارْتَادَ لَهُمْ مَوْضِعَ الْكُوفَةِ الْيَوْمَ فَنَزَلَهَا سَعْدٌ بِالنّاسِ . ثُمّ كَتَبَ عُمَرُ إلَى سَعْدٍ " أَنْ ابْعَثْ إلَى أَرْضِ الْهِنْدِ - يُرِيدُ الْبَصْرَةَ - جُنْدًا فَلْيَنْزِلُوهَا " . فَبَعَثَ إلَيْهَا عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ حَتّى نَزَلُوهَا . وَهُوَ الّذِي بَصّرَ الْبَصْرَةَ .
وَفِي هَذِهِ السّنَةِ كَانَتْ وَقْعَةُ الْيَرْمُوكِ الْمَشْهُورَةُ بِالشّامِ .
وَخَرَجَ عُمَرُ إلَى الشّامِ ، وَنَزَلَ الْجَابِيَةَ . فَصَالَحَ نَصَارَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ - وَكَانُوا قَدْ أَبَوْا أَنْ يُجِيبُوا إلَى الصّلْحِ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ حَتّى يَكُونَ عُمَرُ يَعْقِدُونَ الصّلْحَ مَعَهُ - فَصَالَحَهُمْ . وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ إجْلَاءَ الرّومِ إلَى ثَلَاثٍ . وَاجْتَمَعَ إلَيْهِ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ .
فَلَمّا رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ وَضَعَ الدّيوَانَ . فَأَعْطَى الْعَطَايَا عَلَى مِقْدَارِ السّابِقَةِ . فَبَدَأَ بِالْعَبّاسِ حُرْمَةً لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . ثُمّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ .
حَوَادِثُ السّنَةِ السّادِسَةَ عَشْرَةَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ السّادِسَةَ عَشْرَةَ . فِيهَا : كَتَبَ عُمَرُ التّارِيخَ . وَاسْتَشَارَ الصّحَابَةَ فِي مَبْدَئِهِ . فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ نَبْدَأُ مِنْ بَدْءِ النّبُوّةِ . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مِنْ الْوَفَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مِنْ الْهِجْرَةِ . فَجَعَلَهُ مِنْ الْهِجْرَةِ .
حَوَادِثُ السّنَةِ السّابِعَةَ عَشْرَةَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ السّابِعَةَ عَشْرَةَ فَكَانَ فِيهَا فُتُوحٌ كَثِيرَةٌ شَرْقًا وَغَرْبًا .
وَفِيهَا فُتِحَتْ تُسْتَرُ الّتِي وُجِدَ فِيهَا جَسَدُ دَانْيَالَ عَلَيْهِ السّلَامُ . وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَسْتَسْقُونَ بِهِ .
<207> وَفِيهَا : تَزَوّجَ عُمَرُ أُمّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ طَلَبًا لِصِهْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
حَوَادِثُ السّنَةَ الثّامِنَةَ عَشْرَةَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الثّامِنَةَ عَشْرَةَ فِيهَا : أَصَابَ النّاسَ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ . وَتَسَمّى عَامُ الرّمَادَةِ لِكَثْرَةِ مَا هَلَكَ فِيهَا مِنْ النّاسِ وَالْبَهَائِمِ جَوْعًا . فَاسْتَسْقَى عُمَرُ بِالنّاسِ . وَسَأَلَ الْعَبّاسَ أَنْ يَدْعُوَ اللّهَ وَيُؤَمّنَ عُمَرُ وَالنّاسُ عَلَى دُعَائِهِ . فَأَزَال اللّهُ الْقَحْطَ . وَفِيهَا وَقَعَ طَاعُونُ عِمَوَاسٍ بِالشّامِ وَقَدْ هَلَكَ فِيهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا . وَمَاتَ فِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَامِرٍ الْجَرّاحُ ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ .
فَلَمّا بَلَغَ عُمَرَ مَوْتُهُمْ أَمّرَ عَلَى الشّامِ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ .
حَوَادِثُ السّنَةِ التّاسِعَةَ عَشْرَةَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ التّاسِعَةَ عَشْرَةَ فُتِحَ فِيهَا فُتُوحٌ كَثِيرَةٌ شَرْقًا وَغَرْبًا .
حَوَادِثُ السّنَةِ الْعِشْرُونَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الْعِشْرُونَ وَفِيهَا فُتِحَتْ مِصْرُ والإسكندرية . وَفِيهَا : أَجْلَى عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ إلَى أَذْرِعَاتٍ وَغَيْرِهَا .
حَوَادِثُ السّنَةِ الْحَادِيَةِ وَالْعِشْرِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ
وَفِيهَا كَانَ فَتْحُ نَهَاوَنْدَ وَأَمِيرُهَا النّعْمَانُ بْنُ مُقَرّنٍ ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ .
وَفِيهَا : مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ بِحِمْصِ .
<208> وَفِيهَا : مَاتَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ ، وَطُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيّ - الّذِي كَانَ تَنَبّأَ . ثُمّ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَأَبْلَى فِي قِتَالِ الْفُرْسِ بَلَاءً حَسَنًا - قُتِلَا مَعَ النّعْمَانِ بْنِ مُقَرّنٍ بِنَهَاوَنْدَ .
حَوَادِثُ السّنَةِ الثّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الثّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ
وَفِيهَا ، دَخَلَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ خُرَاسَانَ ، وَحَارَبَ يَزْدَجْرِدْ آخِرَ مُلُوكِ الْفُرْسِ . فَهَزَمَهُ اللّهُ فِيهَا .
وَفِيهَا : اعْتَمَرَ عُمَرُ . فَتَلَقّاهُ نَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ - وَكَانَ عَامِلَهُ عَلَى مَكّةَ - فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَنْ خَلَفْت ؟ قَالَ ابْنَ أَبْزَى ، قَالَ عُمَرُ وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى ؟ قَالَ مَوْلًى لَنَا . قَالَ وَمَوْلًى أَيْضًا ؟ قَالَ إنّهُ قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ . فَقَالَ عُمَرُ سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ إنّ اللّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْقُرْآنِ أَقْوَامًا ، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ
حَوَادِثُ السّنَةِ الثّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الثّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ
وَفِيهَا : قُتِلَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . فِي صَلَاةِ الصّبْحِ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحَجّةِ . وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَحَدِ هِلَالَ الْمُحَرّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ . وَلَمّا رَجَعَ مِنْ الْحَجّ فِي آخِرِهَا قَامَ خَطِيبًا . فَقَالَ إنّي رَأَيْت كَأَنّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، وَلَا أَرَى ذَلِك إلّا حُضُورُ أَجَلِي .
ثُمّ خَرَجَ إلَى السّوقِ فَلَقِيَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيّ ، غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ . وَكَانَ صَانِعًا يَعْمَلُ الْأَرْحَاءَ . فَقَالَ لَهُ أَلَا تُكَلّمُ مَوْلَايَ يَضَعُ عَنّي مِنْ خَرَاجِي ؟ قَالَ وَكَمْ خَرَاجُك ؟ قَالَ دِينَارٌ . قَالَ إنّك لَعَامِلٌ مُحْسِنٌ فَقَالَ وَسِعَ النّاسَ عَدْلُك وَضَاقَ بِي ، وَأَضْمَرَ قَتْلَ عُمَرَ فَاصْطَنَعَ لَهُ خَنْجَرًا ذَا حَدّيْنِ وَشَحَذَهُ وَسَمّهُ . ثُمّ أَتَى بِهِ الْهُرْمُزَانَ . فَقَالَ كَيْفَ تَرَى هَذَا ؟ قَالَ أَرَى أَنّك لَا تَضْرِبُ بِهِ أَحَدًا إلّا قَتَلَهُ .
<209> فَلَمّا كَبّرَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي صَلَاةِ الصّبْحِ طَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ . وَقِصّةُ مَقْتَلِهِ فِي الصّحِيحَيْنِ .
وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَسِتّةَ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَ لَيَالٍ أَوْ خَمْسٍ . وَبِمَوْتِهِ انْفَتَحَ بَابُ الْفِتْنَةِ إلَى الْيَوْمِ .
وَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلّامٍ لِعُمَرِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا : إنّي أَرَى فِي التّوْرَاةِ : أَنّك بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنّمَ قَالَ فَسّرْ لِي قَالَ أَنْتَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِهَا مُغْلَقًا ، لِئَلّا يَقْتَحِمَهَا النّاسُ ؟ فَإِذَا مُتّ انْفَتَحَ
وَفَتَحَ اللّهُ عَلَى يَدَيْهِ كُلّ بِلَادِ الْكُفّارِ أَلْفًا وَسِتّةً وَثَلَاثِينَ مَدِينَةً . وَخَرّبَ أَرْبَعَةَ آلَافِ بِيعَةً وَكَنِيسَةٍ . وَبَنَى أَرْبَعَةَ آلَافِ مَسْجِدٍ . وَدَوّنَ الدّوَاوِينَ وَمَصّرَ الْأَمْصَارَ وَوَضَعَ الْخَرَاجَ وَأَرّخَ التّارِيخَ . وَلَهُ الْفَضَائِلُ الْمَشْهُورَةُ وَالسّوَابِقُ الْمَأْثُورَةُ . رَحِمَهُ اللّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ .
حَوَادِثُ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِين
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الرّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ
فَاسْتَخْلَفَ فِيهَا عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . لِغُرّةِ هِلَالِ الْمُحَرّمِ - أَوْ لِثَلَاثِ الْمُحَرّمِ - بَعْدَ دَفْنِ عُمَرَ بِثَلَاثَةِ أَيّامٍ .
أَسْلَمَ قَدِيمًا . وَكَانَ مِنْ ذَوِي السّابِقَةِ وَمِنْ ذَوِي الشّرَفِ وَالْعِلْمِ . هَاجَرَ <210> الْهِجْرَتَيْنِ . وَصَلّى الْقِبْلَتَيْنِ . وَزَوّجَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الِابْنَتَيْنِ . وَلَمْ يَنْكِحْ ابْنَتَيْ نَبِيّ مِنْ آدَمَ إلَى قِيَامِ السّاعَةِ غَيْرُهُ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُقَدّمُهُ وَيَسْتَحْيِ مِنْهُ وَيَقُولُ مَا لِي لَا أَسْتَحِي مِمّنْ تَسْتَحِي مِنْهُ مَلَائِكَةُ السّمَاءِ ؟
وَفِي هَذِهِ السّنَةِ تُوُفّيَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ وَأُمّ الْفَضْلِ زَوْجَةُ الْعَبّاسِ وَأُمّ أَيْمَنَ بَرَكَةُ مَوْلَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَرَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ .
حَوَادِثُ سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ .
فَتُوُفّيَ فِيهَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُمّ مَكْتُومٍ الْمُؤَذّنُ وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبِ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيّ ، الّذِي حَزَرَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ . ثُمّ تَعَاهَدَ هُوَ وَصَفْوَانُ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيّ عَلَى اغْتِيَالِ رَسُولِ اللّهِ . فَذَهَبَ إلَى الْمَدِينَةِ بِدَعْوَى افْتِدَاءِ ابْنِهِ وَهْبٍ الّذِي كَانَ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ . فَلَمّا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَصّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ مَا تَعَاهَدَ هُوَ وَصَفْوَانُ عَلَيْهِ . فَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقّ وَأَسْلَمَ .
وَفِيهَا تُوُفّيَ عُرْوَةُ بْنُ حِزَامٍ الْعَاشِقُ .
حَوَادِثُ سَنَةِ سِتّ وَعِشْرِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ السّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ .
وَفِيهَا غَزَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ إفْرِيقِيّةَ وَمَعَهُ الْعَبَادِلَةُ - عَبْدُ اللّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ قَيْسٍ ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ الْحُصَيْنِ . وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَيْرِ - فَلَقِيَ جِرْجِسَ مَلِكَ الْبَرْبَرِ فِي مِائَتَيْ أَلْفٍ . فَقُتِلَ جِرْجِسُ قَتَلَهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَيْرِ . وَفَتَحَ اللّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .
وَفِيهَا : مَاتَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ الّذِي تَكَلّمَ بَعْدَ الْمَوْتِ . وَكَانَ مِنْ كَلَامِهِ خَلَتْ لَيْلَتَانِ . وَبَقِيَتْ أَرْبَعٌ بِئْرُ أَرِيسٍ وَمَا بِئْرُ أَرِيسٍ ؟ .
وَفِيهَا اعْتَمَرَ عُثْمَانُ فَكَلّمَهُ أَهْلُ مَكّةَ أَنْ يُحَوّلَ السّاحِلَ إلَى جُدّةَ . وَقَالُوا : هِيَ أَقْرَبُ إلَى مَكّةَ وَأَوْسَعُ . وَكَانُوا يُرْسِلُونَ قَبْلَ ذَلِك فِي الشّعَيْبَةِ . فَخَرَجَ عُثْمَانُ <211> إلَى جُدّةَ فَرَآهَا ، وَحَوّلَ السّاحِلَ إلَيْهَا .
حَوَادِثُ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ السّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ .
وَفِيهَا - عَلَى قَوْلِ ابْنِ جَرِيرٍ - كَانَ فَتْحُ إفْرِيقِيّةَ وَالْأَنْدَلُسِ عَلَى يَدِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ .
وَفِيهَا : عَزَلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَنْ مِصْرَ ، وَوَلّى عَلَيْهَا عَبْدَ اللّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ .
وَفِيهَا : مَاتَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ .
حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الثّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ .
فِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْبَحْرَ وَمَعَهُ عُبَادَةُ بْنُ الصّامِتِ ، وَامْرَأَتُهُ أُمّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ - أُخْتُ أُمّ سُلَيْمٍ - فَسَقَطَتْ عَنْ دَابّةٍ لَهَا فَهَلَكَتْ . وَهِيَ الّتِي نَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِهَا وَقْتَ قَيْلُولَةٍ . فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَسَأَلَتْهُ ؟ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أُمّتِي عُرِضُوا عَلَيّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرّةِ - أَوْ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرّةِ - فَقَالَ اُدْعُ اللّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَقَالَ أَنْتِ مِنْهُمْ . ثُمّ نَامَ . ثُمّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَسَأَلَتْهُ ؟ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ . فَقَالَتْ اُدْعُ اللّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَقَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوّلِينَ .
وَفِيهَا : غَزَا مُعَاوِيَةُ قُبْرُصَ . فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا .
حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ التّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ .
فِيهَا : شَكَا النّاسُ إلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ ضِيقَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ، فَأَمَرَ بِتَوْسِعَتِهِ وَبَنَاهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقُصّةِ - وَهِيَ الْجِصّ - وَفِيهَا وُسّعَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ كَذَلِكَ .
<212> وَفِيهَا : مَاتَ سُلَيْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَلّاهُ قَضَاءَ الْمَدَائِنِ ، فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَمْ يَخْتَصِمْ إلَيْهِ اثْنَانِ .
حَوَادِثُ سَنَةِ ثَلَاثِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثِينَ . وَفِيهَا وَقَعَ خَاتَمُ رَسُولِ اللّهِ مِنْ يَدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ فَنُزِحَتْ وَلَمْ يُوجَدْ . فَحَزِنَ لِذَلِكَ أَشَدّ الْحُزْنِ . فَوَقَعَ مِنْ الرّعِيّةِ الْخَلَلُ عَلَى عُثْمَانَ بَعْدَهَا . وَفِيهَا : غَزَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ مِنْ الْكُوفَةِ خُرَاسَانَ ؟ وَمَعَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ، وَالْحَسَنُ ، وَالْحُسَيْنُ ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَيْرِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ . وَفِيهَا : كَانَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ أَبِي ذَرّ الْغِفَارِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَشِدّةِ إنْكَارِهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشّامِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَالتّوَسّعِ فِيمَا أَبَاحَ لَهُمْ وَأَفَاءَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَمْوَالِ . وَأَنّهُ يَرَى : أَنْ لَا يَبِيتَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعِنْدَهُ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ وَإِلّا كَانَ مِنْ الّذِينَ يَكْنِزُونَ الذّهَبَ وَالْفِضّةَ .
فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ فِي شَأْنِهِ إلَى عُثْمَانَ . فَكَتَبَ عُثْمَانُ بِإِشْخَاصِ أَبِي ذَرّ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَمُحَاوَلَةِ بَعْضِ دُعَاةِ الْفِتْنَةِ الِالْتِفَافَ حَوْلَ أَبِي ذَرّ . فَهَرَبَ مِنْهُمْ إلَى الرّبَذَةِ عُثْمَانُ وَفِيّ طَاعَتِهِ . وَأَقَامَ بِهَا حَتّى مَاتَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . وَفِيهَا : زَادَ عُثْمَانُ النّدَاءَ الثّالِثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الزّوْرَاءِ حِينَ كَثُرَ النّاسُ . فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْيَوْمِ . وَالزّوْرَاءُ دَارٌ كَانَتْ لَهُ بِالْمَدِينَةِ . وَفِيهَا : مَاتَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ : سَيّدُ الْقُرّاءِ وَأَحَدُ الْقُرّاءِ الْأَرْبَعَةِ .
حَوَادِثُ سَنَةِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الْحَادِيَةُ وَالثّلَاثُونَ . وَفِيهَا : قُتِلَ يَزْدَجْرِدْ آخِرُ مُلُوكِ الْفُرْسِ ، وَهُوَ الّذِي مَزّقَ كِتَابَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الّذِي دَعَاهُ فِيهِ إلَى الْإِسْلَامِ . فَدَعَا عَلَيْهِ أَنْ يُمَزّقَ اللّهُ مُلْكَهُ . <213> وَفِيهَا : فَتَحَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيّ أَرْمِينِيّةَ .
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ : كَانَ فِي هَذِهِ السّنَةِ غَزْوَةُ الصّوَارِي فِي الْبَحْرِ . وَكَانَ فِيهَا : مُحَمّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَمُحَمّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ . فَأَظْهَرَا عَيْبَ عُثْمَانَ وَمَا غَيّرَ وَمَا خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ . وَيَقُولَانِ دَمُهُ حَلَالٌ .
حَوَادِثُ سَنَةِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الثّانِيَةُ وَالثّلَاثُونَ . فِيهَا : غَزَا مُعَاوِيَةُ بِلَادَ الرّومِ ، حَتّى بَلَغَ مَضِيقَ القسطنطينية . وَفِيهَا : مَاتَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيّ وَأَبُو ذَرّ الْغِفَارِيّ - جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ - وَالْعَبّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ . رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ .
حَوَادِثُ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الثّالِثَةُ وَالثّلَاثُونَ . وَفِيهَا : ذَكَرَ أَهْلُ الْعِرَاقِ عُثْمَانَ بِالسّوءِ وَتَكَلّمُوا فِيهِ بِكَلَامِ خَبِيثٍ فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ فَكَتَبَ فِي أَمْرِهِمْ إلَى عُثْمَانَ . فَكَتَبَ يَأْمُرُهُ بِإِجْلَائِهِمْ إلَى الشّامِ . فَلَمّا قَدِمُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ أَكْرَمَهُمْ وَتَأَلّفَهُمْ . وَنَصَحَهُمْ . فَأَجَابَهُ مُتَكَلّمُهُمْ بِكَلَامِ فِيهِ شَنَاعَةٌ . ثُمّ نَصَحَهُمْ فَتَمَادَوْا فِي غَيّهِمْ وَجَهَالَتِهِمْ وَشَرّهِمْ . فَنَفَاهُمْ مُعَاوِيَةُ عَنْ الشّامِ .
وَكَانُوا عَشْرَةً كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ وَالْأَشْتَرُ النّخَعِيّ - مَالِكُ بْنُ يَزِيدَ - وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ النّخَعِيّ ، وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ النّخَعِيّ ، وَجُنْدُبُ بْنُ زُهَيْرٍ الْعَامِرِيّ ، وَجُنْدُبُ بْنُ كَعْبٍ الْأَزْدِيّ ، وَعُرْوَةُ بْنُ الْجَعْدِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَمَقِ الْخُزَاعِيّ ، وَصَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ وَأَخُوهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ ، وَابْنُ الْكَوّاءِ . فَأَوَوْا إلَى الْجَزِيرَةِ . وَاسْتَقَرّوا بِحِمْصِ . حَتّى كَانَتْ الْفِتْنَةُ الّتِي قَادُوهَا لِقَتْلِ عُثْمَانَ . وَفِيهَا : مَاتَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ .
حَوَادِثُ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ
<214> ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الرّابِعَةُ وَالثّلَاثُونَ فِيهَا : تَكَاتَبَ الْمُنْحَرِفُونَ عَنْ عُثْمَانَ - وَكَانَ جُمْهُورُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ - وَتَوَاعَدُوا أَنْ يَجْتَمِعُوا لِمُنَاظَرَتِهِ فِيمَا نَقَمُوا عَلَيْهِ . فَبَعَثُوا إلَيْهِ مِنْهُمْ مَنْ يُنَاظِرُهُ فِيمَا فَعَلَ مِنْ تَوْلِيَةِ مَنْ وَلّى وَعَزْلِ مَنْ عَزَلَ . حَتّى شَقّ عَلَيْهِ ذَلِكَ جِدّا فَبَعَثَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فَأَحْضَرَهُمْ عِنْدَهُ . وَاسْتَشَارَهُمْ . فَكُلّ أَشَارَ بِرَأْيِ ثُمّ انْتَهَى الْأَمْرُ بِأَنْ قَرّرَ عُمّالَهُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ . وَتَأَلّفَ قُلُوبَ هَؤُلَاءِ .
وَأَمَرَ بِهِمْ أَنْ يُبْعَثُوا إلَى الْغَزْوِ وَإِلَى الثّغُورِ . فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ مِنْ التّمَادِي فِي غَيّهِمْ . وَفِيهَا : تُوُفّيَ أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيّ ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصّامِتِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا .
حَوَادِثُ سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ
ثُمّ دَخَلَتْ السّنَةُ الْخَامِسَةُ وَالثّلَاثُونَ . وَفِيهَا مَاتَ مِنْ الصّحَابَةِ عَمّارُ بْنُ رَبِيعَةَ ، أَسْلَمَ قَدِيمًا وَشَهِدَ بَدْرًا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . وَفِيهَا : كَانَ خُرُوجُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى عُثْمَانَ . وَأَصْلُ الْفِتْنَةِ وَمَنْبَعُهَا : كَانَ مِنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَبَأٍ - رَجُلٍ يَهُودِيّ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ ، أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ لِيُخْفِيَ بِهِ حِقْدَهُ عَلَيْهِ وَكُفْرَهُ بِهِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ - وَكَانَ يَنْتَقِلُ فِي بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ أَوّلَ ضَلَالَتِهِمْ . فَبَدَأَ بِالْحِجَازِ ، ثُمّ الْبَصْرَةِ ، ثُمّ الْكُوفَةِ ثُمّ الشّامِ . فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَا يُرِيدُ . فَأَخْرَجُوهُ حَتّى أَتَى مِصْرَ فَغَمَزَ عَلَى عُثْمَانَ وَقَادَ الْفِتْنَةَ . وَأَشْعَلَ نَارَهَا ، مُحَادّةً لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ حَتّى كَانَتْ الْبَلِيّةُ الْكُبْرَى بِمُحَاصَرَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَاغْتِيَالِهِ وَهُوَ يَتْلُو كِتَابَ اللّهِ تَعَالَى .
وَكَانَ بِيَدِ أُولَئِكَ الْمُجْرِمِينَ الْخَوَارِجِ فِي ذِي الْحَجّةِ مِنْ هَذِهِ السّنَةِ . رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . وَبِقَتْلِهِ وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ الْعَظِيمَةُ الّتِي أَخْبَرَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالنّاسُ فِي بَقَايَا مِنْ شَرّهَا إلَى الْيَوْمِ . وَيُرْوَى : أَنّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ صَلّى فِي اللّيْلَةِ الّتِي حُوصِرَ فِيهَا وَنَامَ فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ قُمْ فَاسْأَلْ أَنْ يُعِيذَك مِنْ الْفِتْنَةِ الّتِي أَعَاذَ مِنْهَا صَالِحِي عِبَادِهِ . <215> فَقَامَ فَصَلّى ، وَدَعَاهُ . فَاشْتَكَى . فَمَا خَرَجَ إلّا جِنَازَتُهُ .
قَالَ أَهْلُ السّيَرِ لَمّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ مَا كَانَ قَعَدَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي بَيْتِهِ فَأَتَاهُ النّاسُ وَهُمْ يَقُولُونَ عَلِيّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ إلَيْكُمْ إنّمَا هُوَ إلَى أَهْلِ بَدْرٍ . فَأَتَاهُ أَهْلُ بَدْرٍ . فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيّ خَرَجَ فَبَايَعَهُ النّاسُ . وَلَمْ يَدْخُلْ فِي طَاعَتِهِ مُعَاوِيَةُ وَأَهْلُ الشّامِ . فَهَمّ عَلِيّ بِالشّخُوصِ إلَيْهِمْ .
وَقْعَةُ الْجَمَلِ
وَبَلَغَ الْخَبَرُ عَائِشَةَ - وَهِيَ حَاجّةٌ - وَمَعَهَا طَلْحَةُ ، وَالزّبَيْرُ . فَخَرَجُوا إلَى الْبَصْرَةِ يُرِيدُونَ الْإِصْلَاحَ بَيْنَ النّاسِ وَاجْتِمَاعَ الْكَلِمَةِ . وَأَرْسَلَ عَلِيّ عَمّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَابْنَهُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِي ّ إلَى الْكُوفَةِ يَسْتَنْفِرُونَ النّاسَ لِيَكُونُوا مَعَ عَلِيّ فَاسْتَنْفَرُوهُمْ . فَنَفَرُوا .
وَخَرَجَ عَلِيّ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي سِتّمِائَةِ رَجُلٍ . فَالْتَقَى - هُوَ وَالْحَسَنُ - بِذِي قَارٍ ثُمّ الْتَقَوْا - وَهُوَ وَطَلْحَةُ وَالزّبَيْرُ - قُرْبَ الْبَصْرَةِ وَكَانَ فِي الْعَسْكَرَيْنِ نَاسٌ مِنْ الْخَوَارِجِ . فَخَافُوا مِنْ تَمَالُؤِ الْعَسْكَرَيْنِ عَلَيْهِمْ . فَتَحَيّلُوا حَتّى أَثَارُوا الْحَرْبَ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَأْيٍ . فَكَانَتْ وَقْعَةَ الْجَمَلِ الْمَشْهُورَةَ لِأَنّ عَائِشَةَ كَانَتْ فِي هَوْدَجٍ . عَلَى جَمَلٍ . وَعُقِرَ الْجَمَلُ ذَلِكَ الْيَوْمِ . فَأَمَرَ عَلِيّ بِحَمْلِ الْهَوْدَجِ فَحَمَلَهُ مُحَمّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، وَعَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ . فَأَدْخَلَ مُحَمّدٌ يَدَهُ فِي الْهَوْدَجِ فَقَالَتْ مَنْ ذَا الّذِي يَتَعَرّضُ لِحَرَمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ؟ أَحْرَقَهُ اللّهُ بِالنّارِ . قَالَ يَا أُخْتَاهُ قُولِي بِنَارِ الدّنْيَا . فَقَالَتْ بِنَارِ الدّنْيَا ، فَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ
وَكَانَتْ وَقْعَةُ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سِتّ وَثَلَاثِينَ . ثُمّ الْتَقَى عَلِيّ وَعَائِشَةُ . فَاعْتَذَرَ كُلّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ . ثُمّ جَهّزَهَا إلَى الْمَدِينَةِ . وَأَمَرَ لَهَا بِكُلّ شَيْءٍ يَنْبَغِي لَهَا . وَأَرْسَلَ مَعَهَا أَرْبَعِينَ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْمَعْرُوفَاتِ . <216> وَفِي هَذِهِ السّنَةِ مَاتَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ، وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللّه ِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ .
حَوَادِثُ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ
ثُمّ دَخَلَت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حماده مرسى
مراقب بالمنتدي
مراقب بالمنتدي
حماده مرسى


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 939
المجهود والاسهام في المنتدي : 1398
تاريخ التسجيل : 31/01/2010
علم الدولة : مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير EgyptC

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير Empty
مُساهمةموضوع: رد: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير Emptyالسبت أبريل 24, 2010 5:39 pm




سلمت و سلمت يداك يا أ / عمرو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hamadamorsy.maktoobblog.com/about-g-a-g-h/
عمرو عبدالرازق
مشرف عام
مشرف عام
عمرو عبدالرازق


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1252
المجهود والاسهام في المنتدي : 1633
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
العمر : 42
علم الدولة : مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير EgyptC

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير Empty
مُساهمةموضوع: رد: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير Emptyالأحد أبريل 25, 2010 3:32 am

ربنا يخليك ياحماده
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد فوزي السنبسي
مؤسس المنتدي
مؤسس المنتدي
محمد فوزي السنبسي


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 620
المجهود والاسهام في المنتدي : 1047
تاريخ التسجيل : 01/10/2009
العمر : 32
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : طالب جامعي
علم الدولة : تحيا مصر

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير Empty
مُساهمةموضوع: رد: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير Emptyالأحد أبريل 25, 2010 4:46 am

اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد صلاة كما تحب وترضي يا رب العالمين
اللهم صلي علي محمد في الأولين وصلي علي محمد في الاخرين وصلي علي محمد في كل وقت وحين امين امين امين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abnaaelsanabsa.rigala.net
 
مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء العاشر والاخير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الاول
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي أبناء السنابسة  :: اسلاميات :: قسم السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: