كيف اتوب 3 Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي أبناء السنابسة

[[[ فكر متجدد *** ونقاش بنـّاء *** وعطاء بلا حدود ]]]
 
الرئيسيةشات منتدي أبناءأحدث الصورالتسجيلدخول
قوانين المنتدي ............... بسم الله الرحمن الرحيم السادة الاعزاء اعضاء وزوار المنتدي المنتدي هو منتدي الجميع وليس منتدي احد بعينه فساهموا معنا للنهوض به وجعله علي المستوي الذي يليق بنا ................. السادة الاعضاء الرجاء عند التسجيل عدم التسجيل باسماء رمزية والتسجيل بألاسماء الحقيقية حتي نتمكن من معرفة من هو متصل معنا ................... اسادة الاعضاء والزوار اي وجهة نظر علي المنتدي تعبر عن وجهة نظر صاحبها وإدارة المنتدي غير مسؤولة عن وجهات نظر اعضاء المنتدي ...............السادة الاعضاء برجاء عند المشاركة في المنتدي عدم التجريح في احد وعدم التشهير بأحد ................. أي موضوع يخالف هذه القوانين سيتم حذفه من قبل الادارة دون الرجوع الي صاحب الموضوع .................. وتقبلوا تحيات ادارة المنتدي وأتمني لكم مشاركات سعيدة
 
أذكر الله
الساعة الان
الساعة الان

بتوقيت السنابسة - جميع الحقوق محفوطة منتدي ابناء السنابسة2010

مواضيع مماثلة
    احصائيات
    هذا المنتدى يتوفر على 281 عُضو.
    آخر عُضو مُسجل هو Hany el asshry فمرحباً به.

    أعضاؤنا قدموا 5853 مساهمة في هذا المنتدى في 1156 موضوع
    زوار المنتدي
    free counters

     

     كيف اتوب 3

    اذهب الى الأسفل 
    2 مشترك
    كاتب الموضوعرسالة
    كريم
    عضو برونزي
    عضو برونزي
    كريم


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 67
    المجهود والاسهام في المنتدي : 100
    تاريخ التسجيل : 18/05/2010
    العمر : 42
    العمل/الترفيه العمل/الترفيه : غرفة شركات ووكالات السفر والسياحه
    علم الدولة : كيف اتوب 3 EgyptC

    كيف اتوب 3 Empty
    مُساهمةموضوع: كيف اتوب 3   كيف اتوب 3 I_icon_minitimeالسبت مايو 22, 2010 9:53 pm

    العائق الثاني من عوائق التوبة: استثقال التوبة واستصعاب الالتزام:

    وهذا من فعل الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء.. بعض الناس إذا قلت له: تب.. قال لك: إن هذا عليّ صعب عسير.. فمثلا ترى المدخن يقول: إنّ لي عشرين عاما وانا أدخن.. أنا أنوي التوبة من التدخين.. ولكن كيف اتوب وقد تسرب هذا السم الى جسمي وصرت لا أستطيع التخلص من أسره..؟؟

    ويقول لك آخر: إنني مذ عرفت عيناي الرؤية وأنا أنظر الى النساء.. فكيف أتوب وآخر: كيف أنتهي عن الكذب والنميمة..؟؟ ورابع يقول: إنني طوال حياتي أرسم للناس صورة خيالية عن نفسي ولا أستطيع أن أهدم تلك الصورة الآن..

    إنهم وفي قرارة أنفسهم يعلمون أنهم مخطئون.. ولكنهم يحتجون أو يتبججون.. فيقولون.. إنّ الملتزمين قد حرموا كل شيء.. السجائر.. الخمر.. الموسيقى... الشم.. الهيروين.. كلّ هذا حرام.. فما بقي لنا..

    سبحان الله العظيم.. فكيف السبيل للتحاور مع هؤلاء.. كيف تقول لهم إنّ الحرام أشياء معدودة وهو ما حرمه الشرع ولم يحرمه الملتزمون.. أما الحلال فلا سبيل الى حصره..

    إننا نتناسى أن الأصل أن تعيش لله وبالله... ولا تستثقل الالتزام مثل أن تقوم لتصلي الفجر في حين تعودت أن تنام حتى الظهر.. ألا ترى أنه من الخسران أنك قد حولت لياك الى نهار.. ونهارك الى ليل.. هذا في حين يقول خالقك في كتابه العزيز:{ وجعلنا الليل لباسا* وجعلنا النهار معاشا} [النبأ: 10 -11] وقال:{ من إله غير الله يأتيكم بليل فيه تسكنون} [القصص: 72].

    فالليل سكون.. وأنت قد قلبت السكون الى ضجيج وموسيقى.. وعشت لياك نهارا.. عندها لن يكفيك نوم النهار كله.. ولكن إذا حاولت ضبط نفسك.. فتنام مبكرا وتستيقظ مبكرا.. كما قالت أم المؤمنين عائشة: عجبت لمن ينام عن صلاة الضبح كيف يرزق..؟ فبعد صلاة الصبح تقسم الأرزاق.. أنت تنام ولا تصلي والله برزقك.. ألا تخجل من نفسك..؟! تعصي الله وهو يمهلك..

    والسؤال الآن: كيف يمكن الخلاص من استثقال التوبة واستصعاب الالتزام..؟

    عليك الآن بالآتي:

    1- دفع التسويف:

    فورا وبلا تردد.. والتوبة بادي الرأي.. ألا تفكر قبل أن تتوب... وأن تسلم لله سبحانه وتعالى.. وانظر لكلمة اشتهرت عن سيدنا علي رضي الله عنه ـ ولا نعلم مدى صحتها بالنسبة إليه ـ .. أنه لما عرف الاسلام قال له الرسول صلى الله عليه وسلم:" ألا تستشير والديك..؟" قال: وهل استشار الله سبحانه وتعالى ولدي حين خلقني..؟

    إنّ أحدهم إذا قلت له: تعل لتصلي العصر قال لك: سوف أصلي ركعتين استخارة أولا.. فيم تستخير..؟ وعلام..؟

    إن الواجب عليك أن تتوب.. الآن وبلا تسويف.. فإنّ التوبة فرض.. واجب.. هل تفكر ما إذا كنت تتوب أم لا..؟ إنّ هذا كمن يستفتي الناس فيما شرع الله هل صحيح أم لا؟

    إنها أومر الله.. وقد هداك النجدين.. إما أن تطيع أو أن تعصي.. فهل ستطيع أم أنك ستعصي..

    واعلم أنّ أول علاج لاستثقال التوبة واستصعاب الالتزام هو دفع التسويف فورا.. وتحرير النية.

    2- الصدق مع الله:

    إذا صدقت مع الله فسيعوّضك الله خيرا مما تركت.. فمن ترك العمل في البنوك الربوية لله روقه الله من حيث لا يحتسب.. فسبحانه الذي يطعم ولا يطعم.. وهو الذي قال:{ وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون* ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون* إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [الذاريات: 56-58].

    وسبحانه قال:{وفي السماء رزقكم وما توعدون* فوربّ السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} [الذاريات: 22- 23].

    وعز من قائل:{ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها، كلّ في كتاب مبين} [هود :16].

    سبحانه قال:{ وقدّر فيها أقواتها} [فصّلت 10].

    أتخاف أن يجيعك الله..؟ وأنت لا تنظر ماذا قدّمت.. ماذا فعلت من عمل لأجله..؟؟ يجب عليك أولا الصدق مع الله.. أصدق الله يصدقك.. تب لله صادقا يكفيك كلّ ما أهمّك.. { ومن يتق الله يجعل له مخرجا*ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق:2-3].

    واعلم أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته..


    3- التبرؤ من الحول والقوة:

    أن تتبرأ من كل حول وقوة.. وأن تستشعر الإعانة والمعية.. وحسن الظن بـ الله سبحانه وتعالى.. إنّ كلّ صهب بحول الله وقوته يصير سهلا.. فإذا استعنت بالله أعانك.. والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.. فهو قادر على أن تبيت وأنت تحب المعاصي وتصبح وأنت تكرهها.. وما يدريك..

    إنّ التبرؤ من الحول والقوة أن تدع حولك وقوتك.. عزيمتك وهمّك وأن تستعين بالملك القادر.. القاهر.. أن تستعين به..

    لما هدّد شعيب:{ قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنّك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودنّ في ملتنا، قال أولو كنا كارهين* قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجّانا الله منها، وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا، وسع ربنا كل شيء علما، على الله توكلنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} [ الأعراف: 88-89] هكذا تتبرأ من الحول والقوة بقول على الله توكلنا...

    انتهت القضية.. اصنعوا ما شئتم قالها نوح من قبل { فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا اليّ ولا تنظرون} [يونس:71].

    وقالها هود عليه السلام:{ فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون* إني توكلت على الله ربي وربكم} [هود:55-56].

    كما قلنا من قبل إن نواصينا ونواصي أعدائنا في يد ملك واحد.. في يد رب واحد.. يصنع بنا وبهم كيف يشاء.. لذلك تبرأ من حولك وقوتك واستشعر معية الله {وهو معكم أين ما كنتم } [الحديد:4] بعلمه وإحاطته وحوله وقوته معك {وإذا سألك عبادي عني قإني قريب} [ البقرة :186].. وقال صلى الله عليه وسلم:" احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك". أخرجه الترمذي (2516) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع وقال حسن صحيح.

    أيها الأحبة في الله: لاستشعار المعية انظر وقارن بين قول الله عز وجل:{ أرأيت إن كان على الهجى* أو أمر بالتقوى* أرأيت إن كذّب وتولّى* ألم يعلم بأن الله يرى} [العلق: 11-14].

    في مقابلها لما قال موسى عليه السلام لربه:{ قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى* قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} [طه: 45-46].

    قارن بين الآيتين: في الأولى{ ألم يعلم بأن الله يرى} [العلق:14] على سبيل التهديد والوعيد، وفي الأخرى على سبيل تثبيت القلب وإطمئنانه والركون إليه وصدق اللجوء إليه..

    في حال المعصية تتذكر:{ ألم يعلم بأن الله يرى} أي سينتقم إن لم ترجع في الثانية حال كونك تتوب تتذكر
    { لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} معية رحمة وإعانة وتوفيق وتسديد وهداية..

    العائق الثالث من عواءق التوبة: الاعتذار والتعلل والبحث عن المبررات:

    من أخطر عوائق التوبة تزيين الشيطان عندما تقول لإمرأة إنّك متبرّجة لم لا ترتدين الخمار.. تقول لك إنها ظروف إنّ زوجي لا يرضى وأبي لا يرضى.. وهذا هو البحث عن المبرر.. وإذا سألت حليق اللحية: لم تحلقها..؟ يقول: طاعة الأب.. وبرّ الوالدين فرض.. مبررات.. إنه الهوى.. أو ما يسمى بالمنطق التبريري وهو أكبر مرض يواجه شباب الصحوة..

    تزيين الشيطان:{ أفمن زيّن له سوء عمله فرءاه حسنا} [فاطر:8] نجد هذا يطيل ثوبه ويقول إنه لا يطيله بسبب الكبر.. وإذا كانت الموضة تأمر بأن يكون رداء الرجل حتى الركبة لاتبعها الجميع ويتناسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما يقول إسبال الثوب، إسبال في النار.. فههنا تخرج علينا المبررات.. هذا هو تزيين الشيطان..

    والعلاج الدافع لهذا السبب: طلب العلم، واتهام النفس.

    العائق الرابع: الاغترار بستر الله وتوالي نعمه.

    فإذا أذنب العبد الذنب وستره الله.. فيظن أن الستر إنما كان بحسن تخطيطه.. ولم يفكر أن القضية ليست بحسن التخطيط وإنما القضية بستر الحلم عليه..

    وعلاج هذا الخوف من العقوبة بهتك الستر المسبل عليك.. والعلم بأن الإمهال استدراج قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحبّ وهو مقيك على معاصيه فاعلم إنما ذلك منه إستدراج" أخرجه الامام أحمد (16860) في مسند الشاميين، وقال الشيخ الألباني رحمه الله إسناده جيد "مشكاة المصابيح" (5201).

    وقال تعالى:{ فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون* وأملي لهم، إنّ كيدي متين} [القلم:44-45]. لله المثل الأعلى لكننا سنطرح هنا مثالا.. بموظف دخل في مرة ووجد نقودا في درج المكتب الخاص للمدير فأخذها.. فأخذ الشك المدير فيه فماذا يعمل؟

    إنه في مرة أخرى يضع نقودا في نفس الدرج.. ويتغافل حتى يضع الموظف يده في الدرج لأخذ النقود فعندها يمسكه ويقول إنه ما فصله من عمله في المرة الأولى إلا لعدم التأكد..

    إنّ هذا مثال الاستدراج ولله المثل الأعلى.. فتجد الشاب قد فعل كذا وكذا وستره الله.. ويطلب من الله الرزق فيعطيه.. وقد قلنا من قبل وحذرنا.. فإياك أن تظن أن إجابة الله لدعائك كرامة.. فقد يعطي الله العبد ما يطلب وهو يكرهه ليكون فيه هلاكه..

    أليس الله قد أجاب إبليس دعوته وهو أبغض خلقه إليه.. عندما قال له إبليس:{ قال ربّ فأنظرني الى يوم يبعثون* قال فإنك من المنظرين} [الحجر: 36-37].

    فأنت تطلب الرزق.. والزوجة الجميلة.. الطيبة.. والوظيفة المريحة.. فيعطيك وعندها تظن أن الله يحبك.. ألا ترى معاصيك ومخازيك.. ألا تتدبر قول الله تعالى:{ إنما نملي لهم ليزدادوا إثما} [آل عمران: 178].

    واستمع لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إنّ الله يعطي الدنيا لمن يحبّ ومن لا يحبّ".

    فانظر الى الدنيا لقد أعطاها الله للكفرة والفاسقين أيعني ذلك أنه يحبهم.. أبدا.. فخف من الله قدر قربه منك.. وارجوه قدر قربه منك.. ولا يأمن مكر الله إلا القوم الفاسقون.

    العائق الخامس من عوائق التوبة: تعلق الذنب بأحكام يخشى العاصي منها بعد التوبة:

    فإن الشاب قد يزني.. وهو قد سمع ان من زنى يزنى به ولو في جدار بيته فيقول.. إذان لم أتوب.. فإذا سمع قول الله {الزاني لا لاينكح إلا زانية } [النور:3] فيقول إذن لن أتزوج فإنّ من أتزوجها لا بد وأن تكون زانية ونسي قول الله سبحانه وتعالى:{ ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام:164] المقصود أن القلب قد يتعلق بأحكام.. فقد يظن أنه لو تاب سيرجم ويقام عليه الحد فيقول دعني مع الذنوب إذن.. من سرق مالا يؤمر بعد التوبة أن يرد المظالم..

    فإذا لم يستطع قال لك دعني فلا فائدة ولكن لا يجب الاستسلام لتلبيس إبليس الذي يصنع من الذنب خمدقا يحاصرك فيه فلا تخرج من الذنب أبدا فيقول هل ستتوب.. إنّك لن تستطيع.. إنّك لا تصلح للتوبة.. ولا بدّ أن ننسى قول الله تعالى:{ إنّ الله يغفر الذنوب جميعا} [الزمر:53] وأنه سبحانه يقبل التوبة عن عباده وقد قال سبحانه وتعالى { ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} [الحجر: 56] فلا تقنطوا من رحمة الله والتوبة تجب ما قبلها.. قال ربنا { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} [الزمر:53].

    العائق السادس من عوائق التوبة: الابتلاءات التي تقع على التائب بعد التوبة:

    يقول ربنا تبارك وتعالى:{ أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين} [العنكبوت 2-3] لا بد هنا من العلم بأنك عندما تتوب سيعاديك أهلك.. ستجد نفسك بعد ان كنت حليقا.. ترتدي أحد الموضات.. متعطرا يتهافت عليك الناس في الوظائف.. وعندما تبت الى الله ورجعت اليه فأعفيت لحيتك ولبيت القميص الأبيض والعمامة تبحث عن عمل فلا تجد.. فعندها يجب أن تتذكر قول الله تعالى عندما يقول:{ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير إطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه وخسر الدنيا والآخرة} [الحج:11]. ستجد العداء ن زملائك في العمل المدير مثلا قد تنافقه عندما شعرت أن النفاق هو العملة الرابحة أما الآن فإذا دخلت قلت السلام عليكم.. يقول اللهم اكفنا شرّ هذا النهار.. وهكذا النفاق الاجتماعي وعلى ذلك فقس..

    المقصود ستجد العداء من المدير والزملاء.. الهل والأقارب.. الزوجة والأصدقاء.. الجيران.. عداء من جميع الجبهات.. قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم: ليتني أكون معك يوم يخرجك قومك فقال له مرتاعا:" أومخرجيّ هم"؟ قال: نهم.. لم يأت رجل قط بما جئت إلا عودي. أخرجه البخاري (4) كتاب بدء الوحي، ومسلم (160) كتاب الايمان.

    هذا هو محمد الصادق الأمين.. اما عن قوم صالح فقد قالوا:{ ياصالح قد كنت فينا مرجوّا من قبل هذا} [هود:62].. كنا نحبك.. ماذا جرى لك لترافق المتطرفين.. أجننت.. فحين يرى العداء يفاجأ بأن الدنيا قد اشتعلت من حوله فيعود من حيث أتى.. ولكن اعلم قول الله تعالى:{ ولينصرنّ الله من ينصره} [الحج:40]. هذه سنّة الله التكوينية أن يكون العداء في البداية ثم يكون ظهور الحق، قال الامام الشافعي:" لا تمكين حتى تبتلى" الكل سيعلم أنك على حق.. واعلم إنك إما ستكون شهادة حق للاسلام وإما أن تكون شهادة زور ضد الاسلام حين تعود لتلك الشرور والمعاصي..

    قلنا مرارا وتكرارا إنّ إنتصار المسلمين يوم حورصروا فيالشعب ثلاث سنين لم يكن أقل من انتصارهم في غزوة بدر لأن المشركين حين رأوا الثبات قالوا إن المسلمين على حق.. وكذلك فعندما يرون منك الثبات سيقولون إنّ الملتزمين على حق.. فإياك أن ترجع، واستعن بالله واثبت.

    العائق الأخير: العصرة التي تصيب قلب التائب:

    يقول ابن القيّم في كتاب " طريق الهجرتين" ص 340 دار الحديث، ها هنا دقيقة قلّ من من يتفطن لها إلا فقيه في هذا الشأن.. رحم الله ابن القيّم ورضي عنه.. قال وهي أن كل تائب لا بد له في أول توبته من عصرة وضغطة في قلبه.. من همّ أو غم.. من ضيق أو حزن.. يجب أن تشعر بهذه العصرة عندما تتوب.. الخوف من أن تكون قد ضللت الطريق.. فأنت لا تعرف جوانب الطريق.. لا تدري أوله ولا تعلم الى أين يفضي بك آخره.. ويقول ابن القيّم: ولو لم يكن إلا تألمه بفراق محبوبه.. فقد كانت الذنوب محبوباته.. أنيسته في وحشته.. فعندما يتوب سوف يفقد هذا الأنيس.. سوف يفقد أشياء كان يحبها.. سيتألم لفراق عيوبه التي لازمته ردحا من الزمان.. فينضغط قلبه وينعصر لذلك ويضيق صدره.. فأكثر الخلق يتوبون ثم ينكثون على أعقابهم ويعودوا الى المعاصي لأجل هذه المحبة للمعاصي.. والعالم الموفق يعلم أن الفرحة والسرور واللذة الحاصلة عقيب التوبة تكون على قدر هذه العصرة أقوى وأشد كانت الفرحة واللذة أكمل وأتم..

    إنّ هذه العصرة دليل على حياة قلبك وقوة استعداده.. لو كان قلبك ميتا واستعدادك ضعيفا لما انعصر.. واعلم أن الشيطان لص الإيمان.. واللص إنما يقصد المكان المعمور.. بمعنى أن يحاول سرقة الايمان من القلب المعمور بالإيمان.. إنه لا يذهب الى المقهى أو الى الملهى.. فمن يجلس هناك ليس في قلبه ما يسرق.. إنما يقصد المكان المعمور من اجل السرقة..

    لما قيل لإبن عباس إنّ اليهود يقولون نحن لا نوسوس في الصلاة.. قال: سبحان الله كيف يوسوس الشيطان لشيطان.. هم الشياطين.. والشيطان لص الإيمان.. والشيطان إنما يقصد المكان المعمور أما المكان الخرب فلا يرجو أن يظفر منه بشيء.. فإذا قويت المعارضات الشيطانية.. قويت العصرة.. فيوسوس لمن لبست النقاب.. ما الذي دفعك لهذه الفعلة الشنعاء.. أما انتظرت حتى تتزوجين.. ويوسوس لمن التزم وأعفى اللحية أما كنت انتظرت قليلا قبل الالتزام حتى كونت مستقبلك من السرقة.. المقصود أن هذه العصرة وسوسة الشيطان إذا دخل الشيطان ليوسوس دل على أن في قلبك من الخير ما يشتد حرص الشيطان على نزعه منه..

    إنّ قوة المعارض والمضاد تدل على قوة معارضته وضده..

    الإنسان القوي إما أن يكون رأسا في الخير أو رأسا في الشر.

    إنّ النفوس الأبية القوية إذا كانت خيرة صارت رأسا في الخير وإن كانت شريرة صارت رأسا في الشر ولما كانت رأسا في الشر حرص الشيطان على ألا تبقى في الخير فتحصل قوة مجاذبة بينك وبين الشيطان.

    فإنه بحسب موافقته لهذا العارض وصبره عليه يثمر له ذلك من اليقين والثبات والعزم ما يوجب زيادة انشراحه وطمأنينته دليل على حرص الشيطان عليك..

    وهذا دليل قوة إيمان لذلك ينعصر قلبك لأنه لو لم يكن فيه إيمان كان فورا قد عاد من حيث أتى فلذلك ينبغي أن تعلم أن ثباتك وعزمك سيوجب لك بعد النصر انشراحا وطمأنينة..

    كلما عظم المطلوب كثرت العوارض وهذه سنة الله في الخلق وانظر الى الجنة وعظمها.. انظر في المقابل الى الموانع والقواطع التي حالت دونها.. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" حفّت الجنة بالمكاره" مسلم ( 2723) كتاب الجنة وصفة نعيمها، والترمذي (2559) كتاب صفة الجنة. حتى أوجبت أن ذهب من كلّ ألف رجل واحد يدخل الجنة وقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي " يا آدم اخرج بعث النار فيقول آدم وما بعث النار يا رب يقول الله سبحانه وتعالى من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون الى النار وواحد الى الجنة"..

    فما السبب؟؟

    السبب أن الجنة قد حفت بالموانع والقواطع.. انظر الى محبة الله سبحانه وتعالى والانقطاع اليه والتبتل اليه وحدع والأنس به وحده.. انظر الى محبته واتخاذه وايا ووكيلا وكافيا وحسيبا.. هل يكتسب العبد أشرف من هذا.. انظر الى القواطع والحوائل المانعة دون ذلك.... هل الطرق الموصلة الى محبة الله سبحانه وتعالى بهذه السهولة.. إنّ هذا غير ممكن.. إنّ هذه الطرق تحتاج الى الكثير من المجاهدة لذا ينبغي أن تنتبه الى هذا الأمر.. انتبه الى تلك العصرة الحادثة بالتوبة..

    فلما كانت التوبة من أجلّ الأمور وأعظمها نصبت عليها المعارضات والمحن ليتميز الصادق من الكاذب.. وتقع الفتنة ويحصل الابتلاء ويتميز من يصلح ممن لا يصلح.. قال سبحانه:{ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء، فآمنوا بالله ورسله، وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم} [آل عمران: 179].

    فاصبر على تلك العصرة قليلا.. تفضي بك الى رياض الأنس وجنات القدس.

    يقول ابن القيّم:

    ولكن إذا صبر على هذه العصرة قليلا أفضت به الى رياض الأنس وجنات الانشراح وإن لم يصبر { انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين} [الحج:11].

    فاصبر أخي في الله على تلك العصرة ولا تهتم بها.. وتأمل نصر الله بعد ذلك فهذه العصرة لا بد منها.. وهي علامة من علامات الصحة.. فليطمئن قلبك.. وانطلق .. وانطلق..












    ما هي أركان التوبة

    أولا: الاخلاص: اللهم ارزقنا الاخلاص يا رب:

    الإخلاص أن تتوب خوفا من الله وتعظيما لحرماته وإجلالا له وخشية من سقوط المنزلة عنده وخشية البعد والطرد عنه الحجاب عن رؤية وجهه في الدار الاخرة.

    ثانيا: الاقلاع:

    أقلع عن الذنب فورا وبدون ممطلة.. فإنك إن أقمت على الذنب وقلت يا رب تب عليّ.. فيرد عليك الكريم أقلع عن الذنب وأنا أتوب عليك..

    ثالثا: الندم:

    إنّ الندم يحصل بمطالعة الجناية.. وهذا يكون بتعظيم الحق جل جلاله ومعرفة مقامه.. ومعرفة ذاته وصفاته والتعبد اليه بها.. ومعرفة النفس وإنزالها منزلتها ومعرفة أن سبب كلّ شر يقع فيه ابن آدم فمن نفسه.. وتصديق الوعيد..


    هذه هي الثلاثة التي يحصل بها الندم:

    (1) معرفة الله.
    (2) معرفة النفس.
    (3) تصديق الوعيد.


    ولأن عماد التوبة على الندم فسنقف هنا قليلا لنتأمل هذه الأمور الثلاثة:

    (1) تعظيم الحق: فإذا أردت أن تعرف عظم الذنب.. فانظر الى عظمة من أذنبت في حقه.. أكبر آفة وقع فيها أهل عصرنا.. وأكبر معصية ارتكبتها قلوب أمتنا... أن زالت هيبة الله من القلوب.. هذه هي المأساة.. أننا صرنا نخاف من البشر أكثر من خوفنا من الله.. ونستحيي من البشر أعظم من حيائنا من الله.. ونرجو البشر بأعظم من رجائنا في وجه الله.. لذا لما هان الله علينا هنّا عليه.. والجزاء من جنس العمل...

    أيها الاخوة.. إن تعظيم الحق ألا يرى في قلبك سواه. ومن كملت عظمة الحق تعالى في قلبه عظمت عنده مخالفته.. لأن مخالفة العظيم ليست كمخالفة من هو دونه.. فينبغي أن يعظم الله في قلبك..

    يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:

    واستجلاب تعظيم الرب.. أن تعرف الله سبحانه وتعالى.. وهو سبحانه يتعرف الى العباد في قرآنه.. وعلى لسان نبيه.. بصفات ألوهيته تارة.. وبصفات ربوبيته تارة اخرى..

    فمعرفة صفات الالهية.. توجب للعبد المحبة الخالصة.. والشوق الى لقائه.. والأنس والفرح والسرور به.. هذا مما يوجبه النظر في صفات الألوهية.

    مثل الصفات التي توجب عبادته جل جلاله. صفات الأمر والنهي.. صفات العهد والوصية.. صفات إرسال الرسل.. وإنزال الكتب والشرائع.. هذه تنبعث منها قوة الامتثال والتنفيذ.. والتبليغ لها والتواصي بها.. والتصديق بالخبر والامتثال بالطلب.. والاجتناب للنهي..

    الصفات التي تجلب التعبد أن يسر في خدمته.. وينافس في قربه.. والتودد اليه بطاعته.. ويلهج لسانه بذكره.. ويفر من الخلق اليه.. ويصير الله وحده.. هو همه دون سواه.

    أما شهود صفات الربوبية:

    فإنها توجب التوكل عليه.. والافتقار اليه.. والاستعانة به.. والذل والانكسار له.. وكمال ذلك " وهو الشاهد الذي أرجو أن يتوصّل اليه" هو ما ذكره ابن القيّم في كتابه القيّم "الفوائد".

    " أن يشهد ربوبيته في إلهيته.. أن تشهد حمده في ملكه.. وعزه في عفوه.. وجكته في قضائه وقدره.. ونعمته في بلائه.. تشهد عطاءه في منعه.. بره وإحسانه ورحمته في قيوميته.. أن تشهد عدله في انتقامه.. وجوده وكرمه في مغفرته.. أن تشهد ستره وتجاوزه.. وحكمته ونعمته في امره ونهيه.. أن تشهد عزه في رضاه.. وغضبه وحلمه في إمهاله.. وكرمه في إقباله.. وغناه في إعراضه.. أن تعرف الله.. فإذا عرفته عظم في قلبك.

    ثم يعلق ابن القيم فيقول: من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التوقير والتعظيم لك من الناس.. وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره.

    وعلينا أن ننتبه الى هذه الفائدة الغالية:

    فإنك توقر المخلوق وتجله أن يراك في حال.. ثم لا توقر الله فلا تبالي أن يراك سبحانه وتعالى عليها.. أيحب احدكم أن يراه الناس وهو يزني..؟؟ إذن فكيف ترضى أن يراك الله على هذه الحالة..؟؟ ألا تستحيي منه؟؟

    وصدق الله تعالى:{ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذا يبيّتون ما لا يرضى من القول، وكان الله بما يعملون محيطا* هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة النيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا} [النساء: 108-109].

    والله علمنا.. قال لنا سبحانه وتعالى.. لينبهنا الى تلك القضية أتم تنبيه.. لفت نظرنا الى شيء نستشعره.. شيء موجود عندنا وجودا ماديا.. لأننا ننسى استشعار نظر الله ومراقبة الله.. فقال جل جلاله: { وما كنتم تسترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظنكم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون* وذلكم ظنّكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين* فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين} [فصّلت: 22-24].

    لما كانت نفس الانسان ضعيفة.. واستشعاره معية الله صعبا ذكرهم الله بأن معهم شهودا: سمعكم، وأبصاركم، وأيديكم، وأرجلكم، وبطونكم، وفروجكم.. نعم ستشهد عليك.. فإذا اردت أن تعصي الله فاذكر ان الله معك يسمعك ويراك {ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة، إن الله بكل شيء عليم} [المجادلة:7].

    فإن لم تستشعر تلك القضية.. وعجز قلبك عن استحضار سمع الله وبصره.. فتخشاه.. فتخافه.. تخشى بطشه.. تخاف انتقامه.. تستحيي أن يراك على العيب.. عليك رقيب.. وهو الذي يسترك.. فوقك قاهر.. وعليك قادر.. ومنك قريب.. يستطيع أن ينتقم ويأخذ حقه.. ولكنه الحليم.. والحيي الستير.. جل جلاله.. وعجز قلبك عن استحضار تلك المعية.. فام تستطع أن تختفي من الله.. ولا أن تستتر منه.. فتذكر أن معك عينا ستشهد عليك.. وأذنا تشهد عليك.. ويدا ستشهد عليك.. ورجلا ستشهد عليك..

    فإنك إن استطعت أن تستتر وتختبئ.. فتختبئ من أعضائك.. وتتوارى منها.. فافعل.. فإن لم تقدر فاترك المعصية خوفا من ذي الجلال جل جلاله..

    يا من يعاني مأساة الذنوب اختبئ من الله فلا يراك عليها.. فإن نسيت نظر الله وغلبتك شهوتك.. فأعمت عين بصيرتك.. فاختبئ من يدك التي تعصي.. إذا تحركت عينك للنظر فتذكر أنها ستشهد عليك يوم القيامة.. وإذا تحركت رجلك لتعصي فاعلم أنها وكل جوارحك عليك شهود يوم تلقى الله عز وجل..

    يا من يؤذي الناس بلسانه.. تذكر أن الله سميع.. يسمعك وسيحاسبك.. فإن نسيت الله.. فتذكر شهادة الجوارح عليك.. تذكر شهادة لسانك وأذنك..

    هنا إذا كملت عظمة الله في القلب منعته من المعصية.. إنّك تريد أن يوقرك الناس.. وأنت لا توقر الله.. كيف ذلك... قال تعالى:{ ما لكم لا ترجون لله وقارا} [نوح:13]، أي: لا تعاملونه معاملة من توقرونه.. والتوقير: هو التعظيم.. ومنه قوله تعالى:{ وتعزّروه وتوقّروه} [الفتح:9] قال الحسن: في تفسير قوله تعالى:{ ما لكم لا ترجون لله وقارا} [نوح:13] أي: مالكم لا تعرفون لله حقا ولا تشكرونه..

    قال مجاهد: لا تبالون عظمة ربكم.

    قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: لا ترون لله طاعة.

    قال عبدالله بن عباس: أي لا تعرفون عظمة الله تعالى.

    هذه المعاني ترجع كلها الى معنى واحد أنه لو عظموا الله وعرفوه.. أطاعوه وشكروه.. ولم يعصوه.. فطاعته سبحانه.. واجتناب معاصيه.. والحياء منه.. بحسب وقاره في القلب..





    ما هي علامات توقير الله:

    من علامات توقير الله سبحانه وتعالى:

    (1) ألا تذكر اسمه مع المحقرات:

    قال بعض السلف: ليعظم وقار الله في قلب أحدكم أن يذكره عند ما يستحي من ذكره.. فانظر الى مدى توقير السلف لربهم.. كانوا يستنزهون أن يوضع اسم الله بجوار ما يستقبح ذكره.. فيقرن اسمه به.. كأن يقول الرجل: قبّح الله الكب والخنزير.. فيوقرون الله ان يوضع اسمه مع هذه الحيوانات.

    (2) ألا تنسب الشر اليه:

    إنّ من عقيدتنا أن الخير والشر من الله.. لكننا لا ننسب الشر الى الله تأدبا قال صلى الله عليه وسلم:"{ لبيك وسعديك الخير كله في يديك.. والشرّ ليس إليك" مسلم (771) كتاب صلاة المسافرين وقصرها.

    وقال إبراهيم عليه السلام:{ والذي هو يطعمني ويسقين* وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: 79-80] فلم يقل: وإذا أمرضني.. وإنما نسب الشر الى نفسه تأدبا مع الله.

    وقال مؤمنو الجن:{ وأنّا لا ندري أشرّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} [الجن:1-]. فعند الرشد ذكروا ربهم.. وعند الشر بنوا الفعل للمجهول.

    لكن أهل عصرنا على العكس.. تجد الرجل منهم يقول يا كاسر كل سليم يا رب..

    فمن إذاً الذي يجبر المكسور ..؟ وكيف ينسب الشر الى الله...

    وتجد من يقول الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.. لماذا تذكر الله بالمكروه.. إننا لا نناقش هنا حرمة هذه الكلمة من حلها.. ولكننا نناقش السبب الذي من أجله نسبت الشر الى الله.. وكيف أن السلف كانوا يجلونه ويبجلونه لدرجة أنهم لا يذكرون بجوار اسم الجلالة أي لفظ يرون أنه لا يناسب عظمته عز وجل..هذا وإن كان الخير والشر منه سبحانه جل وعلا.

    (3) من وقاره: ألا تعدل به شيئا من خلقه لا في اللفظ ولا في الفعل:

    فلا تقل: ما شاء الله وشئت.. وهذا لأنه عندما قالها رجل لرسول الله قال صلى الله عليه وسلم :{ أجعلتني لله ندّا؟" البخاري (787) الأدب المفرد.

    (4) من توقيره جل وعلا ألا تشرك معه شيئا في الحب والتعظيم والإجلال:

    قال تعالى:{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} [البقرة: 165]... سماهم مشركين.. كما في الطاعة.. فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع الله.. لا.. وإنما طاعة الله مطلقة في كل شيء.. وطاعة المخلوق مقيدة بالمعروف فالأب والأم والزوج والزوجة ومديرك في العمل.. العرف والتقاليد والمجتمع.. طاعة كل هؤلاء مقيدة بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
    " إنما الطاعة في المعروف" البخاري (7145) كتاب الأحكام. " ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" مسند الامام أحمد (1041) مسند المبشرين بالجنة.

    فلا تجعل طاعتك لشيء لطاعة الله.. مهما كلفك ذلك..

    (5) من توقيره جل وعلا ألا تجعل له الفضلة:

    إنّ آفة أهل عصرنا ـ حتى الملتزمين منهم ـ أنهم يعطون الله الفضل: إذا بقي لديه وقت ليقوم الليل فيه.. قام وإلا تركه.. يجعل لله الفضلة.. إذا بقي عنده وقت للأذكار قالها.. وإلا غفل عنها.. وهكذا..

    وقد قال تعالى:{ ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون} [ البقرة:267].

    هذا ليس من توقير الله.. بل من توقير الله أن تقتطع له من أعز الأوقات وقتا.. ومن أعز الأموال مالا.

    فينبغي ألا تجعل لله الفضلة في الوقت.. ولا في الجهد.. ولا في الصحة.. ولا في المال.. ولا في الكلام والذكر.. فما الذي يشغلك..؟؟

    أهي الدنيا..؟ والله ما خلقت لها.. { وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56].. وقد يندهش بعض الناس حين نقول: ينبغي أن تكثر من الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتنفل.. فيقول: أين الوقت الذي يسع كل هذا..؟ وهل خلقت لغير هذا..؟ ثم إنّ البركة من الله..

    اللهم بارك لنا في أوقاتنا..

    والإعانة والتوفيق من الله.. إنك إذا ظننت أنك تقوم بحولك وقوتك. فأنت فاشل مخدوع.. أما إذا اعتقدت بأنك تستعين بالقوي المتين.. فإنه يعينك ويقيمك ويبارك لك..

    اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

    (6) من التوقير: ألا تقدم حق المخلوق على حق الله:

    قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا ين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1].. أي لا تقدم أمرا بين يدي أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. ولا حبّا بين يدي حب الله ورسوله.. لا تجعل أمام الله أحدا بل أول شيء هو الله..

    قرأت استطلاعا للرأي على طلبة إحدى الجامعات.. عن المثل الأعلى والقدوة وأهم المحبوبات فوجدوا أن الترتيب كما يلي:
    1) الفنانين
    2) لاعبي الكرة
    3) المشاهير من الاعلاميين
    4) الله ورسوله

    فإذا كان الله في التفضيل هو الرابع ترتيبا فأين يكون التوقير..؟ أين يكون الحب والإجلال..؟

    أين يقع الأمر بأن تجعل الله ورسوله قبل كل شيء.. في الطاعة.. الحب.. الخوف.. الرجاء.. التوكل عليه... الإنابة إليه..؟

    (7) من توقيره جل وعلا: أن تختار حده وجنبه وناحيته من ناحية الناس وجنبهم:

    قال تعالى:{ ومن يشاقق الله والرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيرا} [النساء 115].

    وقال تعالى:{ ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأنّ له نار جهنّم خالدا فيها، ذلك الخزي العظيم} [التوبة: 63].

    ومعنى: {يحادد} أي: أن يكون الله ورسوله في حدّ.. والمخلوق في حدّ آخر.. فكن مع الله يكن معك.. بل كن في الحدّ والناحية التي فيها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. وإن كنت وحدك.



    (Cool من توقير الله: بذل البدن والقلب والروح في خدمته تعالى:

    كان سلفنا رضوان الله عليهم ينتصبون في الخدمة.. فلا يرعون السمع إلا لكلام الله ولا يسلمون القلب إلا لأوامر الله.. فإذا كانوا في الصلاة فلا تسل عن الخشوع والخضوع.. وإذا كانوا في الصيام فلا تقل عن الإخلاص والورع.. وغيره من الذكر والصدقة.

    أما حالنا اليوم فيندى له الجبين خجلا.. فإذا كلمك أحد الناس.. انتبهت اليه بكل جوارحك.. وإذا وقفت بين يدي الله وقفت بجسدك فقط.. فعقلك وقلبك في شغل عنه.. وتأمل ذلك في صلاتك.. صيامك.. وغيرها من العبادات..

    (9) من توقير الله: ألا تقدم مراد نفسك على مراد ربك:

    ما لم توقر الله سقطت من عين الله.. فلا يجعل الله لك في قلوب الناس وقارا ولا هيبة.. بل يسقط وقارك وهيبتك من قلوبهم.. وإن وقروك مخافة شرك.. فذاك وقار بغض.. لا وقار حب وتعظيم.

    (10) من وقاره جل وعلا: الحياء من أن يطلع على قلبك فيرى منك ما يكره:

    فإذا اطلع الله على ما في قلبك.. لا يجد إلا الغرور والعجب.. وحب الدنيا وحب المعاصي.. واسنثقال الطاعات.. أفلا تستحي من الله... أخرج خذا من قلبك حتى لا يراه الله في قلبك..

    المصيبة أن يستحي العبد من الناس ولا يستحي من الله.. قال تعالى:{ وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} [الأحزاب: 37] وقال عز من قائل:{ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم} [النساء: 108].

    تجد أحدهم يرى من يوقره فيلقي السيجارة من يده.. وينسى أن الله يراه.. يرى من يوقره فيتوارى وهو على الذنب.. ويواجه الله بالمعصية بلا حياء..

    (11) من وقاره: أن يستحي منه في الخلوة أعظم مما يستحي من أكابر الناس.

    (12) ومن وقاره: أن يكون همه الأول طلب رضا الله.

    أخي في الله.. إنني أريد منك الآن أن تأتي بورقة وقلم.. وتبدأ في كتابة همومك الشاغلة.. وتضعها مرتبة حسب الأولويات.. وأنا أقصد الهم الذي يشغل بالك.. وتجري وتتحرك في نطاق هذا الهم.

    أريدك أن تصدق مع الله.. لأنه من السهل أن تكتب أنك تحمل هم الاسلام.. ولا يخطر لك هذا على بال أصلا..

    أريدك أن تنفرد بنفسك.. أن تتقي الله عز وجل.. وتنظر فعلا.. ما الذي يهمّك..؟

    هل ستجد ما يهمك هو هم الاسلام .. هم العقيدة.. هم الدين.. أو أننا سنفاجأ بأن الهموم قد تشعبت.. هم الوظيفة.. هم الزواج.. طلب الرزق.. التعليم...

    لا شك أن الاسلام سيأتي.. ولكن ربما في المرتبة الرابعة.. الخامسة.. وربما بعد ذلك.. هذا إن كنا صادقين.

    وكل هذا نتيجة لعدم توقير الله في قلبك حق الوقار وحق التعظيم.

    المطلوب أن يكون طلب رضا الله هو الهم الأول والأوسط والأخير.. بمعنى ان يكون الهم كله.. في كل مناحي الحياة.. هو طلب رضا الملك جل جلاله.. ومن جعل الهموم همّا واحدا كفاه الله همّه.


    فهذا أول ما يصح به مطالعتك لجنايتك.. بتعظيم الحق وتوقيره.. فإذا عرفت الله حق معرفته.. بأسمائه وصفاته.. عرفت الله حق معرفته.. بتوحيد ألوهيته وتوحيد ربوبيته.. فإنه حين ذاك يعظم الله في قلبك.. ويقع وقاره في قلبك.. فإذا وقرت الله بقلبك.. عظمت عندك مخالفته.. لأن مخالفة العظيم ليست كمخالفة من دونه.. قال الله تعالى:{ وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ، قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون}. [ الأنعام: 91] وقال جل وعلا:{ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عمّا يشركون} [الزمر: 67].

    وقال سبحانه وتعالى:{ وما قدروا الله حق قدره، إنّ الله لقوي عزيز} [الحج: 74].

    بعد أن تحداهم ربما جل جلاله في قوله:{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، إنّ الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا الذباب ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب} [الحج: 73].

    نعم إنك حين تقدر الله حق قدره.. وتعرف أنه أنزل الكتب.. وأرسل الرسل.. وشرع الشرائع.. وخلق الجنة والنار.. أمر أوامر ونهى عن نواه.. وألزم عباده أشياء.. حاكم بالعدل.. قائم بالقسط.. جل جلاله..

    حين تقدر الله حق قدره.. تعرف أنه ما من دابة في الأرض ولا في السماء إلا والله خلقها وعليه رزقها.. ويعلم مستقرها ومستودعها.. فبه سبحانه وتعالى وبإعانته وبإحيائه لها تعيش. أي دابة صغرت أم كبرت. على ظهر الأرض أو في السماء.. سبحانه قائم على كل نفس بما كسبت.. جل جلاله.. قيّوم السموات والأرض.. به يقوم كل شيء.. ولا يحتاج الى شيء.. فهو العزيز.. وهو الغني.. حين تعرف الله وتقدره حق قدره.. تعلم أن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا.. فبه بقاؤهما وبه دورانهما.. وبه حياة ما فيهما.. والمراد إليه جل جلاله.. فهو الأول والآخر .. {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن 26-27].

    إذا كملت عظمة الحق في قلبك.. فإنك تستحيي وتخاف أن تعصيه وهو يراك.

    فمطالعة الجناية : بكمال عظمة الله في قلبك.. أن تعرف عظمة من عصيت.. فتعظم المعصية.. فمن كملت عظمت الحق تعالى في قلبه.. عظمت عنده مخالفته..

    ونضرب لذلك مثالا:

    عن أنس بن مالك قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بإمرأة تبكي عند قبر.. فقال لها:" إتقي الله واصبري" فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي.. ولم تعرفه صلى الله عليه وسلم.. فقيل لها.. إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين.. فقالت: لم أعرفك.. فقال:" إنما الصّبر عند الصدمة الأولى". البخاري (1283) كتاب الجنائز.

    الشاهد: أنها لم تكن تعرف النبي صلى الله عليه وسلم.. فجهلت عليه.. قالت: إليك عني إنك لم تصب بمصيبتي .. فلما قيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم.. علمت أنها أخطأت.. فالذي يجهل عظمة الله ـ ولله المثل الأعلى ـ يجهل عليه.

    فإذا عرفت الله.. عظمت المخالفة عندك.. لذلك فإن المؤمن ينظر الى ذنبه كأنه في أصل جبل.. يخشى أن يهوي فوق رأسه..

    فاللهم عافنا من الذنوب والمعاصي.. رحماك بينا فإنك من تق السيئات فقد رحمته.. فاللهم اجعلنا من المرحومين..

    هذه الأولى.. تعظم الجناية بمعرفتك الله.

    (2) معرفة النفس: باستقباح ما كنت عليه:

    الثانية.. هي معرفة النفس.. هكذا دائما تقترن معرفة الله بمعرفة النفس.. ليخرج منها نوعين جليلين من العبودية.. محبة الله.. والازدراء على النفس..

    يقول ابن القيّم:

    لا ينتفع بنعمة الله بالإيمان والعلم إلا من عرف نفسه.. فوقف بها عند حدها.. ولم يتجاوزه الى ما ليس له.. ولم يتعد طوره.. ولم يقل هذا لي.. وإنما يوقن أنه لله وبالله ومن الله...

    كثير من الاخوة تجده يتهم نفسه.. يقول لنفسه: عاص مذنب مقصر.. قلبي أشد من الحجر.. لكنه في الحقيقة معجب بنفسه.. لا يسعى لإصلاحها.. فهذه معرفة لا تفيد.. إنما الذي يعرف نفسه يقف بنفسه عند درها.. ولا يتجاوزه الى ما ليس له.. لا يتعدى دوره.. هذا هو الذي عرف نفسه.. فتيقن أنه لله ومن الله وبالله.. فالله هو المانّ به ابتداء وإدامة.. بلا سبب من العبد ولا استحقاق منه.


    قال تعالى:{ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [الطور: 35].
    {ما أشهدتم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا} [الكهف: 51]
    {هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا* إنّا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سكيعا بصيرا} [الانسان: 1-2].

    إنك لم تكن شيئا.. من نطفة أوجدك.. بدون استحقاق منك.. بل محض كرم وجود منه سبحانه وتعالى.

    انتبه..

    إذا علم العبد هذا وتيقنه.. فعلم أن الله هو المان به ابتداءا وإدامة.. بلا استحقاق من العبد.. وبلا سبب منه.. حينذاك تذله نعم الله عليه.. فعندئذ يرى أن الفضل كله لله.. وأنه من عليه دون أن يستحق أي نعمة.. فيذل لله.. وكلما زاده الله نعمة.. ازداد بها ذلا.. حتى يصير أذل الناس لله.. وهذه أعلى درجة من درجات العبودية.. فتذله نعم الله عليه.. وتكسره.. كسرة من لا يرى لنفسه ولا فيها ولا منها خيرا البتة.. فلا يرى فيها خيرا أبدا.. وأن الخير الذي وصل اليه فهو لله وبالله ومن الله.

    وهذه نتيجة علمين شريفين.. علمه بربه..وعلمه بنفسه..

    علمه بربه.. وبره وغناه.. وجوده وإحسانه ورحمته.. وأن الخير كله في يديه.. وهو في ملكه يؤتي منه من يشاء ما يشاء.. ويمنع منه من يشاء ما يشاء.

    ثم علمه بنفسه.. ووقوفه على حدها.. وقدرها.. ونقصها وظلمها.. فالعبد دائم التذكر لهذين الأمرين.. لا ينسب لنفسه فضلا قط.. إذا قرأ القرآن فمن الله.. إذا صام النهار فمحض فضل من الله.. يعني توفيق وإعانة وقبول.. إذا قام الليل فبتوفيق الله.. وانظر لعله هناك من هو أعقل منك ولم يهده الله فلم يهتد..

    فاحمد الله.. قال تعالى:{ من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا} [الكهف: 17].

    يقول ابن القيّم:

    فإذا صار هذان العلمان.. ألا وهما: معرفة نفسك ومعرفة ربك صبغة لها لا صبغة على لسانها.

    فكثير منا يقول بلسانه: والله أنا مقصر..مذنب.. عاص.. ادع الله أن يهديني.. أنا أريد أن أتعلم .. أريد أن أقوم الليل.. هذه صبغة اللسان.. أما صبغة القلب فعلمه بنفسه وعلمه بربه.. فإذا صار هذان العلمان صبغة لها لا صبغة على لسانها.. علمت حينذاك أن الحمد كله لله.. والأمر كله لله.. والخير كله لله.. وأنه هو المستحق للحمد والثناء دونها ـ أي دون نفسه ـ وأن نفسه هي أولى بالذم والعيب اللوم.. ومن فاته التحقق بهذين العلمين تلونت به أقواله وأعماله.. فإيصال العبد الى الله بتحقيق هاتين المعرفتين علما وعملا.. وانقطاع العبد عن الله بفوات هذين العلمين علما وعملا.. وهذا معنى قولهم: من عرف نفسه عرف ربه.. فمن عرف نفسه بالجهل عرف الله بالعلم.. ومن عرف نفسه بالظلم عرف الله بالعدل.. ومن عرف نفسه بالعيب عرف ربه بالعز والجمال والكمال.. ومن عرف نفسه بالنقص عرف ربه بالعطاء والكمال..ومن عرف نفسه بالذل عرف ربه بالعز.. ومن عرف نفسه بالحاجة عرف ربه بالغنى.. ومن عرف نفسه بالمسكنة عرف ربه بالقوة والملك.. ومن عرف نفسه بالعدم عرف ربه بالجبروت.

    وهكذا تعرف نفسك وتعرف ربك.. فإذا عرف نفسه وعرف ربه كان الله أحب شيئ اليه.. وأخوف شيء عنده.. وأرجاه له.. وهذه هي حقيقة الايمان العبودية.

    يقول ابن الجوزي:

    "والله لقد بكيت الليلة مما جنيته على نفسي بيد مفسي" نعوذ بالله من أنفسنا.. واها لك يا نفس.. النفس وما أدراك ما النفس.. أمّارة بالسوء.. ظلومة جهولة.. الإنسان وهذه نفسه.. إذا مسّه الشر جزوعا.. وإذا مسّه الخير منوعا.

    الإنسان.. { وكان الانسان عجولا} [الاسراء:11] {وكان الانسان قتورا} [الاسراء:10] {وكان الانسان أكثر شيء جدلا} [الكهف 54] هذه نفسك.. جهول.. قتور.. حين ترى نفسك هكذا لا تعينك على عمل صالح أبدا.. تميل الى البطالة والكسل.. تميل مع الهوى وطول الأمل.. ترجو من الدنيا وتنسى الآخرة.. هذه نفوسنا والله.. إذا عملنا بعد أن جاهدنا تستأثر نفوسنا بأعمالنا.. فنعملها رياء وسمعة.. نعوذ بك اللهم من شرور أنفسنا .. فإذا عرفت نفسك أنها الحاملة على كل ذنب.. وأنها الدافعة الى كل معصية.. وأنها المانع في كل خير وعطية.. استعذت بالله من شرها.. وعرفت أن الخير بيد الله.. يؤتيه من يشاء.. وهو العزيز الحكيم..

    نفسك إذا عرفتها. عرفت نفسك وعرفت الله.. عظمت المخالفة عندك.. نفسك انفرد بها لتوبخها.

    يقول ابن القيّم:

    واأسفاه من حياة على غرور.. وموت على غفلة.. ومنقلب الى حسرة.. ووقوف يوم الحساب بلا حجة.. واأسفاه.. واحسرتاه..

    ثالثا: تصديق الوعيد:

    اخي التائب..

    مثل نفسك في زاوية من زوايا جهنّم ـ اللهم قنا عذاب جهنم وأنت تبكي أبدا.. أبوابها مغلقة.. وسقوفها مطبقة.. وهي سوداء مظلمة.. لا رفيق يستأنس به.. ولا صديق تشكو اليه.. لا نوم يريح.. ولا نفس.. ولا موت يقضي على العذاب..

    قال كعب: والله إن أهل النار يأكلون أيديهم الى المناكب من الندامة.

    قال الله تعالى:{ ويوم يعضّ الظالم على يديه} [الفرقان: 27] يعني من الندامة على تفريطهم وما يشعرون بذلك.

    يا مطرودا عن الباب.. يا مضروبا بسوط الحجاب.. لو وفيت بعهودنا ما رميناك بصدودنا. لو كاتبتنا بدموع الأسف لعفونا لك عن كل ما سلف..

    انظر الى وعيد ربك.. توعد الله أعظم الوعيد لمن رضي بالحياة واطمأن بها.. وغفل عن آياته.. ولم يرج لقاءه.

    فقال الله جل جلاله:{ إنّ الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون* أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون} {يونس: 7-8].





    وفي اليقين من الوعيد:

    يقول ابن القيّم:

    "ومدار السعادة وقطب رحاها على التصديق بالوعيد... فإذا تعطل من قلبه التصديق بالوعيد خرب خرابا لا يرجى معه فلاح البتة"

    اليقين إذا عمر به القلب وامتلأ به.. استنار القلب فيرى ويبصر وبذلك يعيش.. إن أشد ما يعانيه أهل عصرنا عمى القلب.. ـ إي والله ـ.. إن أدنا إذا ضعف بصره شيئا.. حزن حزنا شديدا.. ويهرع لمن يصنع له نظارة.. تكمل ما افتقد من بصره.. وأكثرنا إلا من رحم الله فقد عمي قلبه.. وهو لا يعلم.. فلا يعمل على أني يعيد بصيرة قلبه.. اللهم ارزقنا بصيرة في قلوبنا يا رب.

    المقصود أيها الاخوة.. أن معنى التصديق بالوعيد حصول اليقين أن يصير هناك يقين في القلب.. فإذا خلا القلب من التصديق بالوعيد.. خرب خرابا لا يرجى معه فلاح البتة.

    إن الآيات والنذر تنفع من صدق بالوعيد وخاف عذاب الآخرة.. هؤلاء هم المصدقون بالإنذار المنتفعون بالآيات دون من عداهم.

    قال تعالى:{ إنّ في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة}[هود: 103].
    وقال تعالى:{ إنما أنت منذر من يخشاها} [ النازعات: 45].
    وقال تعالى:{ فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} [ ق: 45].

    فأخبر سبحانه أن أهل النجاة في الدنيا والآخرة. هم المصدقون بالوعيد.. الخائفون.. كما أنهم الممكنون في الأرض.

    قال تعالى:{ ولنسكننّكم الأرض من بعدهم، ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} [ إبراهيم 14].

    فإن الله تعالى تهدد وتوعد { ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب، من يعمل سوءا يجزى به لا يجد له من دون الله وليّا ولا نصيرا} [النساء: 123] وإنّ هذه الثلاثة تثمر الندم على ما فات.

    رابعا: العزم على عدم العودة:

    إن كثيرا من الناس يتوب وهو دائم القول: إنني أعلم بأني سأعود.. لا تقل مثله.. ولكن قل : إن شاء الله لن أعود " تحقيقا لا تعليقا".. واستعن بالله واعزم على عدم العودة..

    بعض الناس يفت الشيطان في عضده.. يوهن له نفسه.. يخذله فيقول له: إنك لن تستطيع .. فيقول لا ضير في أن أتوب ثم أعود..

    إنّ هذا الخاطر لا يجب أن يرد على خاطرك أصلا.. وإنما تب وأنت تعزم يقينا إنك لن تعود.

    خامسا: خلع العادات:

    عندما تتوب الى الله فإن العادات التي كنت عليها حين جاهليتك تشبه خيط المطاط.. إنه قد يذهب معك.. ولكنك ما زلت مشدودا اليه فإذا وقفت ولو للحظة جذبك فعدت مرة أخرى..

    اخلع مسمار العادة من قلبك.. إنك عندما تريد نزع مسمار في جدار فإنك تبدأ في زعزعة المسمار ث بعدها تنزعه بسهولة.. فما عليك إلا أن تزعزع مسمار العادات في قلبك..

    فإذا كانت لديك عادة النوم الكثير ـ مثلا تنام عشر ساعات يوميا ـ فابدأ بزعزعة هذه العادة بالتدرج في تركها.. مثلا أن تنام تسعة ثم ثمانية.. وهكذا..

    وإذا كان من عاداتك كثرة الأكل.. فتدرج في التخلص من ذلك.. وهكذا.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    عمرو عبدالرازق
    مشرف عام
    مشرف عام
    عمرو عبدالرازق


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 1252
    المجهود والاسهام في المنتدي : 1633
    تاريخ التسجيل : 02/04/2010
    العمر : 42
    علم الدولة : كيف اتوب 3 EgyptC

    كيف اتوب 3 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كيف اتوب 3   كيف اتوب 3 I_icon_minitimeالسبت مايو 22, 2010 10:50 pm

    جزاك الله خيرا

    وربنا يتقبل توبتنا

    امين امين
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    كريم
    عضو برونزي
    عضو برونزي
    كريم


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 67
    المجهود والاسهام في المنتدي : 100
    تاريخ التسجيل : 18/05/2010
    العمر : 42
    العمل/الترفيه العمل/الترفيه : غرفة شركات ووكالات السفر والسياحه
    علم الدولة : كيف اتوب 3 EgyptC

    كيف اتوب 3 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كيف اتوب 3   كيف اتوب 3 I_icon_minitimeالسبت مايو 22, 2010 11:16 pm

    ربنا اغفر لنا وارحمنا وادخلنا الجنه واجرنا النار واجرنا الشيطان وشركه
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    كيف اتوب 3
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » كيف اتوب

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتدي أبناء السنابسة  :: اسلاميات :: قسم الحديث الشريف-
    انتقل الى: