بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي أبناء السنابسة

[[[ فكر متجدد *** ونقاش بنـّاء *** وعطاء بلا حدود ]]]
 
الرئيسيةشات منتدي أبناءأحدث الصورالتسجيلدخول
قوانين المنتدي ............... بسم الله الرحمن الرحيم السادة الاعزاء اعضاء وزوار المنتدي المنتدي هو منتدي الجميع وليس منتدي احد بعينه فساهموا معنا للنهوض به وجعله علي المستوي الذي يليق بنا ................. السادة الاعضاء الرجاء عند التسجيل عدم التسجيل باسماء رمزية والتسجيل بألاسماء الحقيقية حتي نتمكن من معرفة من هو متصل معنا ................... اسادة الاعضاء والزوار اي وجهة نظر علي المنتدي تعبر عن وجهة نظر صاحبها وإدارة المنتدي غير مسؤولة عن وجهات نظر اعضاء المنتدي ...............السادة الاعضاء برجاء عند المشاركة في المنتدي عدم التجريح في احد وعدم التشهير بأحد ................. أي موضوع يخالف هذه القوانين سيتم حذفه من قبل الادارة دون الرجوع الي صاحب الموضوع .................. وتقبلوا تحيات ادارة المنتدي وأتمني لكم مشاركات سعيدة
 
أذكر الله
الساعة الان
الساعة الان

بتوقيت السنابسة - جميع الحقوق محفوطة منتدي ابناء السنابسة2010

مواضيع مماثلة
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 281 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Hany el asshry فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 5853 مساهمة في هذا المنتدى في 1156 موضوع
زوار المنتدي
free counters

 

 بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
كريم
عضو برونزي
عضو برونزي
كريم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 67
المجهود والاسهام في المنتدي : 100
تاريخ التسجيل : 18/05/2010
العمر : 42
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : غرفة شركات ووكالات السفر والسياحه
علم الدولة : بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي EgyptC

بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي Empty
مُساهمةموضوع: بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي   بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي I_icon_minitimeالسبت مايو 22, 2010 9:19 pm

القسم الأول
الفضيلة وأبوابها

الطاعة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
قال الله تبارك وتعالى:{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا} النساء 59.
هناك حيثيات توجب هذا الأمر من الله تعالى لعباده فنحن ـولله المثل الأعلىـ نلحظ بعد صدور حكم قاض من المحكمة أنه يصدر على حيثيات لهاذا الحكم، وهذه الحيثيات هي التبرير القانوني للحكم سواء كان بالعقوبة أو بالبراءة.
اذن فالقاضي يحكم بناء على حدوث وقائع مطابقة لمواد القانون.
وعلى هذا فحيثيات أي حكم هي التبريرات القانونية التي تدل على سند هذا الحكم.
وقول الحق سبحانه وتعالى:{ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} فيه نلحظ أن الحق سبحانه لم يقل:" يا أيها الناس أطيعوا الله وأطيعوا الرسول" ولكنه سبحانه وتعالى قال:{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول}.
اذن فالحق سبحانه وتعالى لم يكلف مطلق الناس بأن يطيعوه، وانما كلف مطلق الناس أن يؤمنوا به.
اذن فحيثيات الطاعة لله وللرسول نشأت من الايمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه عدالة من الخالق سبحانه وتعالى، فهو سبحانه لم يكلف واحدا أن يفعل فعلا الا اذا كان قد آمن به تعالى، وآمن بالرسول صلى الله عليه وسلم مبلغا وشرعا، ولذلك نجد كل تكليف من الله تعالى يبدأ بقوله سبحانه وتعالى:{ يا ايها الذين آمنوا}، اذن فحيثيات طاعة الله تعالى، وطاعة الرسول هي الايمان.
ولذلك نقول دائما: اياكم أن تقبلوا على أحكام الله بالبحث عن عللها أولا، ثم الايمان بها ثانيا، ولكن أقبلوا على أحكام الله أولا واسمعوا وأطيعوا، واخضعوا واخشعوا، ثم من بعد ذلك لا مانع من أن يقوم العقل بالتدبر والتأمل ليفهم شيئا من الحكمة التي من أجلها تم تحريم هذا الشيء أو ذاك، أقول بعض الحكمة وليس كل الحكمة، ذلك أن حكمة الله لا تتناهى ولا تدرك ولا يحاط بها.
وهناك فرق بين أمر البشر للبشر، وأمر الله تعالى للمؤمنين به، فان أمر الله للبشر تسبقه العلة وهي أن الانسان قد آمن به، أما أمر البشر للبشر فمنهم من يقول مثلا: أقنعني حتى أفعل ما تأمرني به، لأن عقلك ليس أكبر من عقلي، ولسن بأقدر على الفهم مني والانسان لا يصنع شيئا صادرا اليه من بشر الا اذا اقتنع به، وأن تكون التجارب قد أثبتت لك أن من يأمرك بهذا الأمر، أنه لا يغشك فتأخذ كلامه مصدقا، أما المساوي لك فأنت لا تأخذ كلامه على أنه واجب التنفيذ بأنه الاله الواحد الذي خلقك وأوجدك، ومنحك مقومات حياتك وهو سبحانه الغني عنك، وعن الكون كله.
الحق سبحانه وتعالى حين يطلب منا أن نؤمن به فهذه الطاعة ليست لصالح الله ولكن لصالح البشر. فالله سبحانه قد خلقنا وهو غني عنا، ولا يطلب منه شيئا لصالحه، ثم ان طاعتنا لا تضيف اليه سبحانه شيئا، وحتى خلقه لنا لا يضيف له صفة جديدة، بل هو سبحانه خالق قبل أن يخلقنا.
الحق سبحانه وتعالى يريد منا الطاعة باختيارنا، لا بالاكراه، ولا بالقهر، فالعبد يعبد الله تعالى لأنه سبحانه وحده المستحق للعبادة، يعبده طاعة له باختياره، فالعبد كما هو معلون منحه الله تعالى حق الاختيار في أن يؤمن أو لا يؤمن، فاذا اختار الانسان الطاعة على المعصية فهو محب لله فعلا، فهناك فرق بين من يقره الله على الطاعة، وبين من يذهب الى الطاعة باختياره.

**
الستر على الناس

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث أصاب أرضا فكانت منها نقيّة قبلت الماء فلأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى انما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم ومثل لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
اذن فالله سبحانه وتعالى قد شبّه الناس بالأرض وقسمهم الى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم على الهدى فانتفع به، ثم نقل ما عنده الى الغير فنفع غيره، وهؤلاء مثلهم كمثل الأرض الخصبة التي ارتوت فأنبتت الزرع.
القسم الثاني: هم الذين يحملون المنهج ولا يعملون به، ولكن يبلغونه الى الناس، وعن هؤلاء يقول الحق سبحانه وتعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} الصف 2،3. فهؤلاء مثل الأرض التي حجزت الماء فشرب منه الناس ولكنها لم تأخذ منه شيئا ولم تنفع نفسها كما نفعت غيرها.
وعلى المسلمين في هذه الحالة أن يأخذوا علمهم ويدعوا عملهم، ويجب عليهم ألا يعرضوا بهم ويوكلوهم الى الله تعالى لعله يهديهم أو يشرح صدرهم للعمل بما هم عليه من علم خاصة وأن التعريض بهم أو الفرح فيهم، يدور الآن على ما هم عليه من دين وليس على ما يفعلونه.
وفي الحديث:" من ستر مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة" لأن من يعلم أمرا ما عن انسان لا يصح أن يفضح ذلك الانسان فليس هناك انسان معصوم الا الأنبياء والرسل، ولذلك فان لكل انسان زلات، كذلك اذا رأيت زلة لعالم من العلماء فاسترها حتى ينتفع الناس بعلمه، لأنك ان أذعتها وانصرف الناس عنه، ولم يأخذوا من عمله ما كان من الممكن أن ينتفعوا به في الدنيا والآخرة، وقديما قال الشاعر.
خذ بعلمي ولا تركن الى عملي وخلي العود للنار
القسم الثالث: وهم الذين لم ينتفعوا بمنهج الله تعالى، ولا نفعوا الناس به.
اذن فمنهج الله تعالى كالمطر الذي ينزل من السماء، مرة على أرض تنتفع به وتنفع الغير، ومرة ينزل على أرض لم تنتفع به الأرض ولا تنفع غيرها، ومرة ينزل على أرض لم تنتفع هي به، ولا نفعت به الغير.


التوكل على الله

يقول الحق سبحانه وتعالى:{ فاذا عزمت فتوكل على الله، ان الله يحب المتوكلين} آل عمران 159.
ان فائدة الايمان في هذه المعادلة الجميلة، أن الجوارح تعمل وعليها أن تأخذ بأسباب الله، والقلوب تتوكل على الحق سبحانه وتعالى، فالفلاح اذا أراد الزراعة لا بد أن يختار البذور، ويحسن التسميد، وأن يقوم بحرث جيّد للأرض، وأن ينتظم في مواعيد الري، وأن يحافظ على الزرع من الصقيع مثلا بتغطيته، ، فهذا كله من عمل الجوارح، وبعد ذلك تتوكل القلوب على الحق سبحانه وتعالى، اذن فلا يتأتى أبدا للفلاح أن يقول: المحصول آت لأنني أحسنت أسبابي، لكن المؤمن يتذكر دائما الحقيقة وهي أن فوق الأسباب خالق لها، فيقول: لقد فعلت كل ما أستطيع واستنفذت كل أسباب اتقان العمل، الله تعالى يقدر لي الخير ويبارك في زرعي.
لقد جاء الاسلام بهذه المعادلة، ليحقق الايمان لاله له طلاقة القدرة يخلق بأسباب، ويخلق بغير اسباب، فالأسباب هي لجوارح البشر، وفوق الأسباب قادر حكيم، فالانسان المؤمن حين يعمل فهو يأخذ بألسباب، وحين يتوكل المؤمن فانه يرجو عطاء الحق سبحانه وتعالى خالق الأسباب.
اذن فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل، وهكذا يجب على كل مؤمن أن يضع تلك المعادلة الجميلة في بؤرة شعوره دائما.
ولا يظن ظانّ أن التوكل هو توقف الجوارح عن العمل، فهذا هو التوكل الكاذب، والدليل على كون هذا اللون من التوكل كاذبا، أن صاحبه يترك لعمل فيما فيه من مشقة ويزعم التوكل، والأمر السهل لا يتوكل فيه.
ان الذي يأخذ بالتوكل الكاذب هو الذي يمتنع عن العمل، ولا أحد فينا يرى رجلا من هؤلاء يأتي اليه الطعام ولا يمد يده اليه ويتناوله، اننا نقول لمثل هذا الرجل: لو كنت صادقا في التوكل اياك أن تمد يدك الى لقمة لتضعها في فمك واجعل التوكل الكاذب يقذف باللقمة الى فمك.
ومعلوم أن الاسلام ينهى عن التوكل الكاذب، وبلادة الحس الايماني، لذلك الحق سبحانه وتعالى يقول:{ فاذ عزمت فتوكل على الله} ولتتأمل كلمة { عزمت} و {فتوكل} فنرى أن العزم يقتضي عزيمة، والتوكل يقتضي اظهار اعجز، لأن معنى توكل الانسان أن يعلن عجز أسبابه، ويلجأ الى من عنده قدرة ليست عنده ونحن نرى انسانا يقول: لقد وكلت فلانا في هذا الأمر لأنني لا أقدر عليه، ان معنى هذا اظهار عجزه، وأنه ذهب الى من عنده القدرة ليفعل ما يعجز عنه هو.
فالتوكل الايماني هو تسليم زمام أمور الانسان الى الحق سبحانه وتعالى ثقة منه بحسن تدبيره وهذا هو التوكل المطلق، ولما كان الله تعالى هو سبحانه الذي أعطى الانسان الأسباب فعلى الانسان ألا يرد يد الله الممدودة بالأسباب ويقول له: عاوني يا رب، أ, اصنع لي، عليه قبل ذلك أن يستنفد كل الأسباب.
والحق سبحانه يقول في فاتحة الكتاب:{ اياك نعبد واياك نستعين} الفاتحة 5، وهذا يعني أننا نعمل ونطلب العون من الله، ويقول الحق سبحانه وتعالى:{ ان الله يحب المتوكلين} لماذا يحبهم؟ لأن المؤمنين به قد أخذوا بأسبابه ثم توكلوا عليه بعد ذلك.

**بين التوكل والتواكل

التوكل على الله يقتضي أن يعلم الانسان أن لكل جارحة في الانسان مهمة ايمانية تقف بالفكر عندما شرع الله، فالأذن تسمع فان سمعت أمرا من الحق فهي تنفذ الأمر، وان سمعت الذين يلحدون في آيات الله فانها تعرض عنهم، واللسان يتكلم لذلك لا تقل به الا الكلمة الطيبة، فلكل جارحة عمل، وعمل جارحة القلب هو اليقين والتوكل، وحيث أن التوكل على الله هو عمل القلب. فاياك أن تنقل عمل القلب الى عمل الجوارح، فتنقل التوكل الى الجوارح فلا تعمل، ان السعي للقدم، والعمل لليد، والتوكل للقلب فلا تنقل عمل القلب الى القدم أو اليد، لذلك فالتوكل الحقيقي هو أن الجوارح تجعل القلوب تتوكل فكم من عامل يعمل بلا توكل فتكون نتيجة عمله احباطا؟!
اننا نجد أن الزارع الذي لا يتوكل على الله وتنمو زراعته بشكل جيد ومتميز قد تهب عليه عاصفة فيصاب الزرع بالهلاك ويكون الاحباط هو النتيجة.
انك أيها المؤمن عليك أن تحذر اهمال الأسباب، واياك أيضا أن تفنمك الأسباب، انك ان أهملت الأسباب فأنت غير متوكل بل متواكل، فالتوكل عمل القلب، وأنت تنقل عمل القلب الى الجوارح ان الجوارح عليها أن تعمل، والقلوب عليها أن تتوكل، واذا قال لك واحد: أنا لا أعمل بل أتوكل على الله، قل له: هيا لنرى كيف يكون التوكل، وأحضر له طبق طعام يحبه، وعندما يمد يده الى الطعام قل له: لا أترك الطعام يقفز من الطبق الى فمك، ان هذا لفهم كاذب للتوكل!!.

**

بذل الخير

عندما ننظر في معنى كلمة خير نجد أن المقابل لها كلمة شر لكن كلمة خير هي الكلمة الوحيدة التي يكون فيها الاسم مساويا لأفعل التفضيل اذا أضيفت لها "من" لتصبح " خير من".
والخير هو ما يأتي بالنفع، ولكن مقياس النفع يختلف باختلاف الناس فواحد ينظر الى النفع العاجل، وواحد ينظر الى نفع آجل. ولنضرب مثلا على ذلك مثلا ـ والله المثل الأعلىـ بأخوين الأول يستيقظ باكرا ويذهب الى مدرسته، ويستمع الى أساتذته، ويواظب على قراءة دروسه واستيعابها، والآخر يوقظونه من النوم بمنتهى الصعوبة فاذا استيقظ فاستيقاظه قهر، ويخرج من المنزل لا الى المدرسة، ولكن ليتسكع في الشارع ليلعب مع هذا وذاك.
ان كلاهما يحب الخير لنفسه ولكن الخلاف بينهما يكون في تقييم الخير، واحد يفضل الخير الآجل، وآخر يفضل الخي العاجل ولو كان فيه ضياع لحياته.
واحد يفضل أن يتعب عشر أو خمسة عشر سنة ليكون انسانا ذا مكانة في المجتمع، وآخر يفضل أن يلعب الآن ولو كان ذلك فيه دمار لسمتقبله.
مثال آخر فلاح يفلح الأرض، ويحسن زراعتها ورعايتها، ويعتبرها فضلا من الله تعالى فيرعى حق الخالق فيما وهب، ويروي الأرض ويسمدها، ويرجو الحق أن يبارك له في الرزق فيمر الوقت وينضج الزرع فيحصده ويملأ الرجل مخازنه برزق الله الوفير، ويزكي ماله ورزعه، ويظل طوال العام يأكل هو وأبناؤه مما رزقه الله نتيجة لتعبه وكدّه، وآخر لا يرعى حق الله فيما وهبه من أرض ويتركها ويهملها، ولا يرهق نفسه، ويستسلم للكسل، ويأخذ رزقه من السرقة والتسول.
اذن فهناك معايير مختلفة لحب الخير، فلماذا نرهق أنفسنا في وضع مقاييس للخير؟ ان الحق هو الذي أنزل الشريعة الغرّاء وبها كل معايير الخير، وان معايير الخير التي وضعها الحق لا تختل أبدا.

**

الصدق

يقول الحق سبحانه وتعالى:{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} التوبة 119. أي يا من أمنتم بالله اتقوا الله أي اجعلوا بينكم وبين الله وقاية، ولكن من المفروض أن المؤمن يكون في معية الله فكيف يطلب الحق سبحانه وتعالى منا أن نجعل بيننا وبينه وقاية؟
نقول، أي اجعلوا بينكم وبين صفات الجلال في الله وقاية، وهنا يأتي من يتساءل بأن الله سبحانه وتعالى يقول:{ اتقوا الله} ويقول سبحانه:{ اتقوا النار} فكيف ينسجم المعنى؟
نقول: ان المعنى منسجم، لأن النار جند من جنود الله تعالى، فكأن الحق سبحانه وتعالى يقول: اجعلوا بينكم وبين النار التي هي من جنودي صفات الجلال وقاية.
وقول الحق سبحانه وتعالى:{ وكونوا مع الصادقين} أي التحموا بهم فتكونوا في معية الله، فاذا جاء من بعدكم وجدوكم من الصادقين.
اذن فـ { مع الصادقين} سابقة { لمن الصادقين} يوسف 51.
ولكن من هم الصادقون؟
مادة هذه الكلمة الصاد، والدال، والواو تدل على أن هناك نسبا يجب أن تتوافق مع بعضها البعض فما معنى هذه النسب؟
ان انسان حين يتكلم فانه قبل أن ينطق بالكلمة تمر على ذهنه نسبة ذهنية قبل أن تكون نسبة كلامية مثل اذا أردت أن أقول:" محمد زارني" قبل أن تسمع لساني ينطق بهذه العبارة فانها تمر على ذهني أولا، والمستمع لا يدري شيئا عنها، فاذا قلت لي كلاما أعلم أن النسبة الذهنية جاءت الى عقلك فتردمها لسانك الى نسبة كلامية فنطق بها فلما سمعها السامع عرف أولا النسبتين، وقد تكون هذه النسبة صحيحة وواقعة، حينئذ يكون الصدق، وقد تكون غير صحيحة ويكون الكذب.
اذن فالصدق هو أن تطابق النسبة الكلامية الواقع، واذا لم تتوافق فهو من الكذب، فكل كلام يقال محتمل الصدق أو الكذب، والصدق هو الذي يجمع كل خصال الايمان، وجاء في الأثر حديث البدوي الذي جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: في ثلاث خصال لا أقدر عليها:" الأولى النساء، والثانية الخمر، والثالثة الكذب، وقد جئتك بخصلة من الخصال الثلاثة أتوب منها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن صادقا وما عليك" فلما ألحت عليه خصلة شرب الخمر قال: وان سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أشربت الخمر" فماذا أقول له؟ لا بدّ ان أقول له الصدق فأمتنع عن شرب الخمر، وعندما نظر الى امرأة واشتهاها قال: ان سألني رسول الله:" ماذا فعلت مع النساء؟ فماذا أقول له؟ لا بد أن أقول له الصدق فامتنع عن النساء، وهكذا منعه الصدق من المعاصي، ولذلك عندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيسرق المؤمن؟ قال نعم. أيزني المؤمن؟ قال نعم، أيكذب المؤمن؟ قال: لا.
والله سبحانه وتعالى ينبه الى أنه لا بدّ أن يكون كلامك مطابقا لواقع فعلك، واياك أن تقول كلامك وفعلك غيره، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} الصف 2، 3.

**

الصبر

الصبر هو حبس النفس بحيث ترضى بمكروه نزول بها، والمكروه له مصدران:
الأول: أمر لا غريم لك فيه، فان أصابك مثلا مرض أو عجز، أو فقدت أحد أولادك بموت، فهذا ليس لك غريم فيه، ولا تستطيع أن تفعل معه شيئا.
والثاني: أمر لك غريم فيه كأن يعتدي عليك أحد، أو يسرق مالك أو غير ذلك.
الأمر الذي لا غريم لك فيه: ليس أمامك الا الصبر، والأمر الذي لك غريم فيه تكون نفسك مشتعلة برغبة الانتقام، ولذلك يحتاج الى صبر أكبر وصبر اطول، لأن غريمك أمامك، فنفسك تطالبك بالانتقام منه، ولذلك يفرق الله سبحانه وتعالى بين الصابرين فيقول سبحانه وتعالى:{ واصبر على ما أصابك ان ذلك من عزم الأمور} لقمان 17، ويقول سبحانه وتعالى في آية أخرى:{ ولمن صبر وغفر ان ذلك من عزم الأمور} الشورى 43، ووجود اللام هنا يدلنا على أننا نحتاج الى الصبر على غريم لنا، والى قوة ارادة وعزيمة حتى نمنع أنفسنا من الانتقام.
والصبر له دوافع، فمن الناس من يأتيه أحداث شديدة فيظهر أمام الناس أنه اقوى من الأحداث التي لا تستطيع أن تنال منه، وانه جلد، وأنه صبور فهذا صبر ليس لابتغاء وجه الله، ولكنه صبر ليبين نفسه أنه فوق الأحداث، أو صبر أمام أعدائه حتى لا يشمتوا فيه، فقد قال الشاعر:
وتجلدي للشاتمين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع
ولكن الحق سبحانه وتعالى يريد منا أن نصبر ابتغاء وجهه الكريم، فعندما ترى أمرا يحدث فاعرف أن فيه خيرا كثيرا، واعلم أن لله فيه حمة، ولو أنك خيّرت بين ما كان يجب أن يقع وبين ما وقع لاخترت ما وقع.
اذن فالذي صبر ابتغاء وجه الله ينظر الى مناط الحكمة في مورد القضاء عليه، ولذلك يقول: أحمدك يا ربي على كل قضائك، وجميع قدرك حمد الرضا بحكمك لليقين بحكمتك، هذا تيقن بالحكمة فلا تأخذ الأمور بسطحية.

**

ألوان الصبر

ان الصبر في البأساء هو الصبر على ما يعتري الانسان من بؤس وفقر، أما الصبر في الضراء فهو الصبر على آلام البدن من مرض أو علل أو عاهات، والصبر حين البأس هو الصبر الذي يطلق على الصبر والمصابرة في القتال أثناء الالتقاء بالعدو، اذن فنحن أمام ثلاثة ألوان من الصبر:
الأول: صبر على حال بؤس أو فقر.
الثاني: الصبر على الابتلاء في البدن.
الثالث: الصبر في لقاء العدو.
ولذك يروى أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى:" اذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني الى عوّاده أطلقته من اساري ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ثم يسالأنف العمل". معن ذلك أن الانسان اذا أصابه الله بأمر من امور الابتلاء الذي يؤلم، ولم يتذمر العبد بالشكوى انما صبر على ذلك الابتلاء فان مات فان الله تعالى يغفر له ويرحمه، وان عافاه كانت عافيته بلا ذنب.
لكن لا يجب أن نفهم من ذلك أن يستسلم الانسان للأحداث أو الابتلاءات دون أن يبحث عن حلول لها عند الأطباء مثلا ان كنت مريضا، أو أن يأخذ بأسباب الله لازالة هذه النكبات، علينا أن نفهم أننا يجب أن نأخذ بأسباب الله دون ضجر بما يمر علينا من أحداث.

**

حقيقة البر

يقول الحق سبحانه وتعالى:{ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} المائدة2. فما هو البر؟
البر: ما اطمأنت اليه نفسك، والاثم: هو ما حاك في صدرك وخشيت أن يطلع عليه أحد، بمعنى: أن الأمر الذي تفعله وتخاف أن يطلع عليه الناس، هو الاثم، لأنه لو لم يكن اثما لحببت أن يراك الناس وأنت تفعله.
اذن فقول الحق سبحانه وتعالى:{ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} هو أن كل جماعة من الناس تأتي لتتعاون على مشروع خيري فنقول لها: فليبارك الله لك ونشد على يديك، ولكن نحذرك من شيء واحد هو ألا تجعلي لجمعياتك نشاطا يتسب الى غير دينك، مثال ذلك تلك الجمعيات المسماة بـ الروتاري أو ما شابه ذلك من الأسماء المشبوهة والوافدة الينا من الغرب ويقال ان نشاطها خيري، لماذا لا تقدمون الخير ما دام منكم ولاخوانكم باسم الاسلام.
ان الخير كل الخير ألا ننخرط في هذه الجمعيات فان بدا فيها خير ظاهر فما تبطنه من شر أضعاف مضاعفة، وان كان لواحد منا طاقة على العمل الخيري فليفعل ذلك من خلال دينه وعقيدته، وليعلم كل انسان أن الاسلام طلب منا أن تكون كل حياتنا للخير وذلك ما يجب أن يستقر في الأذهان حتى لا يأخذ الظن الخطأ كل ما يصيبه الخير من هذه الجمعيات أن الخير قادم من غير دين الاسلام أن من أميز ما يميز المؤمن.. { وكانوا يسارعون في الخيرات} الأنبياء 90..
وليعلم كل مسلم أنه ليس فقيرا الى القيم حتى يتسولها من الخارج، بل ان في دين الاسلام ما يغنينا جميعا عن هؤلاء، فاذا كنا نفعل الخير، ونقدم الخدمة الاجتماعية للناس، فلماذا لا نسميها بمسمياتنا نحن؟ ونأخذ أهدافها من ديننا نحن؟ ولماذا نجري وراء كل ما هو غربي؟
ولنقرأ جميعا قول الحق سبحانه وتعالى:{ ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين} فصلت 33.

**

التعاون على البر

يقول الحق سبحانه وتعالى:{ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} المائدة 2.
الحق سبحانه وتعالى يريد منا أن ننمي الخير ونمنع الهدم، وما دمنا نتعاون على الخير فعلى كل منا أن يعرف أنه يستطيع أن يقيم كل أبنية الخير، اننا نسأل الفقير فنجده أحيانا صاحب ثوب واحد، ويتناول وجبة واحدة، وعندما تسأله من أين تأتي برغيف الخبز فانه يشير الى البقال الذي أعطاه هذا الرغيف، وهذا يلفتنا الى أن الله قد سخر البائع أن ياتي بالخبز ليشتري منه كل الناس، ولو سألت البائع من أين أتيت بالخبز الذي تبيعه لقال لك أنه من المخبز.
وعندما نذهب الى المخبز فنجد بعض العمال يعجنون الدقيق وآخر يخبز، ولو سألت صاحب المخبز من أين أتيت بالدقيق الى المخبز؟ لقال لك من المطحن.
وفي المطحن نجد عشرات العمال والمهندسين يعملون من أجل طحن الدقيق، وهذا يلفتنا الى قدرة الله سبحانه الذي سخر بعضا من الممولين الذين اشتروا هذه الآلات الضخمة التي لا يستطيع فرد واحد أن يشتريها بمفرده، وهذه الآلات الضخمة قامت بانتاجها معامل ومصانع ضخمة فيها الكثير من العلماء الأفذاذ الذين قاموا بدراسة الحركة والطاقة من أجل تصميم هذه الأجهزة.
ان الانسان عندما يأكل رغيفا واحدا يعلم أن هناك عشرات من الدول والأفراد يعملون من أجل هذا الرغيف، وتلك مشيئة الحق سبحانه وتعالى من أجل تنظيم كل حركة الحياة، فالبقال الذي عرض الخبز عاون الناس، وكذلك الخباز، ومن قبله الطحان والعجان، والذي استورد الآلة، والذي صمم الآلة، والكلية التي علمت المهندس الذي صممها.
اذن فالكل يتعاون من أجل رغيف خبز، ولا أحد منا يفكر في هذا الرغيف الا ساعة أن يجوع، فحركة الحياة كلها تمّ بناؤها بالتعاون بين خلق الله كلهم، فالكل مسخر لخدمة الكل.

**

كظم الغيظ

يقول الحق سبحانه وتعالى في وصف المتقين{ والذين ينفقون في السراء والظراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} آل عمران 134.
ان من صفات المتقين كظم الغيظ، فعندما جاء الى الرسول صلى الله عليه وسلم خبر مقته عمه حمزة وقالوا له: ان هندا قد انتزعت كبده وأكلته، فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم هل مضغتها؟.
قالوا: لا، لفظتها.
لقد جعلها الله عصية عليها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان الله ليعذب بعض حمزة في النار كأنها هي ستذهب الى النار لو أكلتها لتمثلت خلايا كبده وعندما تذهب هند الى النار فمعنى ذلك أن بعض حمزة قد دخل النار، لذلك فكان لا بد أن تكون كبد حمزة عصية عليها وتلفظها، ولما كان مقتل حمزة رضي الله عنه من المواقف التي سببت ألما شديدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: لأن أظفرني الله بهم لأقتلن منهم سبعين، وهناء جاء القول الحق:{ والكاظمين الغيظ}.
ان الحق سبحانه وتعالى يأخذ ذروة الحدث وقمته في رسول الله من أكثر شيء اغتاظ منه، فيرشده سبحانه ويعلمه وينزل عليه القرآن الكريم وفيه:{ وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}. النحل 126.
ذلك حتى نعرف أن الله لا ينفعل لأحد، لأن الانفعال من صفات الأغيار، لذلك أنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم{ وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} فكان كظم الغيظ، وكانت التوجيهات الالهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أحداث أحد ثم بعد ذلك يشيعها الحق قضية عامة لتكون في السلم كما كانت في الحرب، ولتكون أيضا معلما ومرشدا للناس للارتقاء في مراتب اليقين.
ان الأمور المعنوية مأخوذة من الحسيات، فأصل الكظم أن تملأ القربة، والقربة هي وعاء نقل الماء عند العرب مصنوعة من جلد مقلوب، فاذا ملئت بالماء شدّ على رأسها، أي ربطت ربطا محكما عند فوهتها بحيث لا يخرج منها ما فيها، وهذا يسمى كظم القربة، أي ملؤها وربطها بشكل جيد.
والقربة بطبيعتها لينة، فلو وضعت على ظهر الدابة أو حملها رجل دون كظمها حينئذ يندفع الماء خارجا منها، ولكن كظم القربة يجعل الماء لا يخرج منها.
كذلك كظم الغيظ يصنع في النفس البشرية هياجا، ولا يمنع الله الهياج في النفس، لأنه انفعال طبيعي، وهذه الانفعالات الطبيعية لو لم يردها الله لمنع أسبابها في التكوين الانساني، ولكن الحق يريدها لأشياء، مثال ذلك الغريزة الجنسية فيريدها الله لبقاء النوع ولكنه يهذبها.
وكذلك الغيظ فهو طبيعة بشرية، والاسلام لا يريد من المؤمن أن تكون عواطفه في قالب من حديد، ولكن الاسلام يطلب من المؤمن أن ينفعل للأحداث الانفعال المناسب للحدث، الانفعال المثمر، لا الانفعال المدمر.
وقول الحق سبحانه وتعالى:{ والعافين عن الناس} آل عمران 134، يبين أن هناك فرقا بين الانفعال في ذاته الذي يبقى في النفس وتكظمه، وبين العفو، فالعفو هو: أن تخرج الغيظ من قلبك، وأن تمحو كل أثر لما جرى، وكأن الأمر لم يحدث، وهذه مرتبة ثانية. أما المرتبة الثالثة: فهي أن تنفعل انفعالا مقابلا فعندما تريد أن تعاقب فأنت تستبدل ذلك بالاحسان اليه.
اذن ففي الآيات ثلاث مراحل:
الأولى: كظم الغيظ.
الثانية: العفو.
الثالثة: أن يجاوز الانسام الكظم والعفو بأن يحسن الى المسيء اليه، وهذا هو الارتقاء في مراتب اليقين.
ولكن ما معنى الارتقاء في مراتب اليقين؟
أنه عندما لا تطظم غيظك وتنفعل، فالمقابل لك أيضا أنك لا تستطيع أن تضبط انفعالك بحيث يساوي انفعاله، ويكون المقابل لك ممتلئا بالحدة والغضب، بل قد يظل الغيظ آنذاك ناميا، لكن اذا ما كظمت الغيظ، انخفض في المقابل لك الغضب وبذلك ستنتهي المشكلة.

**

المعاملة باحسان

الحق سبحانه وتعالى أمرنا بمعاملة الوالدين بالاحسان، لأنهما السبب المباشر في وجودنا، وكما ربى الله عباده على النعم، فالوالدان مكلفان من الحق أن يربيا الابن صغيرا.
والاحسان للوالدين هو الأمر الذي يجب أن تزيد فيه الرعاية عن المطلوب، فليست رعاية الوالدين مجرد نفقة مادية يؤديها الانسان على كره منه، انماهي القيام برعايتهما بما يرتفع ويزيد من حدود الرعاية التقليدية، واذا كان الله تعالى فرض على كل مؤمن أن يعامل اخوانه بالحسنى الا انه سبحانه خص وأكد على ثلاث طوائف هي:
الطائفة الأولى: الوالدان:
ان رعاية الوالدين أمر لا يستحب فيه القيام بالواجب في أقل الحدود، وانما يجب أن يكون أعلى بأكثر من المطلوب، وحتى نفهم معنى الاحسان فلنا أن نعرف أن الذي يصلي الفروض الخمسة هو انسان أدى ما عليه، ولكن اذا جاء في الليل وصلى عشر ركعات أو عشرين ركعة طلبا في زيادة في المثوبة والأجر من الله تعالى، فذلك ارتقاء من مرتبة الأداء الى مقام الاحسان، وهو الذي يفتح للانسان المؤمن الود مع الرحمن سبحانه وتعالى. ولذلك نجد الله سبحانه وتعالى يقول عن أصحاب مقام الاحسان:{ ان المتقين في جنات وعيون آخذين ما أتاهم ربهم، انهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم سيتغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} الذاريات 15ـ19.
الله تبارك وتعالى يوضح مرتبة الاحسان فيصف سبحانه أهلها بأنهم لا يقومون فقط بما فرض عليهم من فرائض، بل يزيدون عليها فيدخلون بأنفسهم مقام الايمان، ثم يترقون بكثرة الطاعات وعمل الخيرات ومراقبة الله تعالى في كل أمر فيدخلون الى مقام الاحسان.
انهم لا يقومون الا الصلاة في ميقاتها فقط، ولكن يزيدون عليها بالنوافل، ولا يقومون بالفرائض فقط، ولكن يزيدون عليها بالاستغفار والذكر والتضرع الى الله تعالى في السحر، ولا يؤدون الزكاة فقط، ولكنهم يعتبرون أن أي مال لهم هم مستخلفون فيه، ويعتبرون أن للسائل والمحروم حقا فيه، وهكذا يكون الاحسان.
ان الله أمر بالاحسان للوالدين وهو أن يقوم الابن بما يتجاوز ما هو مفروض لهم خشية لوم الناس، بل هو الارتفاع بمعاملة الأب والأم الى مقام الاحسان ومرضاة الله تعالى، ووفاء حقهم عليه.
الطبقة الثانية: ذوو القربة.
ان الحق سبحانه وتعالى يحرض على السعي في طلب الرزق ويرغب فيه، ليعود بالنفع على المجتمع كله، فعندما يعمل الانسان عليه أن يجدّ في عمله ليعود ثمرة عمله عليه ويفيض منه ما ينفق على والديه وأقاربه، وليس هنا فحسب فكل ضعاف المسلمين، وأبناء السبيل يجب أن يكونوا في باله حينما يسعى للرزق وعندما يعمل كل انسان بهذا الفكر فلا بدّ للمجتمع كله أن يرتقي، ولسوف نجد دوائر الأقارب ترقى في مستوى انساني لا يسمح بفوارق شاسعة في مستويات الحياة، وعندما تترقى دوائر القربى وتزدهر العلاقات الانسانية فانه ينقي النفوس من جشع الثراء ولو على حساب الأقربين، أو جشع تدمير الآخرين، ومثال على ذلك تلك السلسلة من العمارات السكنية التي تمهار من وقت لآخر أقامها الطمع الجاهل، واستبد بأصحابها الجشع القاتل فأصاب المجتمع بكوارث، ان تمّ علاجها ماديا فسوف تأخذ وقتا لعلاج آثارها النفسية، وذلك لغيبة الايمان في قلب من أقامها، وضاع الضمير في سبيل الحرص على سرعة الثراء مما أودى بحياة ساكني هذه المباني الى الهلاك.
ان الاحسان في معاملة ذوي القربى يجعل من المجتمع الانساني مجتمعا متكافلا متآزرا فلن نجد فقيرا يعني من العوز، ولن نجد مسكينا الا في أقل القليل، ولذلك علينا أن نلحظ أن الحق سبحانه وتعالى لم يشرع نظام الزواج وعلانيته الا ليضمن سعادة الأفراد والمحافظة على الأنساب وضرورة التكافل الاجتماعي، فيجعل من الانسان مسؤولية ايمانية هي رعاية والديه وأقاربه، فلن نجد في دائرة القربى لرجل أعطاه الله المال الكثير وهو حسن الايمان من يشكو العوز، لأن الارتفاع الى مفام الاحسان يتطلب من الغني أن يرعى حق الله في ذوي قرباه.
الطائفة الثالثة: اليتامى
الانسان اليتيم هو الذي فقد الأب المسؤول عن الرعاية ماديا ومعنويا بينما نجد في الحيوان اليتيم هو من فقد الأم، ذلك أن الابن عند الحيوان يعتمد في نموه وطعامه وتدريبه على الأم، كما أن نسب الأبناء في الانسان يكون لآبائهم، أما في الحيوانات فيصعب أن نجد هذا النسب، ذلك لأن الحيوانات لا تعرف نظام الزواج الذي كرّم الله به الانسان.
والأم في المجتمع الانساني ترعى وتعطي حنانا وقيما، والأب يعطي قدوة في السعي والحصول على الرزق الحلال، ونحن نرى في هذا العصر الكثير من النساء متخليات عن الأبناء، ونرى الكثير من الآباء مشغولين عن أبنائهم، كل ذلك جريا وراء نهج الحضارة الغربية التي يأخذون منها بأسباب العلم الذي يمكن أن يرتفع بمجتمعاتنا الى مستوى المجتمعات المتقدمة تكنولوجيا.
ان مهمة الأم في الحياة شاقة فهي: حمل ورضاعة ورعاية لمدة ثلاثين شهرا، لقد حملته كرها ووضعته ألما ثم تعهدته في مهده بالعناية والرعاية واحتضنته حتى يبلغ سن النضج التي يصبح فيها قادرا على الأخذ عن أبيه، وهي في ذلك كله تعطي بحنان وحب ورقة مشاعر.
كذلك مهمة الأب في الحياة شاقة انه قدوة سلوكية للابن، ورعاية كاملة عاطفيا وعقليا لذلك، فالرحمة واجب ايماني من الابن لأبويه.

**

معاني الحكمة

ان كلمة الحكمة تطلق في الأصل على قطعة الحديد التي توضع في الحصان لتلجمه حتى يتحكم فيه الفارس، ذلك أن الحصان حيوان مدلل يحتاج الى ترويض فقطعة الحديد التي توضع في فمه تجعله محكوما من صاحبه.
والحكمة ضد السفه، والسفه كما نعرف هو أن نصنع الشيء دون دراية، وهكذا تكون الحكمة هي أن يوضع مجال لكل حركة لتنسجم مع غيرها.
فالكون محكوم بالحق سبحانه وتعالى، وهو الحكيم العليم الذي يضع لكل كائن اطاره وحدوده والحكمة في عموم حركة الحياة:
فالحكمة في النحو أن تضع الكلمة في مكانها وباعرابها.
والحكمة في الفقه أن نستنبط الحكم الصحيح.
والحكمة في الشعر أن نزن الكلمات على التفاعيل.
والحكمة في الطب أن نعرف تشخيص المرض والدواء المناسب له.
والحكمة في الهندسة هي أن تصمم المستشفى وفق احتياج المريض والطبيب الى أجهزة العلاج وأماكن لاجراء الجراحة، وكذلك تصميم أسلوب الاضاءة وبقية المرافق، وتحديد أماكن الفمصاعد ومخازن الأدوية وأماكن اعداد الطعام، وأماكن النقاهة، ثم أماكن العلاج الخارجي.
وهذا التصميم للمستشفى يختلف بحكمته عن تصميم منزل سكني، وتنظيم عمارة للسكنى يستوجب توزيع الشقق لراحة السكان جميعا، وحكمة بناء منزل تختلف عن حكمة بناء قصر أو مكان عمل.
فالحكمة اذن هي التوفيق، فاعداد مكان ليصلح لعمل معين أو وظيفة محددة يختلف عن أخذ مكان للسكن أو ليكون ديوانا حكوميا.
اذن فالحكمة هي وضع الشيء في موضعه، نشهد ذلك في أي آلة من الآلات، فالآلة على سبيل المثال قد تكون مكوّنة من خمسين قطعة وكل قطعة ترتبط بالأخرى بمسامير أو غير ذلك، وما دامت كل قطعة في مكانها فان الآلة تسير سيرا حسنا، أما اذا توقفت الآلة لخروج قطعة عن موضعها أو كسرها فاننا نستدعي المهندس ليضع كل قطعة في مكانها فتعود الآلة ااعمل باستقامة، ومثال ذلك ما يكون في الوجود مبنيا على حمة فلا ينشأ فيه فساد، فان حدث الفساد فانه ينشأ من حركات تحدث بدون أن تكون حيكمة.
قديما على سبيل المثال كنا نرى الأسلاك الكهربائية دون عوازل فكان يحدث منها ماس كهربائي، وكلما نجد خطأ فاننا نعدّل من صنيعنا للشيء وهذه حكمة.
وقديما كنا نجد جميع الأسلاك التي في السيارة ذات شكل واحد فكان يحدث ارتباك هند الاصلاح، لكن عندما جعل كل سلك بلون معين فهذا يسهل عملية الاصلاح عند أي ارتباك وهذا حكمة.
ان الحكمة كما قلنا اذن هي وضع الشيء في موضعه، وما دام الأمر كذلك فان كل صانع يصلح لصنعته ويقدم لها دليل الصيانة الكامل، ولما كنا نحن البشر خلقا من خلق الله نتعالى فهو سبحانه أعلم بمواطن الضعف والخلل فينا، وكيفية معالجتها، وسبحانه لم يخلقنا هملا ولا عبثا بل أرسل سبحانه الرسل وأنزل الكتب لتعالج داءات المجتمع وأمراضه، فأعرضنا عنها وشرعنا ولأنفسنا ما يوسوس حياتنا فاختلفت الموازين وانقلبت القيم وضاعت الأعراف بين الناس، ودائما ما نقول اذا رأينا خللا في أي مجتمع فلنعلن أن هناك شيئا قد ناقض حكمة الله تعالى، وعندماةنبحث عن العطب سوف نجده تماما مثل أي عطب في أي آلة، فتأتي لها بالمهندس الذي يصلحها، واذا ما حدث فساد في المجتمع فاننا يجب أن نرده الى خالق الخلق سبحانه، من خلال كتاب ربنا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.


**
العدل

كل انسان منا لو أدى ما في ذمته من حق للغير لما وجد التشاحن، ولما وجدت الخصومة، لذلك لا توجد في مثل تلك الحالة ضرورة للمحاكم ومجالس فض النزاعات، ولكن الحق الذي خلق الخلق، يعلم أن الانسان من الأغيار. لذا فمنهم من يغفل عن هذه القضية، قضية أداء الحقوق فينشأ عنها الفساد في الأرض، لذلك قضى الحق سبحانه وتعالى بشيء آخر اسمه العدل فلو أن الانسان قد أدى حقوق الغير كاملة لما احتجنا الى المحاكم، لأنه لا يوجد خلاف أصلا.
لكن الحق سبحانه وتعالى وهو أعلم بمن خلق، ومن علمه أن خلقه سيطغى بعضهم على بعض، لذلك أوجد العدل للقصاص ممن يبغي على غيره، واعطاء كل ذي حق حقه قال تعالى:{ واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} النساء 58.
والحق لم يقل اذا ائتمنتم فأدوا.. ولكنه سبحانه وتعالى قال:{ ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها} النساء 58.
فاذا حدثت الغفلة عن أداء الأمانة فالذي ينصر أداء الأمانة خلال الغفلة هو العدل؛ فما هو العدل؟
اننا نعرف الأمانة وهو أن تؤدي حقا أو متعلق حق في ذمتك للغير، ولكن العدل غير ذلك فهو تأدية للغير، وذلك يكون عن طريق الحكم، وهنا لا يكون هناك شيء متعلق للغير بذمتك ولكنه بشيء مكتوب أو مشهود عليه.

**

مطلوبات الأمانة..
ومطلوبات العدل

كما أن أداء الأمانة عامة فلا بدّ أن تكون آية العدل عامة أيضا فقوله سبحانه وتعالى:{ واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} لا تخص هذه الآية الحاكم وحده ولكنها تخص كل واحد من البشر المكلفين، فلو كنت محكما من طرف قوم، ورضي الناس بك حكما بينهم في خصومة ما فعليك أن تحكم بالعدل، وقد تكون لا ولاية لك على هؤلاء الناس، ولكن أصحاب المظلمة أو المشكلة حكموك فيها فعليك أن تحكم بين الناس بالعدل.
اذن فلا بد أن تتمثل بمنهج الله تعالى:{واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} وذلك يكون في أي أمر من الأمور حتى ولو كان الأمر يتعلق بحق من حقوق التكريم والموهبة، وليس من الضروري أن يكون الحكم بالعدل في الأمور المادية، فها هو ذا الامام علي رضي الله عنه برى غلامين يحتكمان الى ابنه الحسن ليحكم بينهما في أمر هو: أي الخطين أجمل من الآخر، خط الأول أم خط الثاني؟ وهذا أمر قد ينظر الناس اليه على أنه أمر لا قيمة له، فما الذي يستفيده واحد منهما باعلان تفوقه على الآخر في كتابة الخط، لكن الامام عليا رضي الله عنه رأى في المسألة أمرا مهما، لأنها شغلت الطفلين، وصار كل واحد منهما يطلب معرفة ما يميزه عن الآخر في كتابة الخط فقال الامام علي لابنه الحسن رضي الله تعلى عنه: يا بني انظر كيف تقضي في هذا الحكم، والله تعالى سائلك عنه يوم القيامة.
وفي العصر الحديث نرى أنه قد وضعا قواعد محكمة للحكام الذين يقفون قضاة حتى ولو في المباريات الرياضية المختلفة سواء كرة القدم أو الملاكمة أو غيرها فلكل لعبة قوانين يترتب عليها قياس المهارات المختلفة بين البشر، وما دام الواحد منا قبل أن يكون قاضيا حتى ولو كان في اللعب فعليه أن يعرف كيف يحكم بالعدل، ولذلك نرى نحن غضب المتفرجين اذا تغاضىةالحكم عن ضربة جزاء لصالح فرقة من الفرق، ونتعجب عندما نرى أن المجتمع يصمت عند حدوث خلل في الأمور الجادة في الحياة، ففي اللعب نتمسك بقوانين الجد، ولكن نحن تركنا الجد بعد أن جردناه من قانون خالقه جل وعلا، فلو اعتنينا بالجد كاعتنائنا باللعب لصارت أمورنا الى خير عميم.
اذن فالعدل هو حق في ذمة الغير للغير، ونحن أمناء عليه وعلينا أن نتحرى الصواب قدر الاستطاعة لقول الله تعالى:{ ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، ان الله نعمّا يعظكم به، ان الله كان سميعا بصيرا} النساء 58.
وقوله تعالى:{ نعمّا} هي أنه لا يوجد أفضل من هذه العظة فهي نعمة تستقيمبها حركة الحياة، وهي نعمة أداء الأمانة والحكم بالعدل بين الناس، فاذا أدى الناس الأمانة فلا نزاع، ولا خلاف، واذا قاموا بالحكم وظهر أنه خلاف للعدل، فالعدل ينهيه، واذا كان المجتمع عدل يحرس حقوق الناس عند الناس فلن يجرؤ ظالم على الظلم.
فالدقة في العدل تورث ميزة الأمانة ان غفل الناس عنها، فالذي يغري الناس بالظلم هو أن بعض الأحكام الدنيوية لا تأتي بالعدل، فيقال: ان فلانا كان له سابقة وفعل مثلها ولم ينتبه أحد، وبذلك يتم الاغراء بالظلم، لكن لو أننا في كل صغيرة وكبيرة وجدنا الحكم يردع الظالم ويرد الحق لصاحبه لا تنشر العدل والأمانة، فذلك قول الحق سبحانه وتعالى:{ ان الله نعمّا يعظكم به} وقد سميت هذه المسألة عظة، والوعظ هو ترقيق القلب للميل الى الحكم، لأن الله في أمره ونهيه لا حاجة له في أن يفعل الناس أو لا يفعلوا ولكنها مصلحة البشر مع البشر.
ومعلوم أن أحسن ألوان الأمر ما لا يعود على الأمر بفائدة، لأن في عودة الفائدة على الآمر قد يشكك في الأمر، وقد يوجد انسان يأمر ولا يكون لأمره منفعة لنفسه ولكنه لا يكون واسع العلم، ولا واسع الحكمة، لكن الحق سبحانه وتعالى ليس له مصلحة في الأمر، وهو سبحانه واسع العلم والحكمة، لذلك فالعظة منه هي العظة العظمى وهو سبحانه لا ينتفع بأمره.
ان قوله:{ ان الله نعمّا يعظكم به} أي: من نعم ما يعظكم به الله هو أن تؤدي الأمانات الى أهلها وأن تحكموا بين الناس بالعدل. وهنا نجد ملحظا في الأداء البياني في القرآن الكريم فقول الحق:{ أن تؤدوا} هو أمر للجماعة، وهذا يعني أن كل واحد من الجماعة المسلمة مطالب بأن يؤدي هذا الحكم أولا، وليس الأمر متوقفا عند ذلك الحد ولكن المهمة تتعدى الى الآخرين، فالمهمة لا تقتصر على حفظ حقوق الجماعة المؤمنة فقط ولكن الجماعة المؤمنة مكلفة بأن تصون الحقوق بين الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم فالحق سبحانه قال:{ واذا حكمتم بين الناس} فهذا يقتضي حماية حتى لمن لا يؤمن بدين الاسلام, ولا توجد حماية لمن لا يؤمن بدين الاسلام أكثر من هذا، وأنه سبحانه يريد منا أن نؤدي الأمانة الى كل الناس سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين.
ان كلمة {الناس} في أمر الحق سبحانه وتعالى تدل على عدالة الأمر من الله تعالى وهو رب الناس، كل الناس مؤمنهم وكافرهم، فما دام الله هو الذي استدعى الانسان الى الدنيا ومنهم المؤمن والكافر فلا أحد يخرج عن نطاق الربوبية لله، انه سبحانه وتعالى تكفل برزق الجميع، ولذلك أمر الله الكون أن يعطي من أخذ بالأسباب أن يصل الى الغابة بالمسببات سواء كان مؤمنا أم كان كافرا، انه عطاء الربوبية.
الله سبحانه وتعالى لم يسخر الكون للمؤمن فقط وانما سخره للمؤمن والكافر، ولذلك طلب الحق منا أن نعدل بين المؤمن والكافر ولذلك تكون الأمانة فيه مطلوبة للمؤمن والكافر، وهي مطلوبة للبار والفاجر، كذلك صلة الرحم مطلوبة للبار والفاجر وذلك يدا على سعة رحمة الدين، ولذلك يترك الحق سبحانه وتعالى لعض الأقضية لتنشأ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأتي أشياء لتبين لنا بالتطبيق بعض الأقضية لتنشأ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأتي أشياء لتبين لنا بالتطبيق أن هناك فرقا بين أن يكون الأمر نظريا، ولكنه شبحانه يريد الأمر مطبقا عمليا.
والله سبحانه وتعالى خلق الخلق جميعا ويعرف عواطفهم، وأن هذه العواطف عند المؤمنين في بعض الأحيان قد تحابي المؤمن على حساب غيره، لذلك يشاء الله سبحانه وتعالى أن يجعل في تاريخ محمد صلى الله عليه وسلم أشياء تحدث معه هو ثم ينزل الله التشريع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون الرسول صلى الله عليه وسلم أول المكلفين به ليدلنا على أن التشريع في المسألة الانسانية العامة تشريع لا يخص المؤمنين فقط ولكن المؤمنين والكافرين ويكون ذلك اما دافعا لهم على الدخول في هذا الدين، واما حسرة في نفوسهم لما يروا ما يتمتع به المسلمون من سمو ايماني وعدالة وانتصار للحق، ولكن لو ظلم المسلمون، لقال الكافرون ان المسلمين ظلمونا ولو جدوا في ذلك مبررا للكفر.
وتروي كتب الحديث والتفسير قصة طعمة بن أبيريق الذي سرق درعا من زيد بن رفاعة عم قتادة بن النعمان وكلاهما مسلم والدرع كما نعرف هو اللباس الذي يحمي من طعنة العدو، ووضع طعمة الدرع المسروق في جوال كان به دقيق، وغفل طعمة عن وجود بعض آثار الدقيق بين أنسجة الجوال فلما حمل طعمة الدرع في الجوال تناثر الدقيق، وترك علامات في الطريق وهو يسير من بيت النعمان الى بيته، وعندما وصل طعمة الى بيته جاءه هاجس هو أن الناس قد تنتبه الى وجود الدرع عنده فذهب بالدرع داخل الجوال الى بيت يهودي هو زيد السمين فترك الدرع عنده، فلما فطن قتادة بن النعان الى ضياع الدرع خرج معلنا سرقة الدرع، وسار هو وبعض أصحابه ليتتبعوا الأثر فوجدوه يقودهم الى بيت طعمة بن أبيرق فقال طعمة: أنا لم أسرق.
وتتبعوا الأثر ثانية فوجدوا الدرع عند زيد السمين اليهودي، ولما رفع الأمر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان طعمة بن أبيرق من قبيلة بني ظفر، وجاء أعوان القبيلة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا للرسول تفاصيلها وقالوا: لو أنصفنا زيد بن السمين فانه ستتم مؤاخذة طعمة بن ابيريق، وهذه سبة لنا وللمسلمين وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامهم وهو أحرص الناس على ألا توجد سبة للمسلمين، ولا أن يوجد بينهم لص، وسكت صلى الله عليه وسلم حتى يأتيه الوحي من ربه في هذه القضية واذا بالأمين جبريل ينزل بقوله تعالى:{ انّا أنزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله، ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله، ان الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم، ان الله لا يحب من كان خوّانا أثيما} النساء 105ـ107.
اذن فالحق سبحانه أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن صاحب الحق أولى ولو كان غير مسلم، وقال له: استغفر الله ان كان جال بخاطرك أن ترفع رأس مسلم خان على يهودي لم يخن.
ان استحياء بني ظفر من فضيحة طعمة بن أبيريق بين الناس لا يجب أن يلهيهم عن الفضيحة الأكبر وهي الفضيحة عند الله تعالى فلا براءة لطعمة عند الله اذ يقول الحق سبحانه:{ هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة} النساء 109.
اذن فقول الحق سبحانه وتعالى:{ واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} النساء 58، هذا القول يقتضي أن يكون الحكم والأمانة أمرا شائعا بين كل الناس فلا يخص المؤمنين فقط ولكن يخص المؤمنين والكافرين طالما ارتضوا أن يعيشوا في دولة الاسلام.
ولذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقضي بين الناس أن يسوي بين لبخصمين فلا ينظر لواحد دون الآخر أي: لا يكرم واحدا دون الآخر، وذلك حتى يشعر الطرفان بالمساواة أمام القاضي فلا ينظر القاضي الى طرف بحنان وعطف، وينظر الى الآخر بجفاء، ان النظرة يجب أن تكون متساوية، ولذا نجد الامام عليا رضي الله تعالى عنه قد ردّ القاضي لأنه قال له: يا أبا الحسن! فقال علي رضي الله عنه:أنت لا تصلح لأن تقض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عمرو عبدالرازق
مشرف عام
مشرف عام
عمرو عبدالرازق


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1252
المجهود والاسهام في المنتدي : 1633
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
العمر : 42
علم الدولة : بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي EgyptC

بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي   بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي I_icon_minitimeالسبت مايو 22, 2010 10:58 pm

بارك الله فيك

وجزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كريم
عضو برونزي
عضو برونزي
كريم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 67
المجهود والاسهام في المنتدي : 100
تاريخ التسجيل : 18/05/2010
العمر : 42
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : غرفة شركات ووكالات السفر والسياحه
علم الدولة : بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي EgyptC

بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي   بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي I_icon_minitimeالسبت مايو 22, 2010 11:11 pm

شكرا على اهتمامك وارجو منك ان تقرأة كاملا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بين الفضيلة والرذيلة للداعية محمد متولي الشعراوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أهلاً سيد .. علاء .. محمد سند .... محمد قناوي .... سامح
» ابناء السنابسة في الخارج
» طلب أمر إداري ..... من محمد فوزي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي أبناء السنابسة  :: اسلاميات :: قسم الحديث الشريف-
انتقل الى: