منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


[[[ فكر متجدد *** ونقاش بنـّاء *** وعطاء بلا حدود ]]]
 
الرئيسيةشات منتدي أبناءأحدث الصورالتسجيلدخول
قوانين المنتدي ............... بسم الله الرحمن الرحيم السادة الاعزاء اعضاء وزوار المنتدي المنتدي هو منتدي الجميع وليس منتدي احد بعينه فساهموا معنا للنهوض به وجعله علي المستوي الذي يليق بنا ................. السادة الاعضاء الرجاء عند التسجيل عدم التسجيل باسماء رمزية والتسجيل بألاسماء الحقيقية حتي نتمكن من معرفة من هو متصل معنا ................... اسادة الاعضاء والزوار اي وجهة نظر علي المنتدي تعبر عن وجهة نظر صاحبها وإدارة المنتدي غير مسؤولة عن وجهات نظر اعضاء المنتدي ...............السادة الاعضاء برجاء عند المشاركة في المنتدي عدم التجريح في احد وعدم التشهير بأحد ................. أي موضوع يخالف هذه القوانين سيتم حذفه من قبل الادارة دون الرجوع الي صاحب الموضوع .................. وتقبلوا تحيات ادارة المنتدي وأتمني لكم مشاركات سعيدة
 
أذكر الله
الساعة الان
الساعة الان

بتوقيت السنابسة - جميع الحقوق محفوطة منتدي ابناء السنابسة2010

مواضيع مماثلة
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 281 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Hany el asshry فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 5853 مساهمة في هذا المنتدى في 1156 موضوع
زوار المنتدي
free counters

 

 مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عمرو عبدالرازق
مشرف عام
مشرف عام
عمرو عبدالرازق


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1252
المجهود والاسهام في المنتدي : 1633
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
العمر : 41
علم الدولة : مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث EgyptC

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث Empty
مُساهمةموضوع: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث Emptyالسبت أبريل 24, 2010 1:23 am

<57> فَلَمّا سَمِعُوا بِمُهَاجِرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمَدِينَةِ : رَجَعَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا ، وَمِنْ النّسَاءِ ثَمَانٌ . وَمَاتَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ بِمَكّةَ . وَحُبِسَ سَبْعَةٌ . وَشَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا .
كِتَابُ رَسُولِ اللّهِ إلَى النّجَاشِيّ يُزَوّجُهُ أُمّ حَبِيبَةَ
فَلَمّا كَانَ شَهْرُ رَبِيعٍ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ . كَتَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كِتَابًا إلَى النّجَاشِيّ يَدْعُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ . وَكَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يُزَوّجَهُ أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ . وَكَانَتْ مُهَاجِرَةً زَوْجَهَا عَبْدَ اللّهِ بْنَ جَحْشٍ . فَتَنَصّرَ هُنَاكَ وَمَاتَ نَصْرَانِيّا .
وَكَتَبَ إلَيْهِ أَيْضًا : أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ . فَلَمّا قَرَأَ الْكِتَابَ أَسْلَمَ . وَقَالَ لَوْ قَدَرْت أَنْ آتِيَهُ لَأَتَيْته . وَزَوّجَهُ أُمّ حَبِيبَةَ وَأَصْدَقَهَا عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ . وَحَمَلَ بَقِيّةَ أَصْحَابِهِ فِي سَفِينَتَيْنِ . فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِخَيْبَرِ وَقَدْ فَتَحَهَا .
بَعْثُ قُرَيْشٍ إلَى النّجَاشِيّ تَطْلُبُ إرْجَاعَ الْمُسْلِمِينَ
وَلَمّا كَانَ بَعْدَ بَدْرٍ اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فِي دَارِ النّدْوَةِ . وَقَالُوا : إنّ لَنَا فِي الّذِينَ عِنْدَ النّجَاشِيّ ثَأْرًا . فَاجْمَعُوا مَالًا . وَاهْدُوهُ إلَى النّجَاشِيّ ، لَعَلّهُ يَدْفَعُ إلَيْكُمْ مَنْ عِنْدَهُ وَلِتَنْتَدِب لِذَلِكَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ رَأْيِكُمْ . فَبَعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ مَعَ الْهَدْيِ . فَرَكِبَا الْبَحْرَ . فَلَمّا دَخَلَا ، عَلَى النّجَاشِيّ سَجَدَا ، وَسَلّمَا عَلَيْهِ . وَقَالَا : قَوْمًا لَك نَاصِحُونَ . وَإِنّهُمْ بَعَثُونَا إلَيْك لِنُحَذّرَك هَؤُلَاءِ الّذِينَ قَدِمُوا عَلَيْك لِأَنّهُمْ قَوْمٌ اتّبَعُوا رَجُلًا كَذّابًا . خَرَجَ فِينَا يَزْعُمُ أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ وَلَمْ يَتّبِعْهُ إلّا السّفَهَاءُ فَضَيّقْنَا عَلَيْهِمْ وَأَلْجَأْنَاهُمْ إلَى شِعْبٍ بِأَرْضِنَا ، لَا يَخْرَجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ . فَقَتَلَهُمْ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ . فَلَمّا اشْتَدّ عَلَيْهِمْ الْأَمْرُ بَعَثَ إلَيْك ابْنَ عَمّهِ لِيُفْسِدَ عَلَيْك دِينَك وَمُلْكَك . فَاحْذَرْهُمْ . وَادْفَعْهُمْ إلَيْنَا لِنَكْفِيَكَهُمْ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنّهُمْ إذَا دَخَلُوا عَلَيْك لَا يَسْجُدُونَ لَك ، وَلَا يُحَيّونَك بِالتّحِيّةِ الّتِي تُحَيّي بِهَا ، رَغْبَةً عَنْ دِينِك .
فَدَعَاهُمْ النّجَاشِيّ . فَلَمّا حَضَرُوا . صَاحَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالْبَابِ " يَسْتَأْذِنُ عَلَيْك حِزْبَ اللّهِ " فَقَالَ النّجَاشِيّ : مُرُوا هَذَا الصّائِحَ فَلْيُعِدْ كَلَامَهُ . فَفَعَلَ . قَالَ <58> نَعَمْ . فَلْيَدْخُلُوا بِإِذْنِ اللّهِ وَذِمّتِهِ . فَدَخَلُوا وَلَمْ يَسْجُدُوا لَهُ . فَقَالَ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَسْجُدُوا لِي ؟ قَالُوا : إنّمَا نَسْجُدُ لِلّهِ الّذِي خَلَقَك وَمُلْكَك ، وَإِنّمَا كَانَتْ تِلْكَ التّحِيّةُ لَنَا وَنَحْنُ نَعْبُدُ الْأَوْثَانَ . فَبَعَثَ اللّهُ فِينَا نَبِيّا صَادِقًا . وَأَمَرَنَا بِالتّحِيّةِ الّتِي رَضِيَهَا اللّهُ . وَهِيَ " السّلَامُ " تَحِيّةُ أَهْلِ الْجَنّةِ .
فَعَرَفَ النّجَاشِيّ أَنّ ذَلِكَ حَقّ . وَأَنّهُ فِي التّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ .
فَقَالَ أَيّكُمْ الْهَاتِفُ يَسْتَأْذِنُ ؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ أَنَا . قَالَ فَتَكَلّمَ .
قَالَ إنّك مَلِكٌ لَا يَصْلُحُ عِنْدَك كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَلَا الظّلْمِ . وَأَنَا أُحِبّ أَنْ أُجِيبَ عَنْ أَصْحَابِي . فَأَمَرَ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ فَلْيَتَكَلّمْ أَحَدُهُمَا ، فَتَسَمّعَ مُحَاوَرَتَنَا .
فَقَالَ عَمْرٌو لِجَعْفَرٍ تَكَلّمْ . فَقَالَ جَعْفَرٌ لِلنّجَاشِيّ سَلْهُ أَعَبِيدٌ نَحْنُ أَمْ أَحْرَارٌ ؟ فَإِنْ كُنّا عَبِيدًا أَبْقِنَا مِنْ أَرْبَابِنَا فَارْدُدْنَا إلَيْهِمْ . فَقَالَ عَمْرٌو : بَلْ أَحْرَارٌ كِرَامٌ .
فَقَالَ هَلْ أَهْرَقْنَا دَمًا بِغَيْرِ حَقّ فَيُقْتَصّ مِنّا ؟ قَالَ عَمْرٌو : وَلَا قَطْرَةٌ .
فَقَالَ هَلْ أَخَذْنَا أَمْوَالَ النّاسِ بِغَيْرِ حَقّ فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهَا ؟ فَقَالَ عَمْرٌو : وَلَا قِيرَاطٌ .
فَقَالَ النّجَاشِيّ : فَمَا تَطْلُبُونَ مِنْهُ ؟ قَالَ كُنّا نَحْنُ وَهُمْ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ عَلَى دِينِ آبَائِنَا . فَتَرَكُوا ذَلِكَ وَاتّبَعُوا غَيْرَهُ .
فَقَالَ النّجَاشِيّ : مَا هَذَا الّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ . وَمَا الّذِي اتّبَعْتُمُوهُ ؟ قُلْ وَاصْدُقْنِي .
فَقَالَ جَعْفَرٌ أَمّا الّذِي كُنّا عَلَيْهِ فَتَرَكْنَاهُ وَهُوَ دِينُ الشّيْطَانِ . كُنّا نُكَفّرُ بِاَللّهِ وَنَعْبُدُ الْحِجَارَةَ . وَأَمّا الّذِي تَحَوّلْنَا إلَيْهِ فَدِينُ اللّهِ الْإِسْلَامُ جَاءَنَا بِهِ مِنْ اللّهِ رَسُولٌ وَكِتَابٌ مِثْلُ كِتَابِ ابْنِ مَرْيَمَ مُوَافِقًا لَهُ .
فَقَالَ تَكَلّمْت بِأَمْرٍ عَظِيمٍ . فَعَلَى رِسْلِك .
ثُمّ أَمَرَ بِضَرْبِ النّاقُوسِ . فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ كُلّ قِسّيسٍ وَرَاهِبٍ . فَقَالَ لَهُمْ أَنْشُدُكُمْ اللّهَ الّذِي أَنَزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى ، هَلْ تَجِدُونَ بَيْنَ عِيسَى وَبَيْنَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ نَبِيّا ؟ قَالُوا : اللّهُمّ نَعَمْ . قَدْ بَشّرْنَا بِهِ عِيسَى ، وَقَالَ مَنْ آمَنَ بِهِ فَقَدْ آمَنَ بِي ، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ فَقَدْ كَفَرَ بِي .
<59> فَقَالَ النّجَاشِيّ لِجَعْفَرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مَاذَا يَقُولُ لَكُمْ هَذَا الرّجُلُ ؟ وَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ ؟ وَمَا يَنْهَاكُمْ عَنْهُ ؟ .
فَقَالَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا كِتَابَ اللّهِ وَيَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ . وَيَأْمُرُنَا بِحُسْنِ الْجِوَارِ وَصِلَةِ الرّحِمِ وَبِرّ الْيَتِيمِ . وَيَأْمُرُنَا بِأَنْ نَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ .
فَقَالَ اقْرَأْ مِمّا يَقْرَأُ عَلَيْكُمْ . فَقَرَأَ سُورَتَيْ الْعَنْكَبُوتِ وَالرّومِ . فَفَاضَتْ عَيْنَا النّجَاشِيّ مِنْ الدّمْعِ . وَقَالَ زِدْنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الطّيّبِ . فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الْكَهْفِ .
فَأَرَادَ عَمْرٌو أَنْ يُغْضِبَ النّجَاشِيّ . فَقَالَ إنّهُمْ يَشْتُمُونَ عِيسَى وَأُمّهُ .
فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأُمّهِ ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ مَرْيَمَ . فَلَمّا أَتَى عَلَى ذِكْرِ عِيسَى وَأُمّهِ رَفَعَ النّجَاشِيّ بِقَشّةٍ مِنْ سِوَاكِهِ قَدْرَ مَا يُقْذِي الْعَيْنَ . فَقَالَ وَاَللّهِ مَا زَاد الْمَسِيحُ عَلَى مَا تَقُولُونَ نَقِيرًا .
وَفِيهِ نَزَلَ قَوْلُ اللّهِ تَعَالَى ( 5 : 83 - 85 ) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ مِمّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقّ يَقُولُونَ رَبّنَا آمَنّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقّ - الْآيَاتِ .
فَأَقْبَلَ النّجَاشِيّ عَلَى جَعْفَرٍ . ثُمّ قَالَ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سيوم بِأَرْضِي - والسيوم الْآمِنُونَ - مِنْ سبكم غرم . فَلَا هَوَادَةَ الْيَوْمِ عَلَى حِزْبِ إبْرَاهِيمَ .
مَوْتُ النّجَاشِيّ
وَلَمّا مَاتَ النّجَاشِيّ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَصَلّى عَلَيْهِ كَمَا يُصَلّي عَلَى الْجَنَائِزِ . فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ يُصَلّي عَلَى عِلْجٍ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ . فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى ( 3 : 199 ) وَإِنّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ الْآيَةَ .
وَقِيلَ إنّ إرْسَالَ قُرَيْشٍ فِي طَلَبِهِمْ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ ، <60> وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ مِنْ النّبُوّةِ اسْتَتَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ .
إسْلَامُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ
وَفِي السّنَةِ السّادِسَةِ أَسْلَمَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَعُمَرُ .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : مَرّ أَبُو جَهْلٍ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عِنْدَ الصّفَا : فَآذَاهُ وَنَالَ مِنْهُ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَاكِتٌ . فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ . وَكَانَتْ مَوْلَاةٌ لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ جُعْدَانَ فِي مَسْكَنٍ لَهَا عَلَى الصّفَا ، تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو جَهْلٍ . وَأَقْبَلَ حَمْزَةُ مِنْ الْقَنْصِ مُتَوَشّحًا قَوْسَهُ . وَكَانَ يُسَمّى : أَعَزّ قُرَيْشٍ . فَأَخْبَرَتْهُ مَوْلَاةُ ابْنِ جُدْعَانَ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ أَبِي جَهْلٍ . فَغَضِبَ . وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ - وَأَبُو جَهْلِ جَالِسٌ فِي نَادِي قَوْمِهِ - فَقَالَ لَهُ حَمْزَةُ يَا مُصَفّرَ اسْتِهِ . تَشْتُمُ ابْنَ أَخِي وَأَنَا عَلَى دِينِهِ ؟ ثُمّ ضَرَبَهُ بِالْقَوْسِ فَشَجّهُ مُوضِحَةً . فَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ . وَثَارَ بَنُو هَاشِمٍ . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ دَعَوَا أَبَا عُمَارَةَ . فَإِنّي سَبَبْت ابْنَ أَخِيهِ سَبّا قَبِيحًا . فَعَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ عَزّ . فَكَفّوا عَنْهُ بَعْضَ مَا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ .
إسْلَامُ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ اللّهُمّ أَعِزّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبّ الرّجُلَيْنِ إلَيْك : إمّا عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ . أَوْ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَكَانَ أَحَبّهُمَا إلَى اللّهِ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ .
وَرُوِيَ عَنْ <61> ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا : أَنّهُ قَالَ لِعُمَرِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ لِمَ سُمّيت الْفَارُوقَ ؟ فَقَالَ أَسْلَمَ حَمْزَةُ قَبْلِي بِثَلَاثَةِ أَيّامٍ . ثُمّ شَرَحَ اللّهُ صَدْرِي لِلْإِسْلَامِ . وَأَوّلُ شَيْءٍ سَمِعْته مِنْ الْقُرْآنِ وَوَقِرَ فِي صَدْرِي ( 20 : 8 ) اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَمَا فِي الْأَرْضِ نَسَمَةٌ أَحَبّ إلَيّ مِنْ نَسَمَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَسَأَلْت عَنْهُ ؟ فَقِيلَ لِي : هُوَ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ . فَأَتَيْت الدّارَ - وَحَمْزَةُ فِي أَصْحَابِهِ جُلُوسًا فِي الدّارِ . وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْبَيْتِ - فَضَرَبْت الْبَابَ فَاسْتَجْمَعَ الْقَوْمُ . فَقَالَ لَهُمْ حَمْزَةُ مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : عُمَرُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثِيَابِي . ثُمّ نَتَرَنِي نَتْرَةً لَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ وَقَعْت عَلَى رُكْبَتِي . فَقَالَ مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ يَا عُمَرُ ؟ فَقُلْت : أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ ، وَأَنّك رَسُولُ اللّهِ فَكَبّرَ أَهْلُ الدّارِ تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ . فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقّ إنْ مُتْنَا أَوْ حَيِينَا ؟ قَالَ بَلَى . فَقُلْت : فَفِيمَ الِاخْتِفَاءُ ؟ وَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَتَخْرُجَن ، فَخَرَجْنَا فِي صِفّينَ . حَمْزَةُ فِي صَفّ . وَأَنَا فِي صَفّ - لَهُ كَدِيدٌ كَكَدِيدِ الطّحْنِ - حَتّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ . فَلَمّا نَظَرَتْ إلَيْنَا قُرَيْشٌ أَصَابَتْهُمْ كَآبَةٌ لَمْ يُصِبْهُمْ مِثْلُهَا قَطّ . فَسَمّانِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْفَارُوقَ .
وَقَالَ صُهَيْبٌ لَمّا أَسْلَمَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ جَلَسْنَا حَوْلَ الْبَيْتِ حِلَقًا ، فَطُفْنَا وَاسْتَنْصَفْنَا مِمّا غَلُظَ عَلَيْنَا .
حِمَايَةُ أَبِي طَالِبٍ لِرَسُولِ اللّهِ
وَلَمّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَتَزَايَدُ أَمْرُهُ وَيَقْوَى ، وَرَأَوْا مَا صَنَعَ أَبُو طَالِبٍ بِهِ . مَشَوْا إلَيْهِ بِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ . فَقَالُوا : يَا أَبَا طَالِبٍ ، هَذَا أَنْهَدُ فَتًى فِي قُرَيْشٍ وَأَجْمَلُهُ . فَخُذْهُ وَادْفَعْ إلَيْنَا هَذَا الّذِي خَالَفَ دِينَك وَدِينَ آبَائِك فَنَقْتُلْهُ فَإِنّمَا هُوَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ . فَقَالَ بِئْسَمَا تَسُومُونَنِي ، تُعْطُونِي ابْنَكُمْ أُرَبّيهِ لَكُمْ وَأُعْطِيكُمْ ابْنِي تَقْتُلُونَهُ ؟ فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيّ بْنِ نَوْفَلٍ : يَا أَبَا طَالِبٍ قَدْ أَنْصَفَك قَوْمُك ، وَجَهَدُوا عَلَى التّخَلّصِ مِنْك بِكُلّ طَرِيقٍ . قَالَ وَاَللّهِ مَا أَنْصَفْتُمُونِي ، وَلَكِنّك أَجْمَعْت عَلَى خِذْلَانِي . فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَك .
وَقَالَ أَشْرَافُ مَكّةَ لِأَبِي طَالِبٍ إمّا أَنْ تُخَلّيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَنَكْفِيكَهُ . فَإِنّك عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ أَوْ أَجْمَعَ لِحَرْبِنَا . فَإِنّا لَسْنَا بِتَارِكِي ابْنِ أَخِيك عَلَى هَذَا ، حَتّى نُهْلِكَهُ أَوْ يَكُفّ عَنّا ، فَقَدْ طَلَبْنَا التّخَلّصَ مِنْ حَرْبِك بِكُلّ مَا نَظُنّ أَنّهُ يَخْلُص . فَبَعَثَ أَبُو طَالِبٍ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ أَخِي ، إنّ قَوْمَك جَاءُونِي ، وَقَالُوا كَذَا وَكَذَا ، فَأَبَقَ عَلَيّ وَعَلَى نَفْسِك ، وَلَا تُحَمّلْنِي مَا لَا أُطِيقُ أَنَا وَلَا أَنْتَ . فَاكْفُفْ عَنْ قَوْمِك مَا يَكْرَهُونَ مِنْ قَوْلِك . فَقَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاَللّهِ لَوْ وَضَعُوا الشّمْسَ فِي يَمِينِي وَالْقَمَرَ فِي يَسَارِي ، مَا تَرَكْت هَذَا الْأَمْرَ حَتّى يُظْهِرَهُ اللّهُ أَوْ أَهْلَكَ فِي طَلَبِهِ فَقَالَ امْضِ عَلَى أَمْرِك ، فَوَاَللّهِ لَا أُسْلِمْك أَبَدًا وَدَعَا أَبُو طَالِبٍ أَقَارِبَهُ إلَى نُصْرَتِهِ فَأَجَابَهُ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطّلِبِ ، غَيْرَ أَبِي لَهَبٍ ، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ
وَاَللّهِ لَنْ يَصِلُوا إلَيْك بِجَمْعِهِمْ حَتّى أُوَسّدَ فِي التّرَابِ دَفِينَا
فَاصْدَعْ بِأَمْرِك مَا عَلَيْك غَضَاضَةٌ وَأَبْشِرْ وَقَرّ بِذَاكَ مِنْك عُيُونَا
وَدَعَوْتنِي ، وَعَرَفْت أَنّك نَاصِحِي وَلَقَدْ صَدَقْت ، وَكُنْت ثَمّ أَمِينَا
وَعَرَضْت دِينًا قَدْ عَرَفْت بِأَنّهُ مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيّةِ دِينَا
لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حِذَارُ مَسَبّةٍ لَوَجَدْتنِي سَمْحًا بِذَاكَ مُبِينَا
حِصَارُ بَنِي هَاشِم ٍ فِي الشّعْبِ
<62> وَلَمّا اجْتَمَعُوا - مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ - عَلَى مَنْعِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ . فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُجَالِسُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا يَدْخُلُوا بُيُوتَهُمْ . حَتّى يُسْلِمُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْقَتْلِ . وَكَتَبُوا بِذَلِكَ صَحِيفَةً فِيهَا عُهُودٌ وَمَوَاثِيقُ " أَنْ لَا يَقْبَلُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ صُلْحًا أَبَدًا ، وَلَا تَأْخُذُهُمْ بِهِمْ رَأْفَةٌ حَتّى يُسْلِمُوهُ لِلْقَتْلِ " فَأَمَرَهُمْ أَبُو طَالِب ٍ أَنْ يَدْخُلُوا . شِعْبَهُ فَلَبِثُوا فِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ . وَاشْتَدّ عَلَيْهِمْ الْبَلَاءُ وَقَطَعُوا عَنْهُمْ الْأَسْوَاقَ . فَلَا يَتْرُكُونَ طَعَامًا يَدْخُلُ مَكّةَ ، وَلَا بَيْعًا إلّا بَادَرُوا فَاشْتَرَوْهُ .
وَمَنَعُوهُ أَنْ يَصِلَ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى بَنِي هَاشِمٍ . حَتّى كَانَ يَسْمَعُ أَصْوَاتَ نِسَائِهِمْ يَتَضَاغَوْنَ مِنْ وَرَاءِ الشّعْبِ مِنْ الْجُوعِ . وَاشْتَدّوا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِمّنْ لَمْ يَدْخُلْ الشّعْبَ ، فَأَوْثَقَهُمْ . وَعَظُمَتْ الْفِتْنَةُ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ إذَا أَخَذَ النّاسُ مَضَاجِعَهُمْ . أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتّى يَرَى ذَلِكَ مَنْ أَرَادَ اغْتِيَالَهُ .
فَإِذَا نَامَ النّاسُ أَمَرَ أَحَدَ بَنِيهِ أَوْ إخْوَتِهِ أَوْ بَنِي عَمّهِ فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ فُرُشَهُمْ . وَفِي ذَلِكَ عَمِلَ أَبُو طَالِبٍ قَصِيدَتَهُ اللّامِيّةَ الْمَشْهُورَةَ الّتِي قَالَ فِيهَا <63> <64>
وَلَمّا رَأَيْت الْقَوْمَ لَا وُدّ فِيهِمُو وَقَدْ قَطَعُوا كُلّ الْعُرَى وَالْوَسَائِلِ
وَقَدْ صَارَحُونَا بِالْعَدَاوَةِ وَالْأَذَى وَقَدْ طَاوَعُوا أَمْرَ الْعَدُوّ الْمُزَايِلِ
صِرْت لَهُمْ نَفْسِي بِسَمْرَاءَ سَمْحَةٍ وَأَبْيَضَ عَضْبٍ مِنْ تُرَاثِ الْمَقَاوِلِ
وَأَحْضَرْت عِنْدَ الْبَيْتِ رَهْطِي وَأُسْرَتِي وَأَمْسَكْت مِنْ أَثْوَابِهِ بِالْوَصَائِلِ
أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ مِنْ كُلّ طَاعِنٍ عَلَيْنَا بِسُوءٍ أَوْ مُلْحٍ بِبَاطِلِ
وَمِنْ كَاشِحٍ يَسْعَى لَنَا بِمُغِيظَةٍ وَمِنْ مُلْحَقٍ فِي الدّينِ مَا لَمْ يُحَاوِلْ
وَثَوْرٍ وَمَنْ أَرْسَى ثَبِيرًا مَكَانَهُ وَرَاقٍ لِيَرْقَى فِي حِرَاءٍ وَنَازِلِ
وَبِالْبَيْتِ - حَقّ الْبَيْتِ - مِنْ بَطْنِ مَكّةَ وَبِاَللّهِ إنّ اللّهَ لَيْسَ بِغَافِلِ
وَبِالْحَجَرِ الْمُسَوّدِ إذْ يَمْسَحُونَهُ إذَا اكْتَنَفُوهُ بِالضّحَى وَالْأَصَائِلِ
وَمَوْطِئُ إبْرَاهِيمَ فِي الصّخْرِ رَطْبَةٌ عَلَى قَدَمَيْهِ حَافِيًا غَيْرَ نَاعِلِ
وَأَشْوَاطٌ بَيْنَ الْمَرْوَتَيْنِ إلَى الصّفَا وَمَا فِيهِمَا مِنْ صُورَةٍ وَتَمَاثُلِ
وَبِالْمُشْعِرِ الْأَقْصَى ، إذَا عَمَدُوا لَهُ الْإِلّ إلَى مُفْضَى الشّرَاجِ الْقَوَابِلِ
وَمنْ حَجّ بَيْتِ اللّهِ مِنْ كُلّ رَاكِبٍ وَمِنْ كُلّ ذِي نَذْرٍ وَمِنْ كُلّ رَاجِلِ
وَلَيْلَةَ جَمْعٍ وَالْمَنَازِلُ مِنْ مِنَى وَهَلْ فَوْقَهَا مِنْ حُرْمَةٍ وَمَنَازِلِ ؟
فَهَلْ بَعْدَ هَذَا مِنْ مُعَاذٍ لِعَائِذٍ ؟ وَهَلْ مِنْ مُعِيذٍ يَتّقِي اللّهَ عَادِلِ ؟
كَذَبْتُمْ وَبَيْتَ اللّهِ نَتْرُكُ مَكّةَ وَنَظْعَنُ إلّا أَمْرَكُمْ فِي بَلَابِلِ
كَذَبْتُمْ وَبَيْتَ اللّهِ نَبْزَى مُحَمّدًا وَلَمّا نُطَاعِنُ دُونَهُ وَنُنَاضِلُ
وَنُسْلِمُهُ حَتّى نُصْرَعَ حَوْلَهُ وَنَذْهَلُ عَنْ آبَائِنَا وَالْحَلَائِلِ
وَيَنْهَضُ قَوْمٌ فِي الْحَدِيدِ إلَيْكُمُو نُهُوضُ الرّوَايَا تَحْتَ ذَاتِ الصّلَاصِلِ
وَإِنّا لَعَمْرُ اللّهِ إنْ جَدّ مَا أَرَى لَتُلْتَبَسْنَ أَسْيَافُنَا بِالْأَمَاثِلِ
بِكَفّي فَتًى مِثْلُ الشّهَابِ سُمَيْدِعٌ أَخِي ثَقْوٍ حَامِي الْحَقِيقَةِ بَاسِلِ
وَمَا تَرْكُ قَوْمٍ - لَا أَبَا لَك - سَيّدًا يَحُوطُ الذّمَارُ غَيْرَ ذَرَبٍ مُوَاكِلِ
وَأَبْيَضُ يَسْتَسْقِي الْغَمَامَ بِوَجْهِهِ رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
يَلُوذُ بِهِ الْهَلَاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ فَهُمْ عِنْدَهُ فِي حُرْمَةٍ وَفَوَاضِلِ
فَعُتْبَةُ لَا تَسْمَعْ بِنَا قَوْلَ كَاشِحٍ حَسُودٍ كَذُوبٍ مُبْغِضٍ ذِي دَغَائِلِ
وَمَرّ أَبُو سُفْيَانَ عَنّي مُعْرِضًا كَمَا مَرّ قَيْلٌ مِنْ عِظَامِ الْمَقَاوِلِ
تَفِرّ إلَى نَجْدٍ وَبُرْدٍ مِيَاهُهُ وَتَزْعُمُ أَنّي لَسْت عَنْك بِغَافِلِ
أَمُطْعِمٌ لَمْ أَخْذُلْك فِي يَوْمِ نَجْدَةٍ وَلَا مُعْظَمَ عِنْدَ الْأُمُورِ الْجَلَائِلِ
أَمُطْعِمٌ إنّ الْقَوْمَ سَامُوك خُطّةً وَإِنّي مَتَى أُوكِلَ فَلَسْت بِآكِلِي
جَزَى اللّهُ عَنّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا عُقُوبَةً شَرّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلِ
فَعَبْدُ مَنَافٍ أَنْتُمُو خَيْرَ قَوْمِكُمْ فَلَا تُشْرِكُوا فِي أَمْرِكُمْ كُلّ وَاغِلِ
وَكُنْتُمْ حَدِيثًا حَطْبَ قِدْرٍ فَأَنْتُمُو الْآنَ حِطَابُ أَقْدَرَ وَمَرَاجِلِ
فَكُلّ صَدِيقٍ وَابْنُ أُخْتٍ نَعُدّهُ لَعَمْرِي وَجَدْنَا غَبّهُ غَيْرَ طَائِلِ
سِوَى أَنّ رَهْطًا مِنْ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بُرَاءٌ إلَيْنَا مِنْ مَعَقّةِ خَاذِلِ
وَنِعْمَ ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ غَيْرُ مُكَذّبٍ زُهَيْرًا حُسَامًا مُفْرَدًا مِنْ حَمَائِلِ
لَعَمْرِي لَقَدْ كُلّفْت وَجْدًا بِأَحْمَدَ وَإِخْوَتِهِ دَأْبُ الْمُحِبّ الْمُوَاصِلِ
فَمَنْ مَثَلُهُ فِي النّاسِ أَيّ مُؤَمّلٍ إذَا قَاسَهُ الْحُكّامُ عِنْدَ التّفَاضُلِ ؟
حَلِيمٌ رَشِيدٌ عَادِلٌ غَيْرُ طَائِشٍ يُوَالِي إلَهًا لَيْسَ عَنْهُ بِغَافِلِ
فَوَاَللّهِ لَوْلَا أَنْ أَجِيءَ بِسُبّةٍ تَجُرّ عَلَى أَشْيَاخِنَا فِي الْمَحَافِلِ
لَكُنّا اتّبَعْنَاهُ عَلَى كُلّ حَالَةٍ مِنْ الدّهْرِ جَدّا ، غَيْرَ قَوْلِ التّهَازُلِ
لَقَدْ عَلِمُوا أَنّ ابْنَنَا لَا مُكَذّبٌ لَدِينًا ، وَلَا يُعْنَى بِقَوْلِ الْأَبَاطِلِ
حَدَبْتُ بِنَفْسِي دُونَهُ وَحَمِيتُهُ وَدَافَعْت عَنْهُ بِالذّرَى وَالْكَلَاكِلِ
نَقْضُ الصّحِيفَةِ
ثُمّ بَعْدَ ذَلِكَ مَشَى هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ . وَكَانَ يَصِلُ بَنِي هَاشِمٍ فِي الشّعْبِ خُفْيَةً بِاللّيْلِ بِالطّعَامِ - مَشَى إلَى زُهَيْرِ بْنِ أَبِي أُمَيّةَ الْمَخْزُومِيّ - وَكَانَتْ أُمّهُ عَاتِكَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ - وَقَالَ يَا زُهَيْرُ أَرَضِيت أَنْ تَأْكُلَ الطّعَامَ وَتَشْرَبَ الشّرَابَ وَأَخْوَالُك بِحَيْثُ تَعْلَمُ ؟ فَقَالَ وَيْحَك ، فَمَا أَصْنَعُ وَأَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ ؟ أَمّا وَاَللّهِ لَوْ كَانَ مَعِي رَجُلٌ آخَرُ لَقُمْت فِي نَقْضِهَا . قَالَ أَنَا . قَالَ أَبْغِنَا ثَالِثًا . قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيّ بْنُ هِشَامٍ . قَالَ ابْغِنَا رَابِعًا . قَالَ زَمَعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ . قَالَ أَبْغِنَا خَامِسًا . قَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيّ . قَالَ فَاجْتَمَعُوا عِنْدَ الْحَجُونِ ، وَتَعَاقَدُوا عَلَى الْقِيَامِ بِنَقْضِ الصّحِيفَةِ . فَقَالَ زُهَيْرٌ أَنَا أَبْدَأُ بِهَا .
فَجَاءُوا إلَى الْكَعْبَةِ - وَقُرَيْشٌ مُحْدِقَةٌ بِهَا - فَنَادَى زُهَيْرٌ يَا أَهْلَ مَكّةَ ، إنّا نَأْكُلُ الطّعَامَ . وَنَشْرَبُ الشّرَابَ وَنَلْبَسُ الثّيَابَ وَبَنُو هَاشِمٍ هَلْكَى . وَاَللّهِ لَا أَقْعُدُ حَتّى تُشَقّ الصّحِيفَةُ الْقَاطِعَةُ الظّالِمَةُ . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : كَذَبْت . وَاَللّهِ لَا تَشُقّ . فَقَالَ زَمَعَةُ أَنْتَ وَاَللّهِ أَكْذَبُ . مَا رَضِينَا كِتَابَتَهَا حِينَ كُتِبَتْ . وَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيّ صَدَقَ زَمَعَةُ لَا نَرْضَى مَا كُتِبَ فِيهَا وَلَا نَقَارّ عَلَيْهِ . فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيّ . وَكَذَبَ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ . نَبْرَأُ إلَى اللّهِ مِنْهَا وَمِمّا كُتِبَ فِيهَا . وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا أَمْرٌ قَدْ قُضِيَ بِلَيْلٍ تُشُووِرَ فِيهِ بِغَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ .
وَبَعَثَ اللّهُ عَلَى صَحِيفَتِهِمْ الْأَرَضَةَ فَلَمْ تَتْرُكْ اسْمًا لِلّهِ إلّا لَحَسَتْهُ و بَقِيَ مَا فِيهَا <65> مِنْ شِرْكٍ وَظُلْمٍ وَقَطِيعَةٍ وَأَطْلَعَ اللّهُ رَسُولَهُ عَلَى الّذِي صُنِعَ بِصَحِيفَتِهِمْ . فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعَمّهِ . فَقَالَ لَا ، وَالثّوَاقِبِ مَا كَذَبْتنِي . فَانْطَلَقَ يَمْشِي بِعِصَابَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، حَتّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَهُوَ حَافِلٌ فِي قُرَيْشٍ . فَلَمّا رَأَوْهُمْ ظَنّوا أَنّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شِدّةِ الْحِصَارِ وَأَتَوْا لِيُعْطُوهُمْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَتَكَلّمَ أَبُو طَالِبٍ . فَقَالَ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ . لَعَلّهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ صُلْحًا . فَأْتُوا بِصَحِيفَتِكُمْ - وَإِنّمَا قَالَ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَنْظُرُوا فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا بِهَا ، فَلَا يَأْتُونَ بِهَا - فَأَتَوْا بِهَا مُعْجَبِينَ . لَا يَشُكّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَدْفُوعٌ إلَيْهِمْ قَالُوا : قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَفِيئُوا وَتَرْجِعُوا خَطَرًا لِهَلَكَةِ قَوْمِكُمْ .
فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : لَأُعْطِيَنكُمْ أَمْرًا فِيهِ نِصْفٌ . إنّ ابْنِي أَخْبَرَنِي - وَلَمْ يَكْذِبْنِي - أَنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الصّحِيفَةِ الّتِي فِي أَيْدِيكُمْ وَأَنّهُ مَحَا كُلّ اسْمٍ لَهُ فِيهَا ، وَتَرَكَ فِيهَا غَدْرَكُمْ وَقَطِيعَتَكُمْ . فَإِنْ كَانَ مَا قَالَ حَقّا ، فَوَاَللّهِ لَا نُسَلّمُهُ إلَيْكُمْ حَتّى نَمُوتَ عَنْ آخِرِنَا . وَإِنْ كَانَ الّذِي يَقُولُ بَاطِلًا ، دَفَعْنَاهُ إلَيْكُمْ فَقَتَلْتُمُوهُ . أَوْ اسْتَحْيَيْتُمُوهُ . قَالُوا : قَدْ رَضِينَا . فَفَتَحُوا الصّحِيفَةَ فَوَجَدُوهَا كَمَا أَخْبَرَ . فَقَالُوا : هَذَا سِحْرٌ مِنْ صَاحِبِكُمْ فَارْتَكَسُوا وَعَادُوا إلَى شَرّ مَا هُمْ عَلَيْهِ . فَتَكَلّمَ عِنْدَ ذَلِكَ النّفَرُ الّذِينَ تَعَاقَدُوا - كَمَا تَقَدّمَ - وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ شِعْرًا يَمْدَحُ النّفَرَ الّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى نَقْضِ الصّحِيفَةِ . وَيَمْدَحُ النّجَاشِيّ ، مِنْهُ
جَزَى اللّهُ رَهْطًا بِالْحَجُونِ تَتَابَعُوا عَلَى مَلَأٍ يُهْدَى بِحُزَمٍ وَيَرْشُدُ
أَعَانَ عَلَيْهَا كُلّ صَقْرٍ كَأَنّهُ إذَا مَا مَشَى فِي رَفْرَفِ الدّرْعِ أَجْرَدَ
قُعُودًا لَدَى جَنْبِ الْحَجُونِ كَأَنّهُمْ مُقَاوَلَةً بَلْ هُمْ أَعَزّ وَأَمْجَدُ
وَأَسْلَمَ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَ الْفَتْحِ . وَخَرَجَ بَنُو هَاشِمٍ مِنْ شِعْبِهِمْ وَخَالَطُوا النّاسَ . وَكَانَ خُرُوجُهُمْ فِي سَنَةِ عَشْرٍ مِنْ النّبُوّةِ . مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِتّةِ أَشْهُرٍ .
مَوْتُ خَدِيجَةَ وَأَبِي طَالِبٍ
وَمَاتَتْ خَدِيجَةُ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بِأَيّامٍ . فَاشْتَدّ <66> الْبَلَاءُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ قَوْمِهِ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَعَمّهِ وَتَجَرّءُوا عَلَيْهِ وَكَاشَفُوهُ بِالْأَذَى . وَأَرَادُوا قَتْلَهُ . فَمَنَعَهُمْ اللّهُ مِنْ ذَلِكَ .
قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا " حَضَرْتهمْ . وَقَدْ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ فِي الْحِجْرِ . فَذَكَرُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَقَالُوا : مَا رَأَيْنَا مِثْلَ صَبْرِنَا عَلَيْهِ سَفّهَ أَحْلَامَنَا . وَشَتَمَ آبَاءَنَا . وَفَرّقَ جَمَاعَتَنَا ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ . إذْ أَقْبَلَ . فَاسْتَلَمَ الرّكْنَ . فَلَمّا مَرّ بِهِمْ غَمَزُوهُ " . وَفِي حَدِيثٍ أَنّهُ قَالَ لَهُمْ فِي الثّانِيَةِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذّبْحِ وَأَنّهُمْ قَالُوا لَهُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا كُنْت جَهُولًا . فَانْصَرَفَ رَاشِدًا .
فَلَمّا كَانَ مِنْ الْغَدِ اجْتَمَعُوا فَقَالُوا : ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ حَتّى إذَا أَتَاكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ . فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ . إذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا : قُومُوا إلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ . فَلَقَدْ رَأَيْت عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ آخِذًا بِمَجَامِعِ رِدَائِهِ وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ دُونَهُ وَهُوَ يَبْكِي . يَقُولُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبّي اللّهُ ؟ . وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ فَأَتَى الصّرِيخُ إلَى أَبِي بَكْرٍ . فَقَالُوا : أَدْرِكْ صَاحِبَك ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا وَلَهُ غَدَائِرُ أَرْبَعُ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبّي اللّهُ ؟ فَلَهَوْا عَنْهُ وَأَقْبَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ . فَرَجَعَ إلَيْنَا لَا يَمَسّ شَيْئًا مِنْ غَدَائِرَ إلّا رَجَعَ مَعَهُ .
وَمَرّةً كَانَ يُصَلّي عِنْدَ الْبَيْتِ ، وَرَهْطٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ يَرَوْنَهُ فَأَتَى أَحَدُهُمْ بِسَلَا جَزُورٍ . فَرَمَاهُ عَلَى ظَهْرِهِ . وَكَانُوا يَعْلَمُونَ صِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ . وَأَنّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقّ . لَكِنّهُمْ كَمَا قَالَ اللّهُ تَعَالَى ( 6 : 33 ) فَإِنّهُمْ لَا يُكَذّبُونَكَ وَلَكِنّ الظّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ
وَذَكَرَ الزّهْرِيّ : أَنّ أَبَا جَهْلٍ . وَجَمَاعَةً مَعَهُ وَفِيهِمْ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ ، اسْتَمَعُوا قِرَاءَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي اللّيْلِ فَقَالَ الْأَخْنَسُ لِأَبِي جَهْلٍ يَا أَبَا الْحَكَمِ : مَا رَأْيك فِيمَا سَمِعْت مِنْ مُحَمّدٍ ؟ فَقَالَ تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشّرَفَ أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا . وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا . وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا . حَتّى إذَا تَجَاثَيْنَا عَلَى الرّكْبِ وَكُنّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ . قَالُوا : مَا نَبِيّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ السّمَاءِ فَمَتَى نُدْرِكُ هَذَا ؟ وَاَللّهِ لَا نَسْمَعُ لَهُ أَبَدًا . وَلَا نُصَدّقُهُ أَبَدًا " . <67>
وَفِي رِوَايَةٍ " إنّي لَأَعْلَمُ أَنّ مَا يَقُولُ حَقّ ، وَلَكِنْ بَنِي قُصَيّ قَالُوا : فِينَا النّدْوَةُ فَقُلْنَا : نَعَمْ . قَالُوا : وَفِينَا الْحِجَابَةُ فَقُلْنَا : نَعَمْ . قَالُوا : فِينَا السّقَايَةُ . فَقُلْنَا : نَعَمْ . وَذَكَرَ نَحْوَهُ " .
سُؤَالُهُمْ عَنْ الرّوحِ وَأَهْلِ الْكَهْفِ
وَكَانُوا يُرْسِلُونَ إلَى أَهْلِ الْكِتَابِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنْ أَمْرِهِ ؟ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ : بَعَثَتْ قُرَيْشٌ النّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ ، إلَى أَحْبَارِ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ ، فَقَالُوا لَهُمَا : سَلَاهُمْ عَنْ مُحَمّدٍ وَصِفَا لَهُمْ صِفَتَهُ . فَإِنّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ . وَعِنْدَهُ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ .
فَخَرَجَا حَتّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ ، فَسَأَلَاهُمْ عَنْهُ ؟ وَوَصَفَا لَهُمْ أَمْرَهُ . فَقَالَتْ لَهُمَا أَحْبَارُ الْيَهُودِ : سَلُوهُ عَنْ ثَلَاثٍ . فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنّ فَهُوَ نَبِيّ مُرْسَلٌ وَإِلّا فَهُوَ رَجُلٌ مَنْقُولٌ . سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدّهْرِ الْأَوّلِ مَا كَانَ أَمَرَهُمْ ؟ فَإِنّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجِيبٌ . وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوّافٍ قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا . فَمَا كَانَ نَبَؤُهُ ؟ وَسَلُوهُ عَنْ الرّوحِ مَا هُوَ ؟ فَأَقْبَلَا ، حَتّى قَدِمَا مَكّةَ . فَقَالُوا : قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمّدٍ . قَدْ أَخْبَرَنَا أَحْبَارَ يَهُودَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ أَمَرُونَا بِهَا .
فَجَاءُوا رَسُولَ اللّهِ فَسَأَلُوهُ عَمّا أَخْبَرَهُمْ أَحْبَارُ يَهُودَ . فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ بِسُورَةِ الْكَهْفِ فِيهَا خَبَرُ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ . مِنْ الْفِتْيَةِ وَالرّجُلِ الطّوّافِ . وَجَاءَهُ بِقَوْلِهِ ( 17 : 85) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرّوحِ - الْآيَةَ .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَافْتَتَحَ السّورَةَ بِحَمْدِهِ وَذِكْرِ نُبُوّةِ رَسُولِهِ لَمّا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ . فَقَالَ ( 18 : 1 ) الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ يَعْنِي أَنّك رَسُولٌ مِنّي ، أَيْ تَحْقِيقُ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ نُبُوّتِك وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا أَيْ أَنْزَلَهُ مُعْتَدِلًا . لَا خِلَافَ فِيهِ - وَذَكَرَ تَفْسِيرَ السّورَةِ - إلَى أَنْ قَالَ ( 18 : 9 ) أَمْ حَسِبْتَ أَنّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا أَيْ مَا رَأَوْا مِنْ قُدْرَتِي فِي أَمْرِ الْخَلَائِقِ ، وَفِيمَا وَضَعْت عَلَى الْعِبَادِ مِنْ حُجَجِي مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْجَبُ .
وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ : الّذِي آتَيْتُك مِنْ الْكِتَابِ وَالسّنّةِ أَعْظَمُ مِنْ شَأْنِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ . قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ : وَالْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرُوا . فَإِنّ مُكْثَهُمْ نِيَامًا ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ <68> آيَةٌ دَالّةٌ عَلَى قُدْرَةِ اللّهِ وَمَشِيئَتِهِ
وَهِيَ آيَةٌ دَالّةٌ عَلَى مُعَادِ الْأَبْدَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( 18 : 21 ) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ وَأَنّ السّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا وَكَانَ النّاسُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي زَمَانِهِمْ هَلْ تُعَادُ الْأَرْوَاحُ وَحْدَهَا ؟ أَمْ الْأَرْوَاحُ وَالْأَبْدَانُ ؟ فَجَعَلَهُمْ اللّهُ آيَةً دَالّةً عَلَى مُعَادِ الْأَبْدَانِ وَأَخْبَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقِصّتِهِمْ . مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَهُ بِشَرّ . آيَةٌ دَالّةٌ عَلَى نُبُوّتِهِ . فَكَانَتْ قِصّتُهُمْ آيَةً دَالّةً عَلَى الْأُصُولِ الثّلَاثَةِ الْإِيمَانِ بِاَللّهِ . وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ .
وَمَعَ هَذَا : فَمِنْ آيَاتِ اللّهِ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ ذَكَرَ اللّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سُؤَالَهُمْ عَنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الّتِي سَأَلُوهُ عَنْهَا لِيَعْلَمُوا : هَلْ هُوَ نَبِيّ صَادِقٌ . أَوْ كَاذِبٌ ؟ فَقَالَ ( 18 : 83 - 100 ) وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا - إلَى قَوْلِهِ - وَعَرَضْنَا جَهَنّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا وَقَوْلُهُ ( 13 : 7 - 103 ) لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسّائِلِينَ - إلَى قَوْلِهِ - إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ إخْبَارِهِ بِالْغَيْبِ الْمَاضِي . الّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ الْبَشَرِ . إلّا مِنْ جِهَةِ الْأَنْبِيَاءِ . لَا مِنْ جِهَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهَا .
وَقَدْ عَرَفُوا أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَتَعَلّمُ هَذَا مِنْ بَشَرٍ . فَفِيهِ آيَةٌ وَبُرْهَانٌ قَاطِعٌ عَلَى صِدْقِهِ وَنُبُوّتِهِ .
قَوْلُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فِي الْقُرْآنِ سِحْرٌ
وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ إنّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ ، جَاءَ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَقَالَ اقْرَأْ عَلَيّ . فَقَرَأَ عَلَيْهِ ( 16 : 90 ) إِنّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى الْآيَةَ فَقَالَ أَعِدْ . فَأَعَادَ . فَقَالَ وَاَللّهِ إنّ لَهُ لَحَلَاوَةً . وَإِنّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً . وَإِنّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ . وَإِنّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ . وَإِنّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ . وَإِنّهُ لَيُحَطّمُ مَا تَحْتَهُ . وَمَا يَقُولُ هَذَا بَشَرٌ .
وَفِي رِوَايَةٍ " وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَهْلٍ ، فَأَتَاهُ . فَقَالَ يَا عَمّ إنّ قَوْمَك يُرِيدُونَ أَنْ يَجْمَعُوا لَك مَالًا . قَالَ وَلِمَ ؟ قَالَ آتَيْت مُحَمّدًا لِتُعَوّضَ مِمّا قَبْلَهُ . قَالَ قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا . قَالَ فَقُلْ فِيهِ قَوْلًا يَبْلُغُ قَوْمَك : إنّك مُنْكِرٌ لَهُ . قَالَ مَاذَا أَقُولُ ؟ فَوَاَللّهِ مَا فِيكُمْ أَعْلَمُ بِالْأَشْعَارِ مِنّي إلَخْ " .
وَفِي رِوَايَةٍ أَنّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ قَالَ لَهُمْ - وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمَ - " سَتَقْدَمُ عَلَيْكُمْ <69> وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ كُلّ جَانِبٍ وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ . فَأَجْمَعُوا فِيهِ رَأْيًا ، وَلَا تَخْتَلِفُوا ، فَيُكَذّبُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا . فَقَالُوا : فَأَنْتَ فَقُلْ . فَقَالَ بَلْ قُولُوا وَأَنَا أَسْمَعُ . قَالُوا : نَقُولُ كَاهِنٌ . قَالَ مَا هُوَ بِزُمْرَةِ الْكُهّانِ وَلَا سَجْعِهِمْ . قَالُوا نَقُولُ مَجْنُونٌ قَالَ مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ . لَقَدْ رَأَيْنَا الْجُنُونَ وَعَرَفْنَاهُ . فَمَا هُوَ بِخَنْقِهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ وَلَا تَخَالُجِهِ . قَالُوا : نَقُولُ شَاعِرٌ . قَالَ مَا هُوَ بِشَاعِرٍ . لَقَدْ عَرَفْنَا الشّعْرَ رَجَزَهُ وَهَزَجَهُ وَقَرِيضَهُ . وَمَقْبُوضَهُ وَمَبْسُوطَهُ قَالُوا : نَقُولُ سَاحِرٌ قَالَ مَا هُوَ بِسَاحِرٍ . لَقَدْ رَأَيْنَا السّحَرَةَ وَسِحْرَهُمْ فَمَا هُوَ بِعِقْدِهِمْ وَلَا نَفْثِهِمْ قَالُوا : فَمَا نَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ ؟ قَالَ مَا نَقُولُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا إلّا عَرَفَ أَنّهُ بَاطِلٌ وَإِنّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ أَنْ تَقُولُوا : سَاحِرٌ يُفَرّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَأَخِيهِ وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَعَشِيرَتِهِ فَتَفَرّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ . فَجَعَلُوا يَجْلِسُونَ لِلنّاسِ لَا يَمُرّ بِهِمْ أَحَدٌ إلّا حَذّرُوهُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
فَأَنْزَلَ اللّهُ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ( 74 : 11 - 26 ) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا - إلَى قَوْلِهِ - سَأُصْلِيهِ سَقَرَ . وَنَزَلَ فِي النّفَرِ الّذِينَ كَانُوا مَعَهُ يُصَنّفُونَ الْقَوْلَ فِي رَسُولِ اللّهِ وَفِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللّهِ ( 15 : 91 ) الّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أَيْ أَصْنَافًا . وَكَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْآيَاتِ فَمِنْهَا مَا يَأْتِيهِمْ اللّهُ بِهِ لِحِكْمَةٍ أَرَادَهَا اللّهُ سُبْحَانَهُ .
انْشِقَاقُ الْقَمَرِ
فَمِنْ ذَلِكَ أَنّهُمْ سَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ . وَأَنْزَلَ قَوْلَهُ ( 54 : 1 - 3 ) اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ الْقَمَرُ الْآيَاتِ إلَى قَوْلِهِ وَكُلّ أَمْرٍ مُسْتَقِرّ فَقَالُوا : سَحَركُمْ اُنْظُرُوا إلَى السّفّارِ فَإِنْ كَانُوا رَأَوْا مِثْلَ مَا رَأَيْتُمْ فَقَدْ صَدَقَ . فَقَدِمُوا مِنْ كُلّ وَجْهٍ . فَقَالُوا : رَأَيْنَا . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رُبّمَا طَلَبَ مِنْ الْآيَاتِ - الّتِي يَقْتَرِحُونَ - رَغْبَةً مِنْهُ فِي إيمَانِهِمْ فَيُجَابُ بِأَنّهَا : لَا تَسْتَلْزِمُ الْهُدَى . بَلْ تُوجِبُ عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ لِمَنْ كَذَبَ بِهَا .
سُؤَالُهُمْ الْآيَاتِ
وَاَللّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ يُظْهِرُ الْآيَاتِ الْكَثِيرَةَ . مَعَ طَبْعِهِ عَلَى قَلْبِ الْكَافِرِ كَفِرْعَوْنَ <70> قَالَ تَعَالَى ( 6 : 109 - 111 ) وَأَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنّ بِهَا - إلَى قَوْلِهِ - وَلَكِنّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ وَقَالَ تَعَالَى ( 17 : 59 ) وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلّا أَنْ كَذّبَ بِهَا الْأَوّلُونَ الْآيَةَ .
بَيّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : أَنّهُ إنّمَا مَنَعَهُ أَنْ يُرْسِلَ بِهَا إلّا أَنْ كَذّبَ بِهَا الْأَوّلُونَ فَإِذْ كَذّبَ هَؤُلَاءِ كَذَلِكَ اسْتَحَقّوا عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ . وَرَوَى أَهْلُ التّفْسِيرِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ . قَالَ " سَأَلَهُ أَهْلُ مَكّةَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ الصّفَا ذَهَبًا ، وَأَنْ يُنَحّيَ عَنْهُمْ الْجِبَالَ حَتّى يَزْرَعُوا . فَقِيلَ لَهُ إنْ شِئْت نَسْتَأْنِي بِهِمْ وَإِنْ شِئْت أَنْ نُؤْتِيَهُمْ الّذِي سَأَلُوا ، فَإِنْ كَفَرُوا هَلَكُوا ، كَمَا هَلَكَ مَنْ قَبْلَهُمْ . فَقَالَ بَلْ أَسَتَأْنِي بِهِمْ فَأَنْزَلَ اللّهُ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلّا أَنْ كَذّبَ بِهَا الْأَوّلُونَ الْآيَةَ .
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ الْحَسَنِ فِي الْآيَةِ . قَالَ رَحْمَةٌ لَكُمْ أَيّهَا الْأُمّةُ إنّا لَوْ أَرْسَلْنَا بِالْآيَاتِ فَكَذّبْتُمْ بِهَا : أَصَابَكُمْ مَا أَصَابَ مَنْ قَبْلَكُمْ . وَكَانَتْ الْآيَاتُ تَأْتِيهِمْ آيَةً بَعْدَ آيَةٍ . فَلَا يُؤْمِنُونَ بِهَا قَالَ تَعَالَى ( 6 : 4 - 6 ) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبّهِمْ إِلّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ الْآيَاتِ .
أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِأَنّ الْآيَاتِ تَأْتِيهِمْ فَيُعْرِضُونَ عَنْهَا ، وَأَنّهُمْ سَيَرَوْنَ صِدْقَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرّسُلُ كَمَا أَهْلَكَ اللّهُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِالذّنُوبِ الّتِي هِيَ تَكْذِيبُ الرّسُلِ فَإِنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ ( 38 : 59 ) وَمَا كَانَ رَبّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتّى يَبْعَثَ فِي أُمّهَا رَسُولًا الْآيَةَ وَأَخْبَرَ بِشِدّةِ كُفْرِهِمْ بِأَنّهُمْ لَوْ أَنَزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسّوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَكَذّبُوا بِهِ وَبَيّنَ سُبْحَانَهُ أَنّهُ لَوْ جُعِلَ الرّسُولُ مَلَكًا لَجَعَلَهُ عَلَى صُورَةِ الرّجُلِ . إذْ كَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرَوْا الْمَلَائِكَةَ فِي صُوَرِهِمْ الّتِي خُلِقُوا عَلَيْهَا . وَحِينَئِذٍ يَقَعُ اللّبْسُ عَلَيْهِمْ لِظَنّهِمْ الرّسُولَ بَشَرًا لَا مَلَكًا .
وَقَالَ تَعَالَى ( 17 : 90 - 96 ) وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا الْآيَاتِ . وَهَذِهِ الْآيَاتُ لَوْ أَجِيبُوا إلَيْهَا ، ثُمّ لَمْ يُؤْمِنُوا : لَأَتَاهُمْ عَذَابُ الِاسْتِئْصَالِ وَهِيَ لَا تُوجِبُ الْإِيمَانَ بَلْ إقَامَةً لِلْحُجّةِ وَالْحُجّةُ قَائِمَةٌ بِغَيْرِهَا . وَهِيَ أَيْضًا مِمّا لَا يَصْلُحُ فَإِنّ قَوْلَهُمْ حَتّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا يَقْتَضِي تَفْجِيرَهَا بِمَكّةَ فَيَصِيرُ وَادِيًا ذَا زَرْعٍ وَاَللّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَضَى بِسَابِقِ حِكْمَتِهِ أَنْ جَعَلَ بَيْتَهُ بِوَادٍ <71> غَيْرِ ذِي زَرْعٍ لِئَلّا يَكُونَ عِنْدَهُ مَا تَرْغَبُ النّفُوسُ فِيهِ مِنْ الدّنْيَا . فَيَكُونُ حَجّهُمْ لِلدّنْيَا .
وَإِذَا كَانَ لَهُ جَنّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ كَانَ فِي هَذَا مِنْ التّوَسّعِ فِي الدّنْيَا مَا يَقْتَضِي نَقْصَ دَرَجَتِهِ . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ زُخْرُفٍ . وَهُوَ الذّهَبُ . أَمّا إسْقَاطُ السّمَاءِ كِسَفًا : فَهَذَا لَا يَكُونُ إلّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَأَمّا الْإِتْيَانُ بِاَللّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا ، : فَهَذَا لَمّا سَأَلَ قَوْمُ مُوسَى مُوسَى مَا هُوَ دُونَهُ أَخَذَتْهُمْ الصّاعِقَةُ . وَقَالَ تَعَالَى ( 4 : 153 - 161 ) يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السّمَاءِ الْآيَاتِ .
بَيّنَ سُبْحَانَهُ أَنّ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ سَأَلُوهُ إنْزَالَ كِتَابٍ مِنْ السّمَاءِ وَبَيّنَ أَنّ الطّائِفَتَيْنِ لَا يُؤْمِنُونَ إذَا جَاءَهُمْ ذَلِكَ وَأَنّهُمْ إنّمَا سَأَلُوهُ تَعَنّتًا ، فَقَالَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ ( 6 : 7 ) وَلَوْ نَزّ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الاول
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الرابع
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء السادس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي أبناء السنابسة  :: اسلاميات :: قسم السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: