منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


[[[ فكر متجدد *** ونقاش بنـّاء *** وعطاء بلا حدود ]]]
 
الرئيسيةشات منتدي أبناءأحدث الصورالتسجيلدخول
قوانين المنتدي ............... بسم الله الرحمن الرحيم السادة الاعزاء اعضاء وزوار المنتدي المنتدي هو منتدي الجميع وليس منتدي احد بعينه فساهموا معنا للنهوض به وجعله علي المستوي الذي يليق بنا ................. السادة الاعضاء الرجاء عند التسجيل عدم التسجيل باسماء رمزية والتسجيل بألاسماء الحقيقية حتي نتمكن من معرفة من هو متصل معنا ................... اسادة الاعضاء والزوار اي وجهة نظر علي المنتدي تعبر عن وجهة نظر صاحبها وإدارة المنتدي غير مسؤولة عن وجهات نظر اعضاء المنتدي ...............السادة الاعضاء برجاء عند المشاركة في المنتدي عدم التجريح في احد وعدم التشهير بأحد ................. أي موضوع يخالف هذه القوانين سيتم حذفه من قبل الادارة دون الرجوع الي صاحب الموضوع .................. وتقبلوا تحيات ادارة المنتدي وأتمني لكم مشاركات سعيدة
 
أذكر الله
الساعة الان
الساعة الان

بتوقيت السنابسة - جميع الحقوق محفوطة منتدي ابناء السنابسة2010

مواضيع مماثلة
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 281 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Hany el asshry فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 5853 مساهمة في هذا المنتدى في 1156 موضوع
زوار المنتدي
free counters

 

 مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عمرو عبدالرازق
مشرف عام
مشرف عام
عمرو عبدالرازق


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1252
المجهود والاسهام في المنتدي : 1633
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
العمر : 41
علم الدولة : مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع EgyptC

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع Empty
مُساهمةموضوع: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع Emptyالسبت أبريل 24, 2010 1:39 am

وَسَارُوا جَمِيعًا حَتّى انْتَهَوْا إلَى الْبِطَاحِ ، مِنْ أَرْضِ بَنِي تَمِيمٍ فَلَمْ يَجِدُوا بِهَا جَمْعًا . فَفَرّقَ خَالِدٌ السّرَايَا فِي نَوَاحِيهَا . فَأَتَتْ سَرِيّةٌ مِنْهُمْ بَنُو حَنْظَلَةَ - وَسَيّدُهُمْ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ - وَكَانَ قَدْ بَعَثَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُصَدّقًا عَلَى قَوْمِهِ . فَجَمَعَ صَدَقَاتِهِمْ . فَلَمّا بَلَغَتْهُ وَفَاةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَفَلَ إبِلَ الصّدَقَةِ - أَيْ رَدّهَا إلَى أَهْلِهَا فَلِذَلِكَ سُمّيَ <183> الْجَفُولِ - وَجَمَعَ قَوْمَهُ فَقَالَ إنّ هَذَا الرّجُلَ قَدْ هَلَكَ فَإِنْ قَامَ قَائِمٌ بَعْدَهُ رَضِيَ مِنْكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي أَمْرِهِ وَلَمْ يَطْلُبْ مَا مَضَى ، وَلَمْ تَكُونُوا أَعْطَيْتُمْ النّاسَ أَمْوَالَكُمْ . فَتَسَارَعَ إلَيْهِ جُمْهُورُهُمْ .

فَقَامَ فِيهِمْ قُعْنُبٌ - سَيّدُ بَنِي يَرْبُوعٍ - فَقَالَ يَا بَنِي تَمِيمٍ ، لَا تَرْجِعُوا فِي صَدَقَاتِكُمْ فَيَرْجِعُ اللّهُ فِي نِعَمِهِ عَلَيْكُمْ وَلَا تَتَجَرّدُوا لِلْبَلَاءِ وَقَدْ أَلْبَسَكُمْ اللّهُ الْعَافِيَةَ وَلَا تَسْتَشْعِرُوا خَوْفَ الْكُفْرِ وَأَنْتُمْ فِي أَمْنِ الْإِسْلَامِ . إنّكُمْ أَعْطَيْتُمْ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ . وَاَللّهُ مُذْهِبٌ الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ . وَمُسَلّطٌ عَلَى أَمْوَالِكُمْ غَدًا مَنْ يَأْخُذُهَا عَلَى غَيْرِ الرّضَا ، وَإِنْ مَنَعْتُمُوهَا قُتِلْتُمْ . فَأَطِيعُوا اللّهَ وَاعْصَوْا مَالِكًا .

فَقَامَ مَالِكٌ فَقَالَ يَا بَنِي تَمِيمٍ ، إنّمَا رَدَدْت عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ إكْرَامًا لَكُمْ . وَإِنّهُ لَا يَزَالُ يَقُومُ مِنْكُمْ قَائِمٌ يُخَطّئُنِي . وَاَللّهِ مَا أَنَا بِأَحْرَصِكُمْ عَلَى الْمَالِ وَلَا بِأَجْزَعِكُمْ مِنْ الْمَوْتِ وَلَا بِأَخْفَاكُمْ شَخْصًا إنْ أَقَمْت ، وَلَا بِأَخْفَاكُمْ رِحْلَةً إنْ هَرَبْت . فَتُرْضُوهُ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إلَيْهِ وَأَبَى اللّهُ أَنْ يُتِمّ أَمْرَهُ فِيهِمْ . وَقَالَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ

وَقَالَ رِجَالٌ سَدّدَ الْيَوْمَ مَالِكٌ

وَقَالَ رِجَالٌ مَالِكٌ لَمْ يُسَدّدْ

فَقُلْت : دَعُونِي لَا أَبَا لِأَبِيكُمُو

فَلَمْ أَخُطّ رَأْيًا فِي الْمُعَادِ وَلَا الْبُدّ

فُدُونُكُمُوهَا . إنّهَا صَدَقَاتُكُمْ

مُصَرّرَةٌ أَخْلَافُهَا لَمْ تُجَرّدْ

سَأَجْعَلُ نَفْسِي دُونَ مَا تَحْذَرُونَهُ

فَأَرْهَنُكُمْ يَوْمًا بِمَا قَلّتْ يَدَيّ

فَإِنْ قَامَ بِالْأَمْرِ الْمُجَرّدِ قَائِمٌ

أَطَعْنَا ، وَقُلْنَا : الدّينُ دِينُ مُحَمّدٍ


وَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ وَالْمُسْلِمِينَ حَنِقُوا عَلَيْهِ . وَعَاهَدَ اللّهَ خَالِدٌ لَئِنْ أَخَذَهُ لَيَجْعَلَن هَامّتَهُ أُثْفِيّةً لِلْقِدْرِ .

فَلَمّا وَصَلَتْهُمْ السّرِيّةُ - مَعَ طُلُوعِ الشّمْسِ - فَزِعُوا إلَى السّلَاحِ . وَقَالُوا : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ عِبَادُ اللّهِ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا : وَنَحْنُ عِبَادُ اللّهِ الْمُسْلِمُونَ . قَالُوا : فَضَعُوا السّلَاحَ . فَفَعَلُوا . فَأَخَذُوهُمْ . وَجَاءُوا بِهِمْ إلَى خَالِدٍ .

فَقَالَ لَهُ أَبُو قَتَادَةَ : - وَهُوَ مَعَ السّرِيّةِ - أَقَاتِلٌ أَنْتَ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ إنّهُمْ اتّقُونَا بِالْإِسْلَامِ أُذُنًا فَأَذِنُوا ، وَصَلّيْنَا فَصَلّوْا . وَكَانَ مِنْ عَهْدِ أَبِي بَكْر ٍ أَيّمَا دَارٌ غَشِيتُمُوهَا ، فَسَمِعْتُمْ الْأَذَانَ فِيهَا بِالصّلَاةِ فَأَمْسِكُوا عَنْ أَهْلِهَا حَتّى <184> تَسْأَلُوهُمْ مَاذَا نَقَمُوا ؟ وَمَاذَا يَبْغُونَ ؟ وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا الْأَذَانَ فَشُنّوا عَلَيْهَا الْغَارَةَ فَاقْتُلُوا وَحَرّقُوا فَأَمَرَ بِهِمْ خَالِدٌ فَقُتِلُوا ، وَأَمَرَ بِرَأْسِ مَالِكٍ فَجُعِلَ أُثْفِيّةً لِلْقِدْرِ وَرَثَاهُ أَخُوهُ مُتَمّمٌ بِقَصَائِدَ كَثِيرَةٍ .

وَرُوِيَ أَنّ عُمَرَ قَالَ لَهُ لَوَدِدْت أَنْ رَثَيْت أَخِي زَيْدًا بِمِثْلِ مَا رَثَيْت بِهِ أَخَاك مَالِكًا " فَقَالَ مُتَمّمٌ لَوْ عَلِمْت أَنّ أَخِي صَارَ حَيْثُ صَارَ أَخُوك مَا رَثَيْته . فَقَالَ عُمَرُ " مَا عَزّانِي أَحَدٌ عَنْ أَخِي بِمِثْلِ تَعْزِيَتِه
ذِكْرُ رِدّةِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ مَفْتُونِينَ بِمُسَيْلِمَةِ الْكَذّابِ
عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَدِمَتْ عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وُفُودُ الْعَرَبِ . فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا وَفْدٌ أَقْسَى قُلُوبًا ، وَلَا أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ الْإِسْلَامُ يُقِرّ فِي قُلُوبِهِمْ - مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ مَعَ الْوَفْدِ

فَلَمّا انْصَرَفُوا إلَى الْيَمَامَةِ ادّعَى أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَشْرَكَهُ فِي النّبُوّةِ وَكَتَبَ إلَيْهِ مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللّهِ إلَى مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ . أَمّا بَعْدُ فَإِنّي أُشْرِكْت فِي الْأَمْرِ مَعَك ، وَإِنّا لَنَا نِصْفُ الْأَرْضِ وَلِقُرَيْشِ نِصْفُهَا ، وَلَكِنْ قُرَيْشٌ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ . فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ . مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ . إلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذّابِ . أَمَا بَعْدُ فَإِنّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ . وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِين

وَجَدّ بِعَدُوّ اللّهِ ضَلَالُهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَأَصْفَقَتْ مَعَهُ بَنُو حَنِيفَةَ عَلَى ذَلِكَ إلّا أَفْذَاذًا مِنْ ذَوِي عُقُولِهِمْ . وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَا فُتِنَ بِهِ قَوْمُهُ شَهَادَةُ الرّجّالِ بْنِ عُنْفُوَةَ لَهُ بِإِشْرَاكِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إيّاهُ فِي الْأَمْرِ . وَكَانَ الرّجّالُ مِنْ الْوَفْدِ الّذِينَ قَدِمُوا عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَتَعَلّمَ السّنَنَ . قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْوَفْدِ عِنْدَنَا ، فَكَانَ أَعْظَمَ فِتْنَةً عَلَى أَهْلِ الْيَمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ لِمَا كَانَ يُعْرَفُ بِه

قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ : كَانَ بِالرّجّالِ مِنْ الْخُشُوعِ وَلُزُومِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْخَيْرِ - فِيمَا يُرَى - شَيْءٌ عَجِيبٌ " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيّ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَكَانَ صَدِيقًا <185> لِلرّجّالِ . وَكَانَ مُسْلِمًا يَكْتُمُ إسْلَامَهُ . فَقَالَ شِعْرًا . فَشَا فِي الْيَمَامَةِ حَتّى كَانَتْ الْوَلِيدَةُ وَالصّبِيّ يَنْشُدُونَهُ

يَا سُعَادَ الْفُؤَادِ بِنْتَ أَثَالٍ

طَالَ لَيْلِي بِفِتْنَةِ الرّجّالِ

إنّهَا يَا سُعَادُ مَنْ حَدَثِ الدّهْ

رِ عَلَيْكُمْ كَفِتْنَةِ الدّجّالِ

فَتَنَ الْقَوْمَ بِالشّهَادَةِ وَاللّ

هُ عَزِيزٌ ذُو قُوّةٍ وَمِحَالِ

لَا يُسَاوِي الّذِي يَقُولُ مِنْ الْأَ

مْرِ قُبَالًا وَمَا احْتَذَى مِنْ قُبَالِ

إنّ دِينِي دِينُ النّبِيّ وَفِي الْقَ

وْمِ رِجَالٌ عَلَى الْهُدَى أَمْثَالِي

أَهْلَكَ الْقَوْمَ مُحَكّمُ بْنُ طُفَيْلٍ

وَرِجَالٌ لَيْسُوا لَنَا بِرِجَالِ

بَزّ أَمْرَهُمْ مُسَيْلِمَةُ الْيَوْمَ

فَلَنْ يَرْجِعُوهُ أُخْرَى اللّيَالِي

قُلْت لِلنّفْسِ إذْ تَعَاضَمَهَا الصّ

بْرُ وَسَاءَتْ مَقَالَةُ الْأَنْذَالِ

رُبّمَا تَجْزَعُ النّفُوسُ مِنْ الْأَمْرِ

لَهُ فُرْجَةٌ كَحُلّ الْعِقَالِ

إنْ تَكُنْ مُنْيَتِي عَلَى فِطْرَةِ اللّ

هِ حَنِيفًا فَإِنّنِي لَا أُبَالِي


فَبَلَغَ ذَلِكَ مُسَيْلِمَةَ وَمُحَكّمَ وَأَشْرَافَهُمْ فَطَلَبُوهُ فَقَاتَلَهُمْ . وَلَحِقَ بِخَالِدِ . فَأَخْبَرَهُ بِحَالِهِمْ . وَدَلّهُ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ .

وَعَظُمَتْ فِتْنَةُ بَنِي حَنِيفَةَ بِكَذّابِهِمْ . إذْ كَانُوا يَدْعُو لِمَرِيضِهِمْ وَيَبْرُكُ عَلَى مَوْلُودِهِمْ . وَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْ الِاغْتِرَارِ بِهِ مَا يُرِيهِمْ اللّهُ مَا يَحُلّ بِهِ مِنْ الْخَيْبَةِ وَالْخُسْرَانِ .

جَاءَهُ رَجُلٌ بِمَوْلُودِ فَمَسَحَ رَأْسَهُ . فَقَرَعَ . وَقَرَعَ كُلّ مَوْلُودٍ لَهُ .

وَجَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ إنّي ذُو مَالٍ . وَلَيْسَ لِي مَوْلُودٌ يَبْلُغُ سَنَتَيْنِ حَتّى يَمُوتَ إلّا هَذَا الْمَوْلُودُ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ . وَلِي مَوْلُودٌ وُلِدَ أَمْسِ . فَأُحِبّ أَنْ تُبَارِكَ فِيهِ وَتَدْعُو أَنْ يُطِيلَ اللّهُ عُمْرَهُ . قَالَ سَأَطْلُبُ لَك . فَرَجَعَ الرّجُلُ إلَى مَنْزِلِهِ مَسْرُورًا . فَوَجَدَ الْأَكْبَرَ قَدْ تَرَدّى فِي بِئْرٍ وَوَجَدَ الْأَصْغَرَ فِي نَزْعِ الْمَوْتِ . فَلَمْ يُمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتّى مَاتَا جَمِيعًا . وَتَقُولُ أُمّهُمَا : لَا وَاَللّهِ مَا لِأَبِي ثُمَامَةَ عِنْدَ إلَهِهِ مَنْزِلَةُ مُحَمّدٍ .

وَحَفَرَتْ بَنُو حَنِيفَةَ بِئْرًا فَاسْتَعْذَبُوهَا ، فَأَتَوْا مُسَيْلِمَةَ . وَطَلَبُوا أَنْ يُبَارِكَ فِيهَا ، فَبَصَقَ فِيهَا فَعَادَتْ مِلْحًا أُجَاجًا .

<186> وَكَانَ الصّدّيقُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَدْ عَهِدَ إلَى خَالِدٍ - إذَا فَرَغَ مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ وَالضّاحِيَةَ - أَنْ يَقْصِدَ الْيَمَامَةَ ، وَأَكّدَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ . فَلَمّا أَظْفَرَ اللّهُ خَالِدًا بِهِمْ تَسَلّلَ بَعْضُهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ ، يَسْأَلُونَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُبَايِعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ . فَقَالَ بَيْعَتِي لَكُمْ وَأَمَانِي لَكُمْ أَنْ تَلْحَقُوا بِخَالِدِ . فَمَنْ كَتَبَ إلَى خَالِدٍ أَنّهُ حَضَرَ مَعَهُ الْيَمَامَةَ فَهُوَ آمِنٌ . وَلِيُبَلّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ . وَلَا تَقْدَمُوا عَلَيّ .

قَالَ ابْنُ الْجَهْمِ أُولَئِكَ الّذِينَ لَحِقُوا بِهِ هُمْ الّذِينَ انْكَسَرُوا بِالْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ وَكَانُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَلَاءً .

قَالَ شَرِيكٌ الْفَزَارِيّ : كُنْت مِمّنْ شَهِدَ بُزَاخَةَ مَعَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ . ثُمّ رَزَقَنِي اللّهُ الْإِنَابَةَ فَجِئْت أَبَا بَكْرٍ . فَأَمَرَنِي بِالْمَسِيرِ إلَى خَالِدٍ . وَكَتَبَ مَعِي إلَيْهِ .

أَمّا بَعْدُ " فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُك ، تَذْكُرُ مَا أَظْفَرَك اللّهُ بِأَسَدِ وَغَطَفَانَ . وَأَنّك سَائِرٌ إلَى الْيَمَامَةِ . فَاتّقِ اللّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ . وَعَلَيْك بِالرّفْقِ بِمَنْ مَعَك مِنْ الْمُسْلِمِينَ كُنْ لَهُمْ كَالْوَالِدِ . وَإِيّاكَ يَا ابْنَ الْوَلِيدِ وَنَخْوَةَ بَنِي الْمُغِيرَةِ . فَإِنّي عَصَيْت فِيك مَنْ لَمْ أَعْصِهِ فِي شَيْءٍ قَطّ ، فَانْظُرْ بَنِي حَنِيفَةَ . فَإِنّك لَمْ تَلْقَ قَوْمًا يُشْبِهُونَهُمْ . كُلّهُمْ عَلَيْك . وَلَهُمْ بِلَادٌ وَاسِعَةٌ . فَإِذَا قَدِمَتْ فَبَاشِرْ الْأَمْرَ بِنَفْسِك . وَاسْتَشِرْ مَنْ مَعَك مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَاعْرِفْ لَهُمْ فَضْلَهُمْ . فَإِذَا لَقِيَتْ الْقَوْمَ . فَأَعِدْ لِلْأُمُورِ أَقْرَانَهَا . فَإِنْ أَظْفَرَك اللّهُ بِهِمْ فَإِيّاكَ وَالْإِبْقَاءَ عَلَيْهِمْ . أَجْهِزْ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَاطْلُبْ مُدْبِرَهُمْ وَاحْمِلْ أَسِيرَهُمْ عَلَى السّيْفِ . وَهَوّلْ فِيهِمْ الْقَتْلَ . وَخَوّفْهُمْ بِالنّارِ . وَإِيّاكَ أَنْ تُخَالِفَ أَمْرِي . وَالسّلَامُ .
وَلَمّا اتّصَلَ بِأَهْلِ الْيَمَامَةِ مَسِير خَالِدٍ إلَيْهِمْ بَعْدَ الّذِي صَنَعَ بِأَمْثَالِهِمْ حَيّرَهُمْ ذَلِكَ . وَجَزَعَ لَهُ مُحَكّمُ بْنُ طُفَيْلٍ سَيّدَهُمْ . وَهَمّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ . ثُمّ اسْتَمَرّ عَلَى ضَلَالَتِهِ . وَكَانَ صَدِيقًا لِزِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيّ .

فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ : لَوْ أَلْقَيْت إلَيْهِ شَيْئًا تَكْسِرُهُ بِهِ فَإِنّهُ سَيّدُهُمْ وَطَاعَتُهُمْ بِيَدِهِ . فَبَعَثَ إلَيْهِ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ <187>

يَا مُحَكّمُ بْنَ طُفَيْلٍ قَدْ أُتِيحَ لَكُمْ

لِلّهِ دَرّ أَبِيكُمْ حَيّةُ الْوَادِي

يَا مُحَكّمُ بْنُ طُفَيْلٍ إنّكُمْ نَفَرٌ

كَالشّاءِ أَسْلَمَهَا الرّاعِي لِآسَادِ

مَا فِي مُسَيْلِمَةَ الْكَذّابِ مِنْ عِوَضٍ

مِنْ دَارِ قَوْمٍ وَإِخْوَانٍ وَأَوْلَادِ

فَاكْفُفْ حَنِيفَةَ عَنْهُ قَبْلَ نَائِحَةٍ

تَعْفِي فَوَارِسَ قَوْمٍ شَجْوُهَا بَادِي

لَا تَأْمَنُوا خَالِدًا بِالْبُرْدِ مُعْتَجِرًا

تَحْتَ الْعَجَاجَةِ مِثْلُ الْأَغْطَفِ الْعَادِي

وَيْلُ الْيَمَامَةِ وَيْلٌ لَا فِرَاقَ لَهُ

إنْ جَالَتْ الْخَيْلُ فِيهَا بِالْقَنَا الصّادِي

وَاَللّهِ لَا تَنْثَنِي عَنْكُمْ أَعِنّتُهَا

حَتّى تَكُونُوا كَأَهْلِ الْحِجْرِ أَوْ عَادِ


وَوَرَدَتْ عَلَى مُحَكّمٍ وَقِيلَ لَهُ هَذَا خَالِدٌ فِي الْمُسْلِمِينَ .

فَقَالَ رَضِيَ خَالِدٌ أَمْرًا ، وَرَضِينَا غَيْرَهُ . وَمَا يُنْكِرُ خَالِدٌ أَنْ يَكُونَ فِي بَنِي حَنِيفَةَ مَنْ أُشْرِكَ فِي الْأَمْرِ ؟ فَسَيَرَى - إنْ قَدِمَ عَلَيْنَا - يَلْقَ قَوْمًا لَيْسُوا كَمَنْ لَقِيَ .

ثُمّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ إنّكُمْ تَلْقَوْنَ قَوْمًا يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ دُونَ صَاحِبِهِمْ فَابْذُلُوا نُفُوسَكُمْ دُونَ صَاحِبِكُمْ . وَكَانَ عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ فِي أَصْحَابِ خَالِدٍ . وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ حِجْرٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَلْهَمَ . فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ : تَقَدّمْ إلَى قَوْمِك فَاكْسِرْهُمْ . فَأَتَاهُمْ فَقَالَ " يَا أَهْلَ الْيَمَامَةِ ، أَظَلّكُمْ خَالِدٌ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ . قَدْ تَرَكْت الْقَوْمَ وَاَللّهِ يَتَبَايَعُونَ عَلَى فَتْحِ الْيَمَامَةِ . قَدْ قَضَوْا وَطَرًا مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ ، وَأَنْتُمْ فِي أَكُفّهِمْ . وَقَوْلُهُمْ " لَا قُوّةَ إلّا بِاَللّهِ " إنّي رَأَيْت أَقْوَامًا إنْ غَلَبْتُمُوهُمْ بِالصّبْرِ غَلَبُوكُمْ بِالنّصْرِ . وَإِنْ غَلَبْتُمُوهُمْ عَلَى الْحَيَاةِ غَلَبُوكُمْ عَلَى الْمَوْتِ . وَإِنْ غَلَبْتُمُوهُمْ بِالْعَدَدِ غَلَبُوكُمْ بِالْمَدَدِ . لَسْتُمْ وَالْقَوْمُ سَوَاءً . الْإِسْلَامُ مُقْبِلٌ وَالشّرْكُ مُدْبِرٌ . وَصَاحِبُهُمْ نَبِيّ ، وَصَاحِبُكُمْ كَذّابٌ . وَمَعَهُمْ السّرُورُ وَمَعَكُمْ الْغَرُورُ . فَالْآنَ - وَالسّيْفُ فِي غِمْدِهِ وَالنّبْلُ فِي جَفِيرِهِ - قَبْلَ أَنْ يُسَلّ السّيْفُ وَيُرْمَى بِالسّهْمِ " فَكَذّبُوهُ وَاتّهَمُوهُ .

وَقَامَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فِيهِمْ . فَقَالَ اسْمَعُوا مِنّي . وَأَطِيعُوا أَمْرِي ، تَرْشُدُوا . إنّهُ لَا يَجْتَمِعُ نَبِيّانِ بِأَمْرِ وَاحِدٍ . إنّ مُحَمّدًا لَا نَبِيّ بَعْدَهُ وَلَا نَبِيّ يُرْسَلُ مَعَهُ . ثُمّ قَرَأَ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذّنْبِ وَقَابِلِ التّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطّوْلِ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ هَذَا كَلَامُ اللّهِ عَزّ وَجَلّ . أَيْنَ هَذَا مِنْ يَا ضُفْدُعُ يَا ضُفْدُعِينَ . نِقّي كَمْ تَنِقّينَ ؟ <188> نِصْفُك فِي الْمَاءِ وَنِصْفُك فِي الطّينِ . لَا الشّرَابُ تَمْنَعِينَ وَلَا الْمَاءُ تُكَدّرِينَ وَلَا الطّينُ تُفَارِقِينَ . لَنَا نِصْفُ الْأَرْضِ وَلِقُرَيْشِ نِصْفُهَا . وَلَكِنّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ . وَاَللّهِ إنّكُمْ لَتَرَوْنَ هَذَا مَا يَخْرُجُ مِنْ إلٍ . وَقَدْ اسْتَحَقّ مُحَمّدٌ أَمْرًا أَذْكُرُهُ بِهِ خَرَجْت مُعَتّرًا ، فَأَخَذَتْنِي رِسْلُهُ فِي غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا ذِمّةٍ . فَعَفَا عَنْ دَمِي . فَأَسْلَمْت وَأَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ إلَى بَيْتِ اللّهِ . فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَامَ بِهَذَا الْأَمْرِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِهِ هُوَ أَفْقَهُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ . لَا تَأْخُذُهُ فِي اللّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ . ثُمّ بَعَثَ إلَيْكُمْ رَجُلًا ، لَا يُسَمّى بِاسْمِهِ . وَلَا بِاسْمِ أَبِيهِ يُقَالُ لَهُ " سَيْفُ اللّهِ " مَعَهُ سُيُوفُ اللّهِ كَثِيرَةٌ فَانْظُرُوا فِي أَمْرِكُمْ " . فَآذَاهُ الْقَوْمُ جَمِيعًا ، أَوْ مَنْ آذَاهُ مِنْهُمْ . وَقَالَ ثُمَامَةُ فِي ذَلِكَ

مُسَيْلِمَةُ ارْجِعْ . وَلَا تَمْحِك

فَإِنّك فِي الْأَمْرِ لَمْ تُشْرَكْ

كَذَبَتْ عَلَى اللّهِ فِي وَحْيِهِ

وَكَانَ هَوَاك هَوَى الْأَنْوَكِ

وَمَنّاك قَوْمُك أَنْ يَمْنَعُوك

وَإِنْ يَأْتِهِمْ خَالِدٌ تُتْرَكْ

فَمَا لَك مِنْ مُصْعَدٍ فِي السّمَاءِ

وَمَا لَك فِي الْأَرْضِ مِنْ مَسْلَكِ
ذِكْرُ تَقْدِيمِ خَالِدٍ الطّلَائِعَ مِنْ الْبِطَاحِ
لَمّا سَارَ خَالِدٌ مِنْ الْبِطَاحِ ، وَجَاءَ أَرْضَ بَنِي تَمِيمٍ : قَدِمَ مِائَتَيْ فَارِسٍ ، عَلَيْهِمْ مَعْنُ بْنُ عَدِيّ . وَقَدّمَ عَيْنَيْنِ لَهُ أَمَامَهُ .

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيّ : أَنّ خَالِدًا لَمّا قَدِمَ الْعَرْضَ قَدّمَ مِائَتَيْ فَارِسٍ ، وَقَالَ مَنْ أَصَبْتُمْ مِنْ النّاسِ فَخُذُوهُ .

فَانْطَلَقُوا . فَأَخَذُوا مَجَاعَةَ بْنَ مُرَارَةَ فِي ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ خَرَجُوا فِي طَلَبِ رَجُلٍ أَصَابَ فِيهِمْ دَمًا ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِإِقْبَالِ خَالِدٍ . فَسَأَلُوهُمْ مِمّنْ أَنْتُمْ ؟ فَقَالُوا : مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ . فَقَالُوا : مَا تَقُولُونَ فِي صَاحِبِكُمْ ؟ فَشَهِدُوا أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ . فَقَالُوا لِمَجَاعَةَ مَا تَقُولُ أَنْتَ ؟ فَقَالَ مَا كُنْت أَقْرَبَ مُسَيْلِمَةَ . وَقَدْ قَدِمْت عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَسْلَمْت . وَمَا غَيّرْت وَلَا بَدّلْت . فَضَرَبَ خَالِدٌ أَعْنَاقَهُمْ . حَتّى إذَا بَقِيَ سَارِيَةُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ يَا خَالِدُ إنْ كُنْت <189> تُرِيدُ بِأَهْلِ الْيَمَامَةِ خَيْرًا أَوْ شَرّا ، فَاسْتَبْقِ مَجَاعَةَ . وَكَانَ مَجَاعَةُ شَرِيفًا ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ . وَتَرَكَ أَيْضًا سَارِيَةَ . وَأَمَرَ بِهِمَا فَأُوثِقَا فِي جَوَامِعَ مِنْ حَدِيدٍ .

وَكَانَ يَدْعُو مَجَاعَةَ - وَهُوَ كَذَلِكَ - فَيَتَحَدّثُ مَعَهُ وَهُوَ يَظُنّ أَنّ خَالِدًا يَقْتُلُهُ . فَقَالَ يَا ابْنَ الْمُغِيرَةِ إنّ لِي إسْلَامًا ، وَاَللّهِ مَا كَفَرْت . وَأَعَادَ كَلَامَهُ الْأَوّلَ . فَقَالَ خَالِدٌ إنّ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالشّرْكِ مَنْزِلَةً وَهِيَ الْحَبْسُ حَتّى يَقْضِيَ اللّهُ فِي حَرْبِنَا مَا هُوَ قَاضٍ . وَدَفَعَهُ إلَى أُمّ مُتَمّمٍ زَوْجَتَهُ . وَأَمَرَهَا أَنْ تُحْسِنَ إسَارَهُ . فَظَنّ مَجَاعَةُ أَنّ خَالِدًا يُرِيدُ حَبْسَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَنْ عَدُوّهِ وَيُشِيرَ عَلَيْهِ .

فَقَالَ يَا خَالِدُ . لَقَدْ عَلِمْت أَنّي قَدِمْت عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَبَايَعْته عَلَى الْإِسْلَامِ . وَأَنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ أَمْسِ . فَإِنْ يَكُنْ كَذّابٌ خَرَجَ فِينَا ، فَإِنّ اللّهَ يَقُولُ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى

فَقَالَ يَا مَجَاعَةُ تَرَكَتْ الْيَوْمَ مَا كُنْت عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ . وَكَانَ رِضَاك بِأَمْرِ هَذَا الْكَذّابِ وَسُكُوتُك عَنْهُ - وَأَنْتَ أَعَزّ أَهْلِ الْيَمَامَةِ ، وَقَدْ بَلَغَك مَسِيرِي - إقْرَارًا لَهُ وَرِضًا بِمَا جَاءَ بِهِ فَهَلّا أَبْدَيْت عُذْرًا ، فَتَكَلّمْت فِيمَنْ تَكَلّمَ ؟ فَقَدْ تَكَلّمَ ثُمَامَةُ . فَرَدّ وَأَنْكَرَ وَتَكَلّمَ الْيَشْكُرِيّ . فَإِنْ قُلْت : أَخَافُ قَوْمِي ، فَهَلّا عَمَدْت إلَيّ أَوْ بَعَثْت إلَيّ رَسُولًا ؟ .

فَقَالَ إنّ رَأَيْت يَا ابْنَ الْمُغِيرَةِ أَنْ تَعْفُوَ عَنْ هَذَا كُلّهِ ؟ .

فَقَالَ قَدْ عَفَوْت عَنْ دَمِك ، وَلَكِنْ فِي نَفْسِي مِنْ تَرْكِك حَرْجٌ . فَقَالَ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِك ، مَا الّذِي يُقْرِئُكُمْ ؟ هَلْ تَحْفَظُ مِنْهُ شَيْئًا ؟ قَالَ نَعَمْ فَذَكَرَ لَهُ شَيْئًا مِنْ رَجَزِهِ فَضَرَبَ خَالِدٌ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ، وَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اسْمَعُوا إلَى عَدُوّ اللّهِ كَيْفَ يُعَارِضُ الْقُرْآنَ ؟ .

فَقَالَ وَيْحَك ، يَا مَجَاعَةُ أَرَاك سَيّدًا عَاقِلًا ، تَسْمَعُ إلَى كِتَابِ اللّهِ . ثُمّ اُنْظُرْ كَيْفَ عَارَضَهُ عَدُوّ اللّهِ ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ خَالِدٌ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الْأَعْلَى الّذِي خَلَقَ فَسَوّى

<190> ثُمّ قَالَ خَالِدٌ أَفَمَا كَانَ فِي هَذَا لَكُمْ نَاهٍ وَلَا زَاجِرٌ ؟ ثُمّ قَالَ هَاتِ مِنْ كَذِبِ الْخَبِيثِ . فَذَكَرَ لَهُ بَعْضَ رَجَزِهِ .

فَقَالَ خَالِدٌ وَقَدْ كَانَ عِنْدَكُمْ حَقّا ، وَكُنْتُمْ تُصَدّقُونَهُ ؟ .

فَقَالَ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا حَقّا ، لَمّا لَقِيَك غَدًا أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ سَيْفٍ يُضَارِبُونَك حَتّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ .

فَقَالَ خَالِدٌ إذًا يَكْفِينَاهُمْ اللّهُ وَيُقِرّ دِينَهُ فَإِيّاهُ يَعْبُدُونَ . وَدِينُهُ يُؤَيّدُونَ .

قَالَ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ لَمّا انْصَرَفَ خَالِدٌ وَأَجْمَعَ أَنْ يَنْزِلَ عَقْرَبَاءَ وَدَفَعَ الطّلَائِعَ أَمَامَهُ . فَرَجَعُوا إلَيْهِ . فَأَخْبَرُوهُ أَنّ مُسَيْلِمَةَ وَمَنْ مَعَهُ قَدْ نَزَلُوا عَقْرَبَاءَ فَشَاوَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْيَمَامَةِ ، أَوْ يَنْتَهِيَ إلَى عَقْرَبَاءَ . فَأَجْمَعُوا أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى عَقْرَبَاءَ . فَزَحَفَ خَالِدٌ بِالْمُسْلِمِينَ إلَيْهَا . وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَ عَنْ الرّجّالِ بْنِ عُنْفُوَةَ فَإِذَا الرّجّالُ عَلَى مُقَدّمَةِ مُسَيْلِمَةَ فَلَعَنُوهُ وَشَتَمُوهُ .
فَلَمّا فَرَغَ خَالِدٌ مِنْ ضَرْبِ عَسْكَرِهِ - وَبَنُو حَنِيفَةَ تُسَوّي صُفُوفَهَا - نَهَضَ خَالِدٌ إلَى صُفُوفِهِ فَصَفّهَا . وَقَدّمَ رَايَتَهُ مَعَ زَيْدِ بْنِ الْخَطّابِ ، وَدَفَعَ رَايَةَ الْأَنْصَارِ إلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ . فَتَقَدّمَ بِهَا .

وَجَعَلَ عَلَى مَيْمَنَتِهِ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْخَيْلِ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ ، ثُمّ عَزَلَهُ . وَاسْتَعْمَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ .

فَأَقْبَلَ بَنُو حَنِيفَةَ ، وَقَدْ سَلّوا السّيُوفَ . فَقَالَ خَالِدٌ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَبْشِرُوا فَقَدْ كَفَاكُمْ اللّهُ أَمْرَ عَدُوّكُمْ مَا سُلُوّ السّيُوفِ مِنْ بَعْدُ إلّا لِيَرْهَبُوا .

فَقَالَ مَجَاعَةُ كَلّا يَا أَبَا سُلَيْمَانَ وَلَكِنّهَا الْهُنْدُوَانِيّة ، خَشَوْا تَحَطّمَهَا ، وَهِيَ غَدَاةٌ بَارِدَةٌ فَأَبْرَزُوهَا لِلشّمْسِ لِتُسَخّنَ مُتُونَهَا . فَلَمّا دَنَوْا مِنْ الْمُسْلِمِينَ نَادَوْا : إنّا نَعْتَذِرُ إلَيْكُمْ مِنْ سَلّنَا سُيُوفَنَا . وَاَللّهِ مَا سَلَلْنَاهَا تَرْهِيبًا ، وَلَكِنْ غَدَاةَ بَارِدَةٍ فَخَشِينَا تَحَطّمَهَا ، فَأَرَدْنَا أَنْ تُسَخّنَ مُتُونَهَا إلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ فَسَتَرَوْنَ .

فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا . وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ صَبْرًا طَوِيلًا . حَتّى كَثُرَ الْقَتْلُ وَالْجِرَاحُ فِي الْفَرِيقَيْنِ . وَاسْتَحَرّ الْقَتْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ حَتّى فَنَوْا إلّا قَلِيلًا . وَهُزِمَ كُلّ مِنْ <191> الْفَرِيقَيْنِ حَتّى دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكُونَ عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ مِرَارًا . وَجَعَلَ زَيْدُ بْنُ الْخَطّابِ - وَمَعَهُ الرّايَةَ - يَقُولُ اللّهُمّ إنّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمّا جَاءَ بِهِ مُسَيْلِمَةُ . وَأَعْتَذِرُ إلَيْك مِنْ فِرَارِ أَصْحَابِي . وَجَعَلَ يَشْتَدّ بِالرّايَةِ فِي نُحُورِ الْعَدُوّ . ثُمّ ضَارَبَ بِسَيْفِهِ حَثَى قُتِلَ . رَحِمَهُ اللّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ .

فَأَخَذَ الرّايَةَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إنّا نَخَافُ أَنْ نُؤْتَى مِنْ قَبْلِك . فَقَالَ بِئْسَ حَامِلُ الْقُرْآنِ أَنَا ، إذَا أَتَيْتُمْ مِنْ قَبْلِي .

وَنَادَتْ الْأَنْصَارُ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ - وَمَعَهُ رَايَتُهُمْ - الْزَمْهَا . فَإِنّهَا مَلَاك الْقَوْمِ فَتَقَدّمَ سَالِمٌ فَحَفَرَ لِرِجْلَيْهِ حَتّى بَلَغَ أَنْصَافَ سَاقَيْهِ وَحَفَرَ ثَابِتٌ لِرِجْلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمّ لَزَمَا رَايَتَهُمَا .

وَلَقَدْ كَانَ النّاسُ يَتَفَرّقُونَ فِي كُلّ وَجْهٍ وَإِنّ سَالِمًا وَثَابِتًا لَقَائِمَانِ حَتّى قُتِلَ سَالِمٌ وَقُتِلَ أَبُو حُذَيْفَةَ مَوْلَاهُ . قَالَ وَحْشِيّ بْنُ حَرْبٍ اقْتَتَلْنَا قِتَالًا شَدِيدًا ، حَتّى رَأَيْت شُهُبَ النّارِ تَخْرَجُ مِنْ خِلَالِ السّيُوفِ حَتّى سَمِعْت لَهَا صَوْتًا كَالْأَجْرَاسِ .

وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَازِنِيّ - وَذَكَرَ رِدّةَ بَنِي حَنِيفَةَ - لَمْ يَلْقَ الْمُسْلِمُونَ عَدُوّا أَشَدّ نِكَايَةً مِنْهُمْ لَقُوهُمْ بِالْمَوْتِ النّاقِعِ وَالسّيُوفِ قَدْ أَصْلَتُوهَا قَبْلَ النّبْلِ وَقَبْلَ الرّمَاحِ . فَكَانَ الْمِعْوَلُ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَهْلِ السّوَابِقِ .

وَقَالَ ثَابِتُ بْنُ قَيْس ٍ يَوْمَئِذٍ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، اللّهَ اللّهَ فِي دِينِكُمْ عَلّمْنَا هَؤُلَاءِ أَمْرًا مَا كُنّا نَحْسِبُهُ . ثُمّ أَقْبَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقُلْ أُفّ لَكُمْ وَلِمَا تَصْنَعُونَ .

ثُمّ قَالَ خَلّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَخْلِصُونَا . فَأَخْلَصَتْ الْأَنْصَارُ . فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ نَاهِيَةٌ حَتّى انْتَهَوْا إلَى مُحَكّمِ بْنِ طُفَيْلٍ فَقَتَلُوهُ . ثُمّ انْتَهَوْا إلَى الْحَدِيقَةِ فَدَخَلُوهَا ، فَقَاتَلُوا أَشَدّ الْقِتَالِ حَتّى اخْتَلَطُوا فِيهَا ، ثُمّ صَاحَ ثَابِتٌ صَيْحَةً يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ .

وَأَوْفَى عَبّادُ بْنُ بِشْرٍ عَلَى نَشَزٍ . فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَنَا عَبّادُ بْنُ بِشْرٍ يَا لَلْأَنْصَارِ . أَنَا عَبّادٌ إلَيّ إلَيّ . فَأَجَابُوا لَبّيْكَ لَبّيْكَ حَتّى تَوَافَوْا عِنْدَهُ . فَقَالَ فِدَاكُمْ أَبِي وَأُمّي ، حَطّمُوا جُفُونَ السّيُوفِ . ثُمّ حَطّمَ جَفْنَ سَيْفِهِ فَأَلْقَاهُ . وَحَطّمَتْ <192> الْأَنْصَارُ جُفُونَ سُيُوفِهَا . ثُمّ قَالَ حَمْلَةٌ صَادِقَةٌ اتّبَعُونِي . فَخَرَجَ أَمَامَهُمْ حَتّى سَاقُوا بَنِي حَنِيفَةَ مُنْهَزِمِينَ حَتّى انْتَهَوْا إلَى الْحَدِيقَةِ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِمْ . ثُمّ إنّ اللّهَ فَتَحَ الْحَدِيقَةَ فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي ّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلْنَا الْحَدِيقَةَ حِينَ جَاءَ وَقْتُ الظّهْرِ وَاسْتَحَرّ الْقَتْلُ فَأَمَرَ خَالِدٌ الْمُؤَذّنَ فَأَذّنَ عَلَى جِدَارِ الْحَدِيقَةِ بِالظّهْرِ . وَالْقَوْمُ مُقْبِلُونَ عَلَى الْقَتْلِ حَتّى انْقَطَعَتْ الْحَرْبُ بَعْدَ الْعَصْرِ . فَصَلّى بِنَا خَالِدٌ الظّهْرَ وَالْعَصْرَ

ثُمّ بَعَثَ السّقَاةَ يَطُوفُونَ عَلَى الْقَتْلَى . فَطُفْت مَعَهُمْ . فَمَرَرْت بِعَامِرِ بْنِ ثَابِتٍ وَإِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ بِهِ جَرّاحٍ فَسَقَيْت عَامِرًا . فَقَالَ الْحَنَفِيّ : اسْقِنِي فَدَى لَك أَبِي وَأُمّي . فَقُلْت : لَا ، وَلَا كَرَامَةَ وَلَكِنْ أُجْهِزُ عَلَيْك . قَالَ أَحْسَنْت ، أَسْأَلُك مَسْأَلَةً لَا شَيْءَ عَلَيْك فِيهَا . قُلْت : مَا هِيَ ؟ قَالَ أَبُو ثُمَامَةَ مَا فَعَلَ ؟ قُلْت ، وَاَللّهِ قُتِلَ قَالَ نَبِيّ ضَيّعَهُ قَوْمُهُ

وَلَمّا قُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ وَكَانَتْ لَهُمْ أَيْضًا فِي الْمُسْلِمِينَ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً قَدْ أُبِيحَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَقِيلَ لَا تُغْمِدُوا السّيُوفَ وَفِينَا وَفِيهِمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ . وَكَانَ فِيمَنْ بَقِيَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جِرَاحَاتٌ كَثِيرَةٌ .

فَلَمّا أَمْسَى مَجَاعَةُ أَرْسَلَ إلَى قَوْمِهِ لَيْلًا : أَنْ الْبَسُوا السّلَاحَ وَالذّرّيّةَ ثُمّ إذَا أَصْبَحْتُمْ فَقُومُوا مُسْتَقْبِلِي الشّمْسِ عَلَى حُصُونِكُمْ حَتّى يَأْتِيَكُمْ أَمْرِي . وَبَاتَ الْمُسْلِمُونَ يَدْفِنُونَ قَتْلَاهُمْ . فَلَمّا فَرَغُوا ، جَعَلُوا يَتَكَمّدُونَ بِالنّارِ مِنْ الْجِرَاحِ .

فَلَمّا أَصْبَحُوا مَرّ خَالِدٌ فَسِيقَ مَجَاعَةُ فِي الْحَدِيدِ يَعْرِفُهُمْ الْقَتْلَى فَمَرّ بِرَجُلِ وَسِيمٍ فَقَالَ يَا مَجَاعَةُ أَهُوَ هَذَا ؟ قَالَ هَذَا أَكْرَمُ مِنْهُ هَذَا مُحَكّمُ بْنُ الطّفَيْلِ . إنّ الّذِي تَبْتَغُونَ لَرَجُلٌ أُصَيْفِرٌ أُخَيْنِسٌ . فَوَجَدُوهُ فَوَقَفَ عَلَيْهِ خَالِدٌ . فَحَمِدَ اللّهُ كَثِيرًا ، وَأُمِرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي الْبِئْرِ الّتِي كَانَ يَشْرَبُ مِنْهَا .

وَكَانَ خَالِدٌ يَرَى أَنّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا مَنْ لَا عَتَادَ عِنْدَهُ . فَقَالَ يَا مَجَاعَةُ هَذَا صَاحِبُكُمْ الّذِي فَعَلَ بِكُمْ الْأَفَاعِيلَ . مَا رَأَيْت عُقُولًا أَضْعَفَ مِنْ عُقُولِ أَصْحَابِك ، مِثْلُ هَذَا فَعَلَ بِكُمْ مَا فَعَلَ ؟ .

فَقَالَ مَجَاعَةُ قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَلَا تَظُنّ أَنّ الْحَرْبَ انْقَطَعَتْ وَإِنْ قَتَلْته . إنّ <193> جَمَاعَةً مِنْ النّاسِ وَأَهْلَ الْبُيُوتَاتِ لَفِي الْحُصُونِ فَانْظُرْ . فَرَفَعَ خَالِدٌ رَأْسَهُ . فَإِذَا السّلَاحُ وَالْخَلْقُ الْكَثِيرُ عَلَى الْحُصُونِ فَرَأَى أَمْرًا غَمّهُ ثُمّ اسْتَنَدَ سَاعَةً . ثُمّ أَدْرَكَتْهُ الرّجُولَةُ . فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ يَا خَيْلَ اللّهِ ارْكَبِي . يَا صَاحِبَ الرّايَةِ قَدّمْهَا .

فَقَالَ مَجَاعَةُ إنّي لَك نَاصِحٌ . وَإِنّ السّيْفَ قَدْ أَفْنَاك . فَتَعَالَ أُصَالِحُك عَنْ قَوْمِي . وَقَدْ أَحَلّ بِخَالِدِ مُصَابُ أَهْلِ السّابِقَةِ وَمَنْ كَانَ يُعْرَفُ عِنْدَهُ الْغِنَاءُ . فَقَدْ رَقّ وَأَحَبّ الْمُوَادَعَةَ مَعَ عَجَفِ الْكُرَاعِ .

فَاصْطَلَحُوا عَلَى الصّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ وَالْحَلْقَةِ وَالْكُرَاعِ وَنِصْفِ السّبْيِ .

ثُمّ قَالَ مَجَاعَةُ إنّي آتِ الْقَوْمَ فَعَارِضٌ عَلَيْهِمْ مَا صَنَعْت . قَالَ فَانْطَلَقَ . فَذَهَبَ ثُمّ رَجَعَ . فَأَخْبَرَهُ أَنّهُمْ أَجَازُوهُ .

فَلَمّا بَانَ لِخَالِدِ أَنّمَا هُمْ النّسَاءُ وَالصّبْيَانُ قَالَ وَيْلَك يَا مَجَاعَةُ خَدَعْتنِي . قَالَ قَوْمِي ، فَمَا أَصْنَعُ ؟ وَمَا وَجَدْت مِنْ ذَلِكَ بُدّا .

وَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَغَيْرُهُ لِخَالِدِ اتّقِ اللّهَ وَلَا تَقْبَلْ الصّلْحَ . فَقَالَ إنّهُ قَدْ أَفْنَاكُمْ السّيْفُ . قَالُوا : وَأَفْنَى غَيْرَنَا أَيْضًا . قَالَ وَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ جَرِيحٌ . قَالُوا : وَمَنْ بَقِيَ مِنْ الْقَوْمِ جَرْحَى ، لَا نَدْخُلُ فِي الصّلْحِ أَبَدًا . اُغْدُ بِنَا عَلَيْهِمْ حَتّى يُظْفِرَنَا اللّهُ بِهِمْ أَوْ نَبِيدَ عَنْ آخِرِنَا . احْمِلْنَا عَلَى كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ إنْ أَظْفَرَك اللّهُ بِهِمْ فَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا

فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إذْ جَاءَ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ يَقْطُرُ الدّمَ وَفِيهِ إنْ أَظْفَرَك اللّهُ بِهِمْ فَلَا تَسْتَبِقْ رَجُلًا مَرّتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى

فَتَكَلّمَتْ الْأَنْصَارُ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا : أَمْرُ أَبِي بَكْرٍ فَوْقَ أَمْرِك .

فَقَالَ إنّي وَاَللّهِ مَا ابْتَغَيْت فِي ذَلِكَ إلّا الّذِي هُوَ خَيْرٌ . رَأَيْت أَهْلَ السّابِقَةِ وَأَهْلَ الْقُرْآنِ قَدْ قُتِلُوا . وَلَمْ يَبْقَ مَعِي إلّا مَنْ لَا بَقَاءَ لَهُ عَلَى السّيْفِ لَوْ لَجّ عَلَيْهِمْ فَقَبِلْت الصّلْحَ مَعَ أَنّهُمْ قَدْ أَظَهَرُوا الْإِسْلَامَ وَاتّقُوا بِالرّاحِ .

وَتَمّ الصّلْحُ . وَكَتَبَ إلَى أَبِي بَكْرٍ يَعْتَذِرُ إلَيْهِ .

فَتَكَلّمَ عُمَرُ فِي شَأْنِ خَالِدٍ بِكَلَامِ غَلِيظٍ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ دَعْ عَنْك هَذَا . فَقَالَ سَمْعًا وَطَاعَةً . وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَيْتَهُ حَمَلَهُمْ عَلَى السّيْفِ . فَلَنْ يَزَالُوا مِنْ كُذّابِهِمْ فِي <194> بِلَيّةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلّا أَنْ يَعْصِمَهُمْ اللّهُ .

وَكَانَتْ وَقْعَةُ الْيَمَامَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ .

وَذَكَرَ عُمَرُ يَوْمًا وَقْعَةَ الْيَمَامَةِ ، وَمَنْ قُتِلَ فِيهَا مِنْ أَهْلِ السّابِقَةِ . فَقَالَ أَلَحّتْ السّيُوفُ عَلَى أَهْلِ السّوَابِقِ وَلَمْ يَكُنْ الْمِعْوَلُ يَوْمَئِذٍ إلّا عَلَيْهِمْ . خَافُوا عَلَى الْإِسْلَامِ أَنْ يُكْسَرَ بَابُهُ فَيَدْخُلُ مِنْهُ إنْ ظَهَرَ مُسَيْلِمَةُ . فَمَنَعَ اللّهُ الْإِسْلَامَ بِهِمْ حَتّى قَتَلَ عَدُوّهُ . وَأَظْهَرَ كَلِمَتَهُ وَقَدِمُوا - رَحِمَهُمْ اللّهُ - عَلَى مَا يُسَرّونَ بِهِ مِنْ ثَوَابِ جِهَادِهِمْ مِنْ كَذِبٍ عَلَى اللّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ . فَاسْتَحَرّ بِهِمْ الْقَتْلَ . فَرَحِمَ اللّهُ تِلْكَ الْوُجُوهَ

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَالزّهْرِيّ : قُتِلَ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةِ آلَافٍ وَكَانَ دَاؤُهُمْ خَبِيثًا ، وَالطّارِي مِنْهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ عَظِيمًا . فَاسْتَأْصَلَ اللّهُ شَأْفَتَهُمْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ .
ذِكْرُ رِدّةِ بَنِي سُلَيْمٍ
ذِكْرُ الْوَاقِدِيّ - مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَرْجَاءِ السّلَيْمِيّ . وَكَانَ عَالِمًا بِرَدّةِ قَوْمِهِ - قَالَ أَهْدَى مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ غَسّانَ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَطِيمَةً فِيهَا مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ وَخَيْلٌ . فَخَرَجَتْ بِهَا الرّسُلُ حَتّى إذَا كَانَتْ بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ بَلَغَتْهُمْ وَفَاةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَتَشَجّعَ بَعْضُ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى أَخْذِهَا وَالرّدّةِ وَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنْ كَانَ مُحَمّدٌ قَدْ مَاتَ فَإِنّ اللّهَ حَيّ لَا يَمُوتُ . فَانْتَهَبَ الّذِينَ ارْتَدّوا مِنْهُمْ اللّطِيمَةَ .

فَلَمّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ كَتَبَ إلَى مَعْنِ بْنِ حَاجِرٍ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ . وَكَانَ قَدْ قَامَ فِي ذَلِكَ قِيَامًا حَسَنًا ، ذِكْرُ وَفَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَذَكّرَ النّاسَ مَا قَالَ اللّهُ لِنَبِيّهِ ( 39 : 30 ) إِنّكَ مَيّتٌ وَإِنّهُمْ مَيّتُونَ وَقَالَ ( 3 : 144 ) وَمَا مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرّسُلُ مَعَ آيٍ مِنْ كِتَابِ اللّهِ . فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ بِشْرٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ . وَانْحَازَ أَهْلُ الرّدّةِ مِنْهُمْ فَجَعَلُوا يُغِيرُونَ عَلَى النّاسِ .
قَتْلُ الْفُجَاءَةِ وَتَحْرِيفُهُ
<195> فَلَمّا بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يُوَجّهَ خَالِدًا ، كَتَبَ إلَى مَعْنٍ أَنْ يَلْحَقَ بِخَالِدِ ، وَيَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِهِ أَخَاهُ طُرَيْفَةَ بْنَ حَاجِرٍ فَفَعَلَ . وَأَقَامَ طُرَيْفَةُ يُكَالِبُ مَنْ ارْتَدّ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذْ قَدِمَ الْفُجَاءَةَ - وَاسْمُهُ إيَاسُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ يَالَيْلَ - عَلَى أَبِي بَكْرٍ . فَقَالَ إنّي مُسْلِمٌ وَقَدْ أَرَدْت جِهَادَ مَنْ ارْتَدّ فَاحْمِلْنِي ، فَلَوْ كَانَ عِنْدِي قُوّةٌ لَمْ أَقْدَمْ عَلَيْك .

فَسُرّ أَبُو بَكْرٍ بِمَقْدِمِهِ وَحَمَلَهُ عَلَى ثَلَاثِينَ بَعِيرًا . وَأَعْطَاهُ سِلَاحًا . فَخَرَجَ يَسْتَعْرِضُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ يَقْتُلُهُمْ وَيَأْخُذُ أَمْوَالَهُمْ . وَيُصِيبُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْهُمْ . وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الشّرِيدِ . يُقَالُ لَهُ نُجْبَةُ بْنُ أَبِي الْمَيْثَاءِ مَعَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الرّدّةِ . فَلَمّا بَلَغَ أَبَا بَكْر ٍ خَبَرُهُ كَتَبَ إلَى طُرَيْفَةَ بْنِ حَاجِرٍ .

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ . مِنْ أَبِي بَكْر ٍ إلَى طُرَيْفَةَ سَلَامٌ عَلَيْك . أَمّا بَعْدُ فَإِنّ عَدُوّ اللّهِ الْفُجَاءَةَ أَتَانِي . فَزَعَمَ أَنّهُ مُسْلِمٌ وَسَأَلَنِي : أَنْ أُقَوّيَهُ عَلَى قِتَالِ مَنْ ارْتَدّ عَنْ الْإِسْلَامِ . فَحَمَلَتْهُ وَسَلّحَتْهُ وَقَدْ انْتَهَى إلَيّ مِنْ يَقِينِ الْخَبَرِ أَنّ عَدُوّ اللّهِ قَدْ اسْتَعْرَضَ النّاسَ الْمُسْلِمُ وَالْمُرْتَدّ ، يَأْخُذُ أَمْوَالَهُمْ وَيَقْتُل مَنْ خَالَفَهُ مِنْهُمْ . فَسِرْ إلَيْهِ بِمَنْ مَعَك مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتّى تَقْتُلَهُ أَوْ تَأْخُذَهُ . فَتَأْتِيَنِي بِهِ

فَقَرَأَ طُرَيْفَةُ الْكِتَابَ عَلَى قَوْمِهِ . فَحَشَدُوا إلَى الْفُجَاءَةِ . فَقَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُثَنّى ، فَقُتِلَ نُجْبَةُ وَهَرَبَ مِنْهُ إلَى الْفُجَاءَةِ . ثُمّ زَحَفَ طُرَيْفَةُ إلَى الْفُجَاءَةِ فَتَصَادَمَا . فَلَمّا رَأَى الْفُجَاءَةُ الْخَلَلَ فِي أَصْحَابِهِ قَالَ يَا طُرَيْفَةُ وَاَللّهِ مَا كَفَرْت . وَإِنّي لَمُسْلِمٌ . وَمَا أَنْتَ بِأَوْلَى بِأَبِي بَكْرٍ مِنّي ، أَنْتَ أَمِيرُهُ وَأَنَا أَمِيرُهُ . قَالَ طُرَيْفَةُ هَذَا كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ إلَيّ . فَقَالَ الْفُجَاءَةُ سَمْعًا وَطَاعَةً . فَبَعَثَ بِهِ فِي جَامِعَتِهِ مَعَ عَشَرَةٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ . فَأَرْسَلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ إلَى بَنِي جُشَمٍ فَحَرَقَتْهُ بِالنّارِ .

وَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْر ٍ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ - قَبِيصَةُ - أَحَدُ بَنِي الظّرْبَانِ - فَذَكَرَ أَنّهُ مُسْلِمٌ . وَلَمْ يَرْتَدّ فَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِمَنْ مَعَهُ مَنْ ارْتَدّ فَرَجَعَ قَبِيصَةُ . فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ نَاسٌ كَثِيرٌ . فَخَرَجَ يَتّبِعُ بِهِمْ أَهْلَ الرّدّةِ ، يَقْتُلُهُمْ حَيْثُ وَجَدَهُمْ حَتّى مَرّ بِبَيْتِ حَمِيضَةَ بْنِ الْحَكَمِ الشّرِيدِيّ . فَوَجَدَهُ غَائِبًا يَجْمَعُ أَهْلَ الرّدّةِ . وَوَجَدَ جَارًا لَهُ مُرْتَدّا . فَقَتَلَهُ وَاسْتَاقَ مَالَهُ .

<196> فَلَمّا أَتَى حَمِيضَةَ أَخْبَرَهُ أَهْلُهُ بِخَبَرِ جَارِهِ . فَخَرَجَ فِي طَلَبِهِمْ . فَأَدْرَكَهُمْ . فَقَالَ قَبِيصَةُ : قَتَلْت جَارِي ؟ فَقَالَ إنّ جَارَك ارْتَدّ عَنْ الْإِسْلَامِ .

فَقَالَ أَمِنْ بَيْنِ مَنْ كَفَرَ تَعْدُو عَلَى جَارٍ لَجَأَ إلَيّ لِأَمْنَعَهُ ؟ .

فَقَالَ قَبِيصَةُ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ . فَطَعَنَهُ حَمِيضَةُ بِالرّمْحِ . فَوَقَعَ عَنْ بَعِيرِهِ ثُمّ قَتَلَهُ . وَكَانَ قَبِيصَةُ قَدْ فَرّقَ أَصْحَابَهُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ حَمِيضَةُ . وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى خَالِدٍ إنْ أَظْفَرَك اللّهُ بِبَنِي حَنِيفَةَ فَأَقِلّ اللّبْثَ فِيهِمْ حَتّى تَنْحَدِرَ إلَى بَنِي سُلَيْمٍ ، فَتَطَأَهُمْ وَطْأَةً يَعْرِفُونَ بِهَا مَا مَنَعُوا . فَإِنّهُ لَيْسَ بَطْنٌ مِنْ الْعَرَبِ أَنَا أَغْيَظُ عَلَيْهِ مِنّي عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَظْفَرَك اللّهُ بِهِمْ فَلَا آلُوك فِيهِمْ أَنْ تُحَرّقَهُمْ بِالنّارِ وَهَوّلْ فِيهِمْ الْقَتْلَ حَتّى يَكُونَ نَكَالًا لَهُمْ

وَسَمِعْت بَنُو سُلَيْمٍ بِإِقْبَالِ خَالِدٍ . فَاجْتَمَعَ مِنْهُمْ بَشَرٌ كَثِيرٌ . وَاسْتَجْلَبُوا مَنْ بَقِيَ مِنْ الْعَرَبِ ، مُرْتَدّا وَكَانَ الّذِي جَمَعَهُمْ أَبُو شَجَرَةَ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى . فَانْتَهَى خَالِدٌ إلَى جَمْعِهِمْ مَعَ الصّبْحِ . فَصَاحَ خَالِدٌ فِي أَصْحَابِهِ وَأَمَرَهُمْ بِلُبْسِ السّلَاحِ . ثُمّ صَفّهُمْ . وَصَفّتْ بَنُو سُلَيْمٍ . وَقَدْ كَلّ الْمُسْلِمُونَ وَعَجَفَ كُرَاعُهُمْ وَخُفّهُمْ . وَجَعَلَ خَالِدٌ يَلِي الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ حَتّى أَثْخَنَ فِيهِمْ الْقَتْلَ . ثُمّ حَمَلَ عَلَيْهِمْ حَمَلَةً وَاحِدَةً فَانْهَزَمُوا . وَأُسِرَ مِنْهُمْ بَشَرٌ كَثِيرٌ . ثُمّ حَظّرَ لَهُمْ الْحَظَائِرَ وَحَرّقَهُمْ فِيهَا .

وَجُرِحَ أَبُو شَجَرَةَ يَوْمَئِذٍ فِي الْمُسْلِمِينَ جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةً . وَقَالَ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا ، مِنْهَا .

فَرَوَيْت رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ

وَإِنّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنّ أَعْمَرَا


ثُمّ أَسْلَمَ . وَجَعَلَ يَعْتَذِرُ . وَيَجْحَدُ أَنْ يَكُونَ قَالَ الْبَيْتَ الْمُتَقَدّمَ . فَلَمّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، وَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِصَعِيدِ بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمّ أَتَى عُمَرَ - وَهُوَ يُقَسّمُ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ - فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِنِي . فَإِنّي ذُو حَاجَةٍ . فَقَالَ مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ أَنَا أَبُو شَجَرَةَ . قَالَ يَا عَدُوّ اللّهِ أَلَسْت الّذِي تَقُولُ فَرَوَيْت رُمْحِي - الْبَيْتَ ؟ عُمْرُ سُوءٍ . وَاَللّهِ مَا عِشْت لَك يَا خَبِيثُ . ثُمّ جَعَلَ يَعْلُوهُ بِالدّرّةِ عَلَى رَأْسِهِ حَتّى سَبَقَهُ عَدْوًا ، وَعُمَرُ فِي طَلَبِهِ حَتّى أَتَى رَاحِلَتَهُ فَارْتَحَلَهَا . ثُمّ اشْتَدّ بِهَا فِي حَرّةِ شُوزَانَ فَمَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْرَبَ عُمَرَ حَتّى تُوُفّيَ <197> وَكَانَ إسْلَامُهُ لَا بَأْسَ بِهِ . وَكَانَ إذَا ذَكَرَ عُمَرَ تَرَحّمَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ مَا رَأَيْت أَحَدًا أَهْيَبَ مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ .
ذِكْرُ رِدّةِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ
قَالَ عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ : لَمّا ارْتَدّتْ الْعَرَبُ - بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَالَ كِسْرَى : مَنْ يَكْفِينِي أَمْرَ الْعَرَبِ ؟ فَقَدْ مَاتَ صَاحِبُهُمْ وَهُمْ الْآنَ يَخْتَلِفُونَ بَيْنَهُمْ إلّا أَنْ يُرِيدَ اللّهُ بَقَاءَ مُلْكِهِمْ فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى أَفْضَلِهِمْ .

قَالُوا : نَدُلّك عَلَى أَكْمَلِ الرّجَالِ مُخَارِقِ بْنِ النّعْمَانِ لَيْسَ فِي النّاسِ مِثْلَهُ . وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ دَانَتْ لَهُمْ الْعَرَبُ ، وَهَؤُلَاءِ جِيرَانُك ، بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ .

فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ . وَأَخَذَ مِنْهُمْ سِتّمِائَةٍ الْأَشْرَفَ فَالْأَشْرَفَ .

وَارْتَدّ أَهْلُ هَجْرٍ عَنْ الْإِسْلَامِ . فَقَامَ الْجَارُودُ بْنُ الْمُعَلّى فِي قَوْمِهِ فَقَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ النّصْرَانِيّةِ ؟ وَإِنّي لَمْ آتِكُمْ قَطّ إلّا بِخَيْرِ وَإِنّ اللّهَ تَعَالَى بَعَثَ نَبِيّهُ وَنَعَى لَهُ نَفْسَهُ فَقَالَ إِنّكَ مَيّتٌ وَإِنّهُمْ مَيّتُونَ وَقَالَ وَمَا مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرّسُلُ - الْآيَةَ .

وَفِي لَفْظٍ أَنّهُ قَالَ مَا شَهَادَتُكُمْ عَلَى مُوسَى ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ . قَالَ فَمَا شَهَادَتُكُمْ عَلَى عِيسَى ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ قَالَ وَأَنَا أَشْهَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حماده مرسى
مراقب بالمنتدي
مراقب بالمنتدي
حماده مرسى


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 939
المجهود والاسهام في المنتدي : 1398
تاريخ التسجيل : 31/01/2010
علم الدولة : مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع EgyptC

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع Emptyالسبت أبريل 24, 2010 5:44 pm






سلمت و سلمت يداك يا أ / عمرو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hamadamorsy.maktoobblog.com/about-g-a-g-h/
 
مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء التاسع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء السابع
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الاول
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي أبناء السنابسة  :: اسلاميات :: قسم السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: