منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الزائر الكريم مرحبا بك في منتدي أبناء السنابسة يسعدنا تواجدك معنا
يمكنك التسجيل في المنتدي وتاكيد التسجيل عن طريق الرسالة التي تصل للايميل الخاص بك
منتدي أبناء السنابسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


[[[ فكر متجدد *** ونقاش بنـّاء *** وعطاء بلا حدود ]]]
 
الرئيسيةشات منتدي أبناءأحدث الصورالتسجيلدخول
قوانين المنتدي ............... بسم الله الرحمن الرحيم السادة الاعزاء اعضاء وزوار المنتدي المنتدي هو منتدي الجميع وليس منتدي احد بعينه فساهموا معنا للنهوض به وجعله علي المستوي الذي يليق بنا ................. السادة الاعضاء الرجاء عند التسجيل عدم التسجيل باسماء رمزية والتسجيل بألاسماء الحقيقية حتي نتمكن من معرفة من هو متصل معنا ................... اسادة الاعضاء والزوار اي وجهة نظر علي المنتدي تعبر عن وجهة نظر صاحبها وإدارة المنتدي غير مسؤولة عن وجهات نظر اعضاء المنتدي ...............السادة الاعضاء برجاء عند المشاركة في المنتدي عدم التجريح في احد وعدم التشهير بأحد ................. أي موضوع يخالف هذه القوانين سيتم حذفه من قبل الادارة دون الرجوع الي صاحب الموضوع .................. وتقبلوا تحيات ادارة المنتدي وأتمني لكم مشاركات سعيدة
 
أذكر الله
الساعة الان
الساعة الان

بتوقيت السنابسة - جميع الحقوق محفوطة منتدي ابناء السنابسة2010

مواضيع مماثلة
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 281 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Hany el asshry فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 5853 مساهمة في هذا المنتدى في 1156 موضوع
زوار المنتدي
free counters

 

 مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عمرو عبدالرازق
مشرف عام
مشرف عام
عمرو عبدالرازق


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1252
المجهود والاسهام في المنتدي : 1633
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
العمر : 41
علم الدولة : مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن EgyptC

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن Empty
مُساهمةموضوع: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن Emptyالسبت أبريل 24, 2010 1:36 am

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - كَمَا حَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ مِنْ رِجَالِ طَيّئّ - مَا ذَكَرَ لِي رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ بِفَضْلِ ثُمّ جَاءَنِي ، إلّا رَأَيْته دُونَ مَا يُقَالُ فِيهِ إلّا زَيْدُ الْخَيْلِ . فَإِنّهُ لَمْ يُبَلّغْ كُلّ مَا فِيهِ
ثُمّ سَمّاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " زَيْدَ الْخَيْرِ " وَأَقْطَعَهُ " فَيْدًا " وَأَرَضِينَ مَعَهُ وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا . فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ رَاجِعًا إلَى قَوْمِهِ فَلَمّا انْتَهَى إلَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ نَجْدٍ - يُقَالُ لَهُ " فَرْدَةُ " - أَصَابَتْهُ الْحُمّى بِهَا فَمَاتَ . فَعَمَدَتْ امْرَأَتُهُ إلَى مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْكُتُبِ الّتِي أَقَطَعَ لَهُ بِهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَحَرَقَتْهَا بِالنّارِ .
وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ
وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْجَارُودُ الْعَبْدِيّ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَانَ نَصْرَانِيّا . فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي عَلَى دِينِي ، وَإِنّي تَارِكٌ دِينِي لِدِينِك . فَتَضْمَنُ <162> لِي بِمَا فِيهِ ؟ قَالَ نَعَمْ . أَنَا ضَامِنٌ لِذَلِكَ إنّ الّذِي أَدْعُوك إلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ الّذِي كُنْت عَلَيْهِ " فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَ أَصْحَابُهُ . فَكَانَ حَسَنَ الْإِسْلَامِ صُلْبًا فِي دِينِهِ حَتّى هَلَكَ وَقَدْ أَدْرَكَ الرّدّةَ . وَكَانَ فِي الْوَفْدِ " الْأَشَجّ " الّذِي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ فِيك لِخَصْلَتَيْنِ يُحِبّهُمَا اللّهُ الْحُلْمَ وَالْأَنَاة
وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعَثَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيّ - قَبْلَ فَتْحِ مَكّةَ - إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيّ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ . ثُمّ هَلَكَ بَعْدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَفِي رِدّةِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ . وَالْعَلَاءُ عِنْدَهُ أَمِيرُ الرّسُولِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ .
وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ فِيهِمْ مُسَيْلِمَةُ
وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَة َ فِيهِمْ مُسَيْلِمَةُ الْكَذّابُ . فَأَتَوْهُ وَخَلّفُوا مُسَيْلِمَةَ فِي رِحَالِهِمْ فَلَمّا أَسْلَمُوا ذَكَرُوا مَكَانَهُ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا قَدْ خَلّفْنَا صَاحِبًا لَنَا فِي رِحَالِنَا يَحْفَظُهَا لَنَا . فَأَمَرَ لَهُ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ لِلْقَوْمِ وَقَالَ أَمَا إنّهُ لَيْسَ بِشَرّكُمْ مَكَانًا يَعْنِي لِحِفْظِهِ ضَيْعَةَ أَصْحَابِهِ . ثُمّ انْصَرَفُوا فَلَمّا انْتَهَوْا إلَى الْيَمَامَةِ ، ارْتَدّ عَدُوّ اللّهِ وَتَنَبّأَ وَقَالَ إنّي أَشْرَكْت فِي الْأَمْرِ مَعَهُ . وَقَالَ لِلْوَفْدِ أَلَمْ يَقُلْ لَكُمْ " أَمَا إنّهُ لَيْسَ بِشَرّكُمْ مَكَانًا ؟ " مَا ذَاكَ إلّا لَمّا كَانَ يَعْلَمُ أَنّي أَشْرَكْت فِي الْأَمْرِ مَعَهُ . ثُمّ جَعَلَ يَسْجَعُ لَهُمْ السّجَعَاتِ مُضَاهَاةً لِلْقُرْآنِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَشْهَدُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالنّبُوّةِ .
وَكَتَبَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللّهِ إلَى مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ ، أَمّا بَعْدُ . فَإِنّي أَشْرَكْت فِي الْأَمْرِ مَعَك . وَإِنّ لَنَا نِصْفَ الْأَرْضِ وَلِقُرَيْشِ نِصْفَهَا ، وَلَكِنْ قُرَيْشًا قَوْمٌ لَا يَعْدِلُونَ .
فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ ، إلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذّابِ ، السّلَامُ عَلَى مَنْ اتّبَعَ الْهُدَى . أَمّا بَعْدُ فَإِنّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ " . وَقَالَ لِلرّجُلَيْنِ اللّذَيْنِ أَتَيَا بِكِتَابِهِ مَا تَقُولَانِ أَنْتُمَا ؟ فَقَالَا : نَقُولُ كَمَا قَالَ . فَقَالَ " أَمَا وَاَللّهِ لَوْلَا أَنّ الرّسُلَ لَا تُقْتَلُ ، لَضَرَبْت رِقَابَكُمَا وَذَلِكَ فِي آخِرِ سَنَةِ عَشْرٍ .
حَجّةُ أَبِي بَكْرٍ بِالنّاسِ
<163> ثُمّ أَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ تَبُوكَ - بَقِيّةَ رَمَضَانَ وَشَوّالٍ وَذَا الْقَعْدَةِ - ثُمّ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَمِيرًا عَلَى الْحَجّ لِيُقِيمَ النّاسُ حَجّهُمْ وَأَهْلُ الشّرْكِ عَلَى دِينِهِمْ وَمَنَازِلُهُمْ مِنْ حَجّهِمْ .
فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ . وَبَعَثَ مَعَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِعِشْرِينَ بَدَنَةً . قَلّدَهَا وَأَشْعَرَهَا بِيَدِهِ . ثُمّ نَزَلَتْ سُورَةُ بَرَاءَةٌ فِي نَقْضِ مَا بَيْنَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْعَهْدِ الّذِي كَانُوا عَلَيْهِ . فَأَرْسَلَ بِهَا عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ لِيَقْرَأَ بَرَاءَةٌ عَلَى النّاسِ . وَيَنْبِذَ إلَى كُلّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ . فَلَمّا لَقِيَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهُ أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ ؟ فَقَالَ عَلِيّ : بَلْ مَأْمُورٌ " فَلَمّا كَانَ يَوْمُ النّحْرِ قَامَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . فَقَالَ " يَا أَيّهَا النّاسُ لَا يَدْخُلُ الْجَنّةَ كَافِرٌ وَلَا يَحُجّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَهُوَ إلَى مُدّتِهِ
حَجّةُ الْوَدَاعِ
فَلَمّا دَخَلَ ذُو الْقَعْدَةِ تَجَهّزَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْحَجّ وَأَمَرَ النّاسَ بِالْجَهَازِ لَهُ . وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَلْقَوْهُ . فَخَرَجَ مَعَهُ مَنْ كَانَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَقَرِيبًا مِنْهَا . وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْقَبَائِلِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ حَتّى لَقَوْهُ فِي الطّرِيقِ وَفِي مَكّةَ ، وَفِي مِنًى وَعَرَفَاتٍ . وَجَاءَ عَلِيّ مِنْ الْيَمَنِ مَعَ أَهْلِ الْيَمَنِ . وَهِيَ حَجّةُ الْوَدَاعِ .
فَخَرَجَ لَهَا لِخَمْسِ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فِي آخِرِ سَنَةِ عَشْرٍ . فَمَضَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ . فَأَرَى النّاسَ مَنَاسِكَهُمْ وَعَلّمَهُمْ سُنَنَ حَجّهِمْ . وَهُوَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ لَهُمْ وَيُكَرّرُ عَلَيْهِمْ أَيّهَا النّاسُ خُذُوا عَنّي مَنَاسِكَكُمْ . فَلَعَلّكُمْ لَا تَلْقَوْنِي بَعْدَ عَامِكُمْ هَذَا .
<164> وَلَمّا كَانَ بِمِنَى خَطَبَ النّاسَ خُطْبَتَهُ الّتِي بَيّنَ فِيهَا مَا بَيّنَ " فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ . ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِي . فَإِنّي لَا أَدْرِي ، لَعَلّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا . أَيّهَا النّاسُ إنّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ إلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبّكُمْ . وَكُلّ رِبًا مَوْضُوعٌ . وَأَوّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَا الْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ . فَإِنّهُ مَوْضُوعٌ كُلّهُ . وَإِنّ كُلّ دَمٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ . وَإِنّي تَرَكْت فِيكُمْ مَا إنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ لَمْ تَضِلّوا - كِتَابَ اللّهِ - وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنّي . فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنّك قَدْ بَلّغْت ، وَأَدّيْت ، وَنَصَحْت . فَجَعَلَ يَرْفَعُ أُصْبُعَهُ إلَى السّمَاءِ وَيَنْكُبُهَا إلَيْهِمْ وَيَقُولُ اللّهُمّ اشْهَدْ - ثَلَاثَ مَرّاتٍ
وَكَانَتْ هَذِهِ الْحَجّةُ تُسَمّى " حَجّةَ الْوَدَاعِ " لِأَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَحُجّ بَعْدَهَا .
فَلَمّا انْقَضَى حَجّهُ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ . فَأَقَامَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَقِيّةَ ذِي الْحَجّةِ وَالْمُحَرّمِ وَصَفَرٍ .
ثُمّ ابْتَدَأَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَجَعُهُ الّذِي مَاتَ فِيهِ فِي آخِرِ صَفَرٍ .
بَعْثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ إلَى الْبَلْقَاءِ
وَلَمّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ . <165> أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّاسَ بِالتّهَيّؤِ لِغَزْوِ الرّومِ . فَلَمّا كَانَ مِنْ الْغَدِ دَعَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ إلَى مَوْضِعِ مَقْتَلِ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، وَأَنْ يُوطِئَ الْخَيْلَ تُخُومَ الْبَلْقَاءِ وَالدّوَارِمِ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ . فَتَجَهّزَ النّاسُ وَأَوْعَبَ مَعَ أُسَامَةَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ .
ثُمّ اسْتَبْطَأَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّاسَ فِي بَعْثِ أُسَامَةَ - وَهُوَ فِي وَجَعِهِ - فَخَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ - وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ قَدْ قَالُوا فِي إمَارَةِ أُسَامَةَ أَمّرَ غُلَامًا حَدَثًا عَلَى جُلّةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ . فَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ غَضَبًا شَدِيدًا . وَخَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ - وَكَانَ قَدْ بَدَأَ بِهِ الْوَجَعُ - فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ " فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ اُنْفُذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ فَلَئِنْ طَعَنْتُمْ فِي إمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إمَارَةِ أَبِيهِ . وَاَيْمُ اللّهِ إنْ كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ . وَإِنّ ابْنَهُ مِنْ بَعْدِهِ لَخَلِيقٌ لِلْإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ لَمِنْ أَحَبّ النّاسِ إلَيّ وَإِنّ هَذَا . لَمِنْ أَحَبّ النّاسِ إلَيّ مِنْ بَعْدِهِ ثُمّ نَزَلَ .
وَانْكَمَشَ النّاسُ فِي جَهَازِهِمْ . فَاشْتَدّ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَجَعه . وَخَرَجَ أُسَامَةُ بِجَيْشِهِ فَعَسْكَرَ بِالْجَرْفِ وَتَتَامّ إلَيْهِ النّاسُ . فَأَقَامُوا لِيَنْظُرُوا مَا اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَاضٍ فِي رَسُولِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
مَرَضُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حُدّثْت عَنْ أُسَامَةَ قَالَ لَمّا ثَقُلَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَبَطْت وَهَبَطَ النّاسُ مَعِي إلَى الْمَدِينَةِ . فَدَخَلْت عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ أُصْمِتَ فَلَا يَتَكَلّمُ . وَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إلَى السّمَاءِ ثُمّ يَضَعُهَا عَلَيّ . أَعْرِفُ أَنّهُ يَدْعُو لِي .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حُدّثْت عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ . فَقَالَ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ قَدْ أُمِرْت أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَقِيعِ . فَانْطَلِقْ مَعِي . فَانْطَلَقْت مَعَهُ . فَلَمّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ السّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ لِيَهْنَ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فَمَا أَصْبَحَ النّاسُ فِيهِ . أَقْبَلَتْ الْفِتَنُ مِثْلَ قِطَعِ اللّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ أُخْرَاهَا أُولَاهَا ، الْآخِرَةُ شَرّ مِنْ الْأُولَى . ثُمّ أَقْبَلَ عَلَيّ فَقَالَ إنّي قَدْ أُعْطِيت مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا . فَخُيّرْت فِيهَا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاء رَبّي وَالْجَنّةِ . فَقُلْت : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي ، فَخُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدّنْيَا وَتَخَلّدْ فِيهَا ، ثُمّ الْجَنّةَ . قَالَ لَا وَاَللّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ . قَدْ اخْتَرْت لِقَاءَ رَبّي وَالْجَنّةَ . ثُمّ اسْتَغْفَرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ ، ثُمّ انْصَرَفَ .

فَبَدَأَ بِهِ وَجَعُهُ . فَلَمّا اسْتَعَزّ بِهِ دَعَا نِسَاءَهُ فَاسْتَأْذَنَهُنّ أَنْ يُمَرّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، فَأَذِنّ لَهُ .

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ <166> خَطَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ إنّ اللّهَ خَيّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللّهِ . فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَتَعَجّبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ عَبْدٍ خُيّرَ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هُوَ الْمُخَيّرَ . وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ مِنْ أَمَنّ النّاسِ عَلَيّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ . وَلَوْ كُنْت مُتّخِذًا خَلِيلًا - غَيْرَ رَبّي - لَاِتّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا . وَلَكِنْ أُخُوّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدّتُهُ . لَا يَبْقَيَن فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إلّا سُدّ إلّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ .

وَفِي الصّحِيحِ أَنّ ابْنَ عَبّاسٍ وَأَبَا بَكْرٍ مَرّا بِمَجْلِسِ لِلْأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ فَقَالَا : مَا يُبْكِيكُمْ ؟ قَالُوا : ذَكَرْنَا مَجْلِسَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنّا فَدَخَلَ عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ . فَخَرَجَ وَقَدْ عَصّبَ عَلَى رَأْسِهِ بِحَاشِيَةِ بُرْدٍ . فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ - وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ - فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا . فَإِنّهُمْ كِرْشِي وَعَيْبَتِي . وَقَدْ قَضَوْا الّذِي عَلَيْهِمْ . وَبَقِيَ الّذِي لَهُمْ . فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ . وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ .

وَفِي الصّحِيحِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ اشْتَدّ مَرَضُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلّ بِالنّاسِ . قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ إذَا قَامَ مَقَامَك لَا يُسْمِعُ النّاسَ فَلَوْ أَمَرْت عُمَرَ ؟ قَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلِيُصَلّ بِالنّاسِ ، فَعَادَتْ . فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلِيُصَلّ بِالنّاسِ ، فَإِنّكُنّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ . فَأَتَاهُ الرّسُولُ . فَصَلّى بِالنّاسِ فِي حَيَاةِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَتْ وَوَاللّهِ مَا أَقُولُ إلّا أَنّي أُحِبّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَرَفْت أَنّ النّاسَ لَا يُحِبّونَ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا ، وَأَنّ النّاسَ سَيَتَشَاءَمُونَ بِهِ فِي كُلّ حَدَثٍ كَانَ . فَكُنْت أُحِبّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ .
مَوْتُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
قَالَ الزّهْرِيّ : حَدّثَنِي أَنَسٌ قَالَ كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ الّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِ خَرَجَ إلَى النّاسِ وَهُمْ يُصَلّونَ الصّبْحَ فَرَفَعَ السّتْرَ وَفَتَحَ الْبَابَ . فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَقَامَ عَلَى بَابِ عَائِشَةَ . فَكَادَ الْمُسْلِمُونَ يُفْتَنُونَ فِي صَلَاتِهِمْ - فَرَحًا بِهِ حِينَ رَأَوْهُ وَتَفَرّجُوا عَنْهُ - فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اُثْبُتُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ قَالَ وَتَبَسّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سُرُورًا ، وَلَمّا رَأَى مِنْ هَيْئَتِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ . وَمَا رُئِيَ أَحْسَنَ مِنْهُ تِلْكَ السّاعَةَ . قَالَ ثُمّ رَجَعَ وَانْصَرَفَ النّاسُ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنّهُ قَدْ أَفْرَقَ مِنْ وَجَعِهِ . وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ إلَى أَهْلِهِ بِالسّنْحِ . فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ اشْتَدّ الضّحَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ الزّهْرِيّ حَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ عَنْ <167> أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمّا تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَامَ عُمَرُ . فَقَالَ إنّ رِجَالًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَزْعُمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ تُوُفّيَ وَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاَللّهِ مَا مَاتَ وَلَكِنّهُ قَدْ ذَهَبَ إلَى رَبّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ . فَقَدْ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمّ رَجَعَ إلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ قِيلَ مَاتَ . وَوَاللّهِ لَيَرْجِعَن رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعْدَ حِينٍ كَمَا رَجَعَ مُوسَى ، فَلَيُقَطّعَن أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلِهِمْ زَعَمُوا أَنّهُ قَدْ مَاتَ . قَالَ وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتّى نَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ . حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ - وَعُمَرُ يُكَلّمُ النّاسَ - فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى شَيْءٍ حَتّى دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُسَجّى فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ عَلَيْهِ بُرْدِ حِبَرَةٍ . فَأَقْبَلَ حَتّى كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ . ثُمّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَبّلَهُ . ثُمّ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي ، أَمَا الْمَوْتَةُ الّتِي كَتَبَهَا اللّهُ عَلَيْك : فَقَدْ ذُقْتهَا ، ثُمّ لَنْ تُصِيبَك بَعْدَهَا مَوْتَةٌ أَبَدًا . ثُمّ رَدّ الْبُرْدَ عَلَى وَجْهِهِ . وَخَرَجَ - وَعُمَرُ يُكَلّمُ النّاسَ - فَقَالَ عَلَى رِسْلِك يَا عُمَرُ أَنْصِتْ . فَأَبَى إلّا أَنْ يَتَكَلّمَ . فَلَمّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ لَا يَنْصِتُ أَقْبَلَ عَلَى النّاسِ . فَلَمّا سَمِعَ النّاسُ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ فَحَمِدَ اللّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ . ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاس ، إنّهُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمّدًا . فَإِنّ مُحَمّدًا قَدْ مَاتَ . وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللّهَ تَعَالَى ، فَإِنّ اللّهَ حَيّ لَا يَمُوتُ . قَالَ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( 3 : 144 ) وَمَا مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ

قَالَ فَوَاَللّهِ لِكَأَنّ النّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ حَتّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ قَالَ وَأَخَذَهَا النّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَإِنّمَا هِيَ فِي أَفْوَاهِهِمْ . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ عُمَرُ فَوَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا . فَعَثَرْت حَتّى وَقَعْت إلَى الْأَرْضِ . مَا تَحْمِلُنِي رِجْلَايَ فَاحْتَمَلَنِي رَجُلَانِ وَعَرَفْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ قَدْ مَاتَ
حَدِيثُ السّقِيفَةِ
فَلَمّا قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ انْحَازَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ . وَاعْتَزَلَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَالزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللّهِ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ . وَانْحَازَ الْمُهَاجِرُونَ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَعَهُمْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ . فَأَتَى آتٍ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ إنّ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ قَدْ انْحَازُوا إلَيْهِ . فَإِنْ كَانَ <168> لَكُمْ بِأَمْرِ النّاسِ مِنْ حَاجَةٍ فَأَدْرَكُوا النّاسَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَاقَمَ أَمْرُهُمْ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِهِ لَمْ يُفْرَغْ مِنْ أَمْرِهِ قَدْ أَغْلَقَ دُونَهُ الْبَابَ أَهْلُهُ . فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ . انْطَلِقْ بِنَا إلَى إخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ ، حَتّى نَنْظُرَ مَا هُمْ عَلَيْهِ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ السّقِيفَةِ أَنّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ حَدّثَنِي عَنْ مُحَمّدِ بْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - وَكُنْت فِي مَنْزِلِهِ بِمِنَى أَنْتَظِرُهُ وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ فِي آخِرِ حَجّةٍ حَجّهَا عُمَرُ - قَالَ فَرَجَعَ عَبْدُ الرّحْمَنِ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ فَوَجَدَنِي فِي مَنْزِلِهِ بِمِنَى أَنْتَظِرُهُ وَكُنْت أُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ . فَقَالَ لِي : لَوْ رَأَيْت رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ هَلْ لَك فِي فُلَانٍ ؟ يَقُولُ وَاَللّهِ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْت فُلَانًا وَاَللّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إلّا فَلْتَةٌ فَتَمّتْ . فَغَضِبَ عُمَرُ وَقَالَ إنّي - إنْ شَاءَ اللّهُ - لَقَائِمٌ الْعَشِيّةَ فِي النّاسِ فَمُحَذّرُهُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أَمْرَهُمْ . قَالَ عَبْدُ الرّحْمَنِ فَقُلْت لَا تَفْعَلْ فَإِنّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ وَإِنّهُمْ الّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِك حِينَ تَقُومُ فِي النّاسِ . وَإِنّي أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيّرُهَا أُولَئِكَ عَنْك كُلّ مُطِيرٍ وَلَا يَعُوهَا وَلَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا ، فَأَمْهِلْ حَتّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ . فَإِنّهَا دَارُ السّنّةِ وَتَخَلّصْ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النّاسِ فَتَقُولَ مَا قُلْت بِالْمَدِينَةِ مُتَمَكّنًا ، فَيَعِي أَهْلُ الْفِقْهِ مَقَالَتَك ، وَيَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا . فَقَالَ عُمَرُ أَمَا وَاَللّهِ - إنْ شَاءَ اللّهُ - لَأَقُومَن بِذَلِكَ أَوّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ . قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ : فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحَجّةِ . فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجّلْت الرّوَاحَ حِينَ زَالَتْ الشّمْسُ فَأَجِدُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ فَجَلَسْت حَذْوَهُ تَمَسّ رُكْبَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ . فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ .

فَقُلْت لِسَعِيدِ لَيَقُولَن السّاعَةَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اُسْتُخْلِفَ . فَأَنْكَرَ عَلَيّ ذَلِكَ . وَقَالَ مَا عَسَى أَنْ يَقُولَ مِمّا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ ؟ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ .

فَلَمّا سَكَتَ الْمُؤَذّنُ قَامَ . فَأَثْنَى عَلَى اللّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ قَالَ أَمَا بَعْدُ فَإِنّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا . وَلَا أَدْرِي : لَعَلّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي ؟ فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ . وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعِيَهَا ، فَلَا <169> أُحِلّ لِأَحَدِ أَنْ يَكْذِبَ عَلِيّ . إنّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمّدًا صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْحَقّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ . فَكَانَ مِمّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةَ الرّجْمِ فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا . وَعَقَلْنَاهَا . وَرَجَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ . فَأَخْشَى - إنْ طَالَ بِالنّاسِ زَمَانٌ - أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاَللّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرّجْمِ فِي كِتَابِ اللّهِ فَيَضِلّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ قَدْ أَنْزَلَهَا اللّهُ . وَإِنّ الرّجْمَ فِي كِتَابِ اللّهِ حَقّ عَلَى مَنْ زَنَى ، إذَا أُحْصِنَ مِنْ الرّجَالِ وَالنّسَاءِ إذَا قَامَتْ الْبَيّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبْلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ . ثُمّ إنّا قَدْ كُنّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ الْكِتَابِ " لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنّهُ كُفْرٌ بِكُمْ - أَوْ كُفْرٌ لَكُمْ - أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ " إلّا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ . فَإِنّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا : عَبْدُ اللّهِ وَرَسُولُهُ ثُمّ إنّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنّ فُلَانًا قَالَ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ لَقَدْ بَايَعْت فُلَانًا . فَلَا يَغْتَرّن امْرِئِ يَقُولُ إنّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً فَتَمّتْ . أَلَا وَإِنّهَا وَاَللّهِ قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ إلّا أَنّ اللّهَ وَقَى شَرّهَا . وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تَنْقَطِعُ الْأَعْنَاقُ إلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ . فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةِ الْمُسْلِمِينَ . فَإِنّهُ لَا بَيْعَةَ لَهُ هُوَ وَلَا الّذِي بَايَعَهُ تَغِرّةَ أَنْ يُقْتَلَا . إنّهُ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفّى اللّهُ نَبِيّهُ مُحَمّدًا صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - أَنّ الْأَنْصَارَ خَالَفُونَا ، فَاجْتَمَعُوا بِأَشْرَافِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ . وَتَخَلّفَ عَنّا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ وَمَنْ مَعَهُمَا . وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إلَى أَبِي بَكْرٍ . فَقُلْت لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إلَى إخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ . فَانْطَلَقْنَا نَؤُمّهُمْ حَتّى لَقِينَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ . فَذَكَرَا لَنَا مَا تَمَلّأَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ . وَقَالَا لَنَا : أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ ؟ قُلْنَا : نُرِيدُ إخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ . فَقَالَا : لَا عَلَيْكُمْ أَلَا تَقْرَبُوهُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ اقْضُوا أَمْرَكُمْ . قَالَ قُلْت : وَاَللّهِ لَنَأْتِيَنّهُمْ .

فَانْطَلَقْنَا ، حَتّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ . فَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ رَجُلٌ مُزَمّلٌ فَقُلْت : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ . قُلْت : مَا لَهُ ؟ قَالُوا : وَجَعٌ . فَلَمّا جَلَسْنَا نَشْهَدُ خَطِيبَهُمْ . فَأَثْنَى عَلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعْدُ فَنَحْنُ <170> أَنْصَارُ اللّهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ . وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ مِنّا . وَقَدْ دَفَتْ دَافّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ . قَالَ وَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَحْتَازّونَا مِنْ أَصْلِنَا ، وَيَغْتَصِبُونَا الْأَمْرَ .

فَلَمّا سَكَتَ أَرَدْت أَنْ أَتَكَلّمَ - وَقَدْ زَوّرْت فِي نَفْسِي مَقَالَةً قَدْ أَعْجَبَتْنِي ، أُرِيدُ أَنْ أُقَدّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ . وَكُنْت أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدّ .

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رِسْلِك يَا عُمَرُ فَكَرِهْت أَنْ أَعْصِيَهُ . فَتَكَلّمَ - وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنّي وَأَحْكَمَ وَأَحْلَمَ وَأَوْقَرَ - فَوَاَللّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي مِنْ تَزْوِيرِي إلّا قَالَهَا فِي بَدِيهَتِهِ أَوْ أَفْضَلَ . حَتّى سَكَتَ .

فَقَالَ أَمّا بَعْدُ فَمَاذَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ . وَلَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إلّا لِهَذَا الْحَيّ مِنْ قُرَيْشٍ . هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا . وَقَدْ رَضِيت لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ . فَبَايِعُوا الْآنَ أَيّهمَا شِئْتُمْ . فَأَخَذَ بِيَدِي ، وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَامِرِ بْنِ الْجَرّاحِ - وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا - فَلَمْ أَكْرَهْ شَيْئًا مِمّا قَالَ غَيْرَهَا ، كَانَ وَاَللّهِ أَنْ أَقْدَمَ فَتَضْرِبَ عُنُقِي لَا يَقْرَبَنِي ذَلِكَ إلَى إثْمٍ أَحَبّ إلَيّ مِنْ أَنْ أَتَأَمّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ .

قَالَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ : جُذَيْلُهَا الْمُحَكّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجّبُ مِنّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ .

قَالَ فَكَثُرَ اللّغَطُ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ حَتّى خَشِينَا الِاخْتِلَافُ .

فَقُلْت : اُبْسُطْ يَدَك يَا أَبَا بَكْرٍ . فَبَسَطَهَا ، فَبَايَعْته . ثُمّ بَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ . ثُمّ بَايَعَهُ الْأَنْصَارُ . وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ .

فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ . قَالَ فَقُلْت : قَتَلَ اللّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ
بَيْعَةُ الْعَامّةِ لِأَبِي بَكْرٍ
<171> وَلَمّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ فِي السّقِيفَةِ وَكَانَ الْغَدُ جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ . فَقَامَ عُمَرُ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ فَتَكَلّمَ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ . ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ .

إنّي قَدْ قُلْت لَكُمْ بِالْأَمْسِ مَقَالَةً مَا كَانَتْ وَمَا وَجَدْتهَا فِي كِتَابِ اللّهِ . وَلَا كَانَتْ عَهْدًا عَهِدَهُ إلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَلَكِنّي قَدْ كُنْت أَرَى أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَيُدَبّرُ أَمْرَنَا - يَقُولُ يَكُونُ آخِرَنَا - وَإِنّ اللّهَ قَدْ أَبْقَى فِيكُمْ كِتَابَهُ الّذِي بِهِ هَدَى رَسُولَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَإِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ هَدَاكُمْ اللّهُ لَمّا كَانَ هَدَى لَهُ رَسُولَهُ . إنّ اللّهَ قَدْ جَمَعَكُمْ عَلَى خَيْرِكُمْ - صَاحِبِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَثَانِيَ اثْنَيْنِ إذْ هُمَا فِي الْغَارِ - فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ . فَبَايَعَ النّاسُ أَبَا بَكْرٍ الْبَيْعَةَ الْعَامّةَ بَعْدَ بَيْعَةِ السّقِيفَةِ .

ثُمّ تَكَلّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِاَلّذِي هُوَ أَهْلُهُ . ثُمّ قَالَ أَمَا بَعْدُ أَيّهَا النّاسُ فَإِنّي قَدْ وُلّيت عَلَيْكُمْ . وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي . وَإِنْ أَسَأْت فَقَوّمُونِي . الصّدْقُ أَمَانَةٌ وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ . وَالضّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيّ عِنْدِي ، حَتّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقّهُ إنْ شَاءَ اللّهُ . وَالْقَوِيّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ حَتّى آخُذَ الْحَقّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللّهُ . لَا يَدَعُ قَوْمٌ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللّهِ إلّا ضَرَبَهُمْ اللّهُ بِالذّلّ . وَلَا تَشِيعُ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطّ إلّا عَمّهُمْ اللّهُ بِالْبَلَاءِ . أَطِيعُونِي مَا أَطَعْت اللّهَ وَرَسُولَهُ . فَإِذَا عَصَيْت اللّهَ وَرَسُولَهُ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ
فَضِيلَةُ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ وَخِلَافَتُهُ الرّاشِدَةُ
وَعَنْ رَبِيعَةَ - أَحَدِ الصّحَابَةِ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ قَالَ قُلْت لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مَا حَمَلَك عَلَى أَنْ تَلِيَ أَمْرَ النّاسِ وَقَدْ نَهَيْتنِي أَنْ أَتَأَمّرَ عَلَى اثْنَيْنِ ؟ قَالَ لَمْ أَجِدْ مِنْ ذَلِكَ بُدّا ، خَشِيت عَلَى أُمّةِ مُحَمّدٍ الْفُرْقَةَ وَفِي رِوَايَةٍ تَخَوّفْت أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ تَكُونُ بَعْدَهَا رِدّةٌ .

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ لَمّا تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اشْرَأَبّ النّفَاقُ وَارْتَدّتْ الْعَرَبُ ، وَانْحَازَتْ الْأَنْصَارُ . فَلَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ الرّاسِيَاتِ مَا نَزَلَ بِأَبِي لِهَاضُهَا . فَمَا اخْتَلَفُوا فِي نُقْطَةٍ إلّا طَارَ أَبِي بِفَضْلِهَا .

وَعَنْ <172> أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ وَاَلّذِي لَا إلَهَ إلّا هُوَ لَوْلَا أَنّ أَبَا بَكْرٍ اُسْتُخْلِفَ مَا عُبِدَ اللّهُ - ثُمّ قَالَ الثّانِيَةَ ثُمّ قَالَ الثّالِثَةَ - فَقِيلَ لَهُ مَهْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ . فَقَالَ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَجّهَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فِي سَبْعِمِائَةٍ إلَى الشّامِ . فَلَمّا نَزَلَ بِذِي خُشُبٍ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ وَارْتَدّتْ الْعَرَبُ . وَاجْتَمَعَ إلَيْهِ الصّحَابَةُ . فَقَالُوا : رُدّ هَؤُلَاءِ تَوَجّهَ هَؤُلَاءِ إلَى الرّومِ ، وَقَدْ ارْتَدّتْ الْعَرَبُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ ؟ فَقَالَ وَاَلّذِي لَا إلَهَ إلّا هُوَ لَوْ جَرّتْ الْكِلَابُ بِأَرْجُلِ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا رَدَدْت جَيْشًا وَجّهَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَلَا حَلَلْت لِوَاءً عَقَدَهُ . فَوَجّهَ أُسَامَةَ . فَجَعَلَ لَا يَمُرّ بِقَبَائِلَ يُرِيدُونَ الِارْتِدَادَ إلّا قَالُوا : لَوْلَا أَنّ لِهَؤُلَاءِ قُوّةً مَا خَرَجَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ مِنْ عِنْدِهِمْ . وَلَكِنْ نَدَعُهُمْ حَتّى يَلْقَوْا الرّومَ . فَلَقُوا الرّومَ . فَهَزَمُوهُمْ . وَرَجَعُوا سَالِمِينَ . فَثَبَتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ - وَلِلّهِ الْحَمْدُ
قِصّةُ الرّدّةِ أَعَاذَنَا اللّهُ مِنْهَا
قَدْ تَقَدّمَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إخْبَارَهُ بِالْفِتَنِ الْكَائِنَةِ بَعْدَهُ وَإِنْذَارُهُ عَنْهَا ، وَإِخْبَارُهُ خَاصّةً عَنْ الرّدّةِ .

مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الصّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْت فِي يَدَيّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ . فَكَرِهْتهمَا . فَنَفَخْتهمَا . فَطَارَا . فَأَوّلْتهمَا كَذّابَيْنِ يَخْرُجَانِ .

وَعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَلَاثٌ مَنْ نَجَا مِنْهُنّ فَقَدْ نَجَا : مِنْ مَوْتِي ، وَمَنْ قَتْلِ خَلِيفَةٍ مُصْطَبِرٍ بِالْحَقّ مُعْطِيهِ وَمِنْ الدّجّالِ

وَفِي الصّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ لَمّا تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ ، قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النّاسَ حَتّى يَقُولُوا : لَا إلَهَ إلّا اللّهُ . فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلّا بِحَقّهَا ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنّ الزّكَاةَ مِنْ حَقّهَا . وَاَللّهِ لَأُقَاتِلَن مَنْ فَرّقَ بَيْنَ الصّلَاةِ وَالزّكَاةِ وَاَللّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدّونَهَا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَقَاتَلْتهمْ عَلَى مَنْعِهَا . قَالَ عُمَرُ فَمَا هُوَ إلّا أَنْ رَأَيْت اللّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْت أَنّهُ الْحَقّ . قَالَ عُمَرُ وَاَللّهِ لَرَجَحَ إيمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيمَانِ هَذِهِ الْأُمّةِ جَمِيعًا فِي قِتَالِ أَهْلِ الرّدّةِ

وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ ، وَمُحَمّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ عَنْ جَمَاعَةٍ قَالُوا كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمِيرَ الشّاكِرِينَ الّذِينَ ثَبَتُوا عَلَى دِينِهِمْ وَأَمِيرَ الصّابِرِينَ الّذِينَ صَبَرُوا عَلَى جِهَادِ عَدُوّهِمْ - وَهُمْ أَهْلُ الرّدّةِ - وَذَلِكَ أَنّ الْعَرَبَ <173> افْتَرَقَتْ فِي رِدّتِهَا . فَقَالَتْ فِرْقَةٌ لَوْ كَانَ نَبِيّا مَا مَاتَ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ انْقَضَتْ النّبُوّةُ بِمَوْتِهِ . فَلَا نُطِيعُ أَحَدًا بَعْدَهُ . وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ

أَطَعْنَا رَسُولَ اللّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا

فَيَا لَعِبَادَ اللّهِ مَا لِأَبِي بَكْرٍ ؟

أَيُوَرّثُهَا بَكْرًا إذَا مَاتَ بَعْدَهُ

فَتِلْكَ لَعَمْرُ اللّهِ قَاصِمَةُ الظّهْرِ


وَقَالَتْ فِرْقَةٌ نُؤْمِنُ بِاَللّهِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ نُؤْمِنُ بِاَللّهِ وَنَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا رَسُولُ اللّهِ وَلَكِنْ لَا نُعْطِيكُمْ أَمْوَالَنَا .

فَجَادَلَ الصّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَقَالُوا : احْبِسْ جَيْشَ أُسَامَةَ فَيَكُونُ أَمَانًا بِالْمَدِينَةِ . وَارْفُقْ بِالْعَرَبِ حَتّى يَتَفَرّجَ هَذَا الْأَمْرُ . فَلَوْ أَنّ طَائِفَةً ارْتَدّتْ قُلْنَا : قَاتِلْ بِمَنْ مَعَك مَنْ ارْتَدّ . وَقَدْ أَصْفَقَتْ الْعَرَبُ عَلَى الِارْتِدَادِ . وَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ . فَدَخَلُوا عَلَى رِجَالٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ . فَقَالُوا : إنّهُ قَدْ ارْتَدّ عَامّةُ مَنْ وَرَاءَنَا عَنْ الْإِسْلَامِ . وَلَيْسَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَنْ يُؤَدّوا إلَيْكُمْ مَا كَانُوا يُؤَدّونَهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . فَإِنْ تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا كَفَيْنَاكُمْ . فَدَخَلَ الصّحَابَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَعَرَضُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ . وَقَالُوا : نَرَى أَنْ تُطْعِمَ الْأَقْرَعَ وَعُيَيْنَةَ طُعْمَةً يَرْضَيَانِ بِهَا ، وَيَكْفِيَانِك مَنْ وَرَاءَهَا ، حَتّى يَرْجِعَ إلَيْنَا أُسَامَةُ وَجَيْشُهُ وَيَشْتَدّ أَمْرُك . فَإِنّا الْيَوْمَ قَلِيلٌ فِي كَثِيرٍ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَهَلْ تَرَوْنَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قَالُوا : لَا .

قَالَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنّ مِنْ عَهْدِ نَبِيّكُمْ إلَيْكُمْ الْمَشُورَةُ فِيمَا لَمْ يَمْضِ فِيهِ أَمْرٌ مِنْ نَبِيّكُمْ وَلَا نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ عَلَيْكُمْ . وَأَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ تَنْظُرُونَ فِيمَا أُشِيرُ بِهِ عَلَيْكُمْ . وَإِنّ اللّهَ لَنْ يَجْمَعَكُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ . فَتَجْتَمِعُونَ عَلَى الرّشْدِ فِي ذَلِكَ .

فَأَمّا أَنَا : فَأَرَى أَنْ نَنْبِذَ إلَى عَدُوّنَا . فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ . وَأَلّا تَرُشّونَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَنُجَاهِدَ عَدُوّهُ كَمَا جَاهَدَهُمْ . وَاَللّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا ، لَرَأَيْت أَنْ أُجَاهِدَهُمْ عَلَيْهِ حَتّى آخُذَهُ . وَأَمّا قُدُومُ عُيَيْنَةَ وَأَصْحَابِهِ إلَيْكُمْ فَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ عُيَيْنَةُ هُوَ رَاضِيهِ ثُمّ جَاءَ لَهُ . وَلَوْ رَأَوْا ذُبَابَ السّيْفِ لَعَادُوا إلَى مَا خَرَجُوا مِنْهُ أَوْ أَفْنَاهُمْ السّيْفُ فَإِلَى النّارِ . قَتَلْنَاهُمْ عَلَى حَقّ مَنَعُوهُ وَكُفْرٍ اتّبَعُوهُ . فَبَانَ لِلنّاسِ أَمْرُهُمْ . <174> فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ أَفَضْلُنَا رَأْيًا ، وَرَأْيُنَا لِرَأْيِك تَبَعٌ .

فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ النّاسَ بِالتّجْهِيزِ وَأَجْمَعَ عَلَى الْمَسِيرِ بِنَفْسِهِ .

وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - لَمّا صَدَرَ مِنْ الْحَجّ سَنَةَ عَشْرٍ - وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ : أَقَامَ حَتّى رَأَى هِلَالَ الْمُحَرّمِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ . فَبَعَثَ الْمُصَدّقِينَ فِي الْعَرَبِ .
نَفْعُ اللّهِ طَيّئًا بِعَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ
فَلَمّا بَلَغَهُمْ وَفَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اخْتَلَفُوا . فَمِنْهُمْ مَنْ رَجَعَ . وَمِنْهُمْ مَنْ أَدّى إلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْهُمْ عَدِيّ بْنُ حَاتِمٍ ، كَانَتْ عِنْدَهُ إبِلٌ عَظِيمَةٌ مِنْ صَدَقَاتِ قَوْمِهِ . فَلَمّا ارْتَدّ مَنْ ارْتَدّ وَارْتَدّتْ بَنُوأَسَدٍ - وَهُمْ جِيرَانُهُمْ - اجْتَمَعَتْ طَيّئٌ إلَى عَدِيّ . فَقَالُوا : إنّ هَذَا الرّجُلَ قَدْ مَاتَ وَقَدْ انْتَقَضَ النّاسُ بَعْدَهُ وَقَبَضَ كُلّ قَوْمٍ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ فَنَحْنُ أَحَقّ بِأَمْوَالِنَا مِنْ شُذّاذِ النّاسِ . فَقَالَ أَلَمْ تُعْطُوا الْعَهْدَ طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ ؟ .

قَالُوا : بَلَى ، وَلَكِنْ حَدَثَ مَا تَرَى ، وَقَدْ تَرَى مَا صَنَعَ النّاسُ . فَقَالَ وَاَلّذِي نَفْسُ عَدِيّ بِيَدِهِ لَا أَخِيسُ بِهَا أَبَدًا . فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَوَاَللّهِ لَأُقَاتِلَنكُمْ . فَلَيَكُونَن أَوّلَ قَتِيلٍ يُقْتَلُ عَلَى وَفَاءِ ذِمّتِهِ عَدِيّ بْنُ حَاتِمٍ ، أَوْ يُسَلّمُهَا . فَلَا تَطْمَعُوا أَنْ يُسَبّ حَاتِمٌ فِي قَبْرِهِ وَعَدِيّ ابْنُهُ مِنْ بَعْدِهِ . فَلَا يَدْعُونَكُمْ غَدْرُ غَادِرٍ إلَى أَنْ تَغْدِرُوا . فَإِنّ لِلشّيْطَانِ قَادَةً عِنْدَ مَوْتِ كُلّ نَبِيّ يَسْتَخِفّ بِهَا أَهْلَ الْجَهْلِ حَتّى يَحْمِلَهُمْ عَلَى قَلَائِصِ الْفِتْنَةِ . وَإِنّمَا هِيَ عَجَاجَةٌ لَا ثَبَاتَ لَهَا ، وَلَا ثَبَاتَ فِيهَا . إنّ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَلِيفَةً مِنْ بَعْدِهِ يَلِي هَذَا الْأَمْرَ . وَإِنّ لِدِينِ اللّهِ أَقْوَامًا سَيَنْهَضُونَ بِهِ وَيَقُومُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَذُؤَابَتَيْهِ فِي السّمَاءِ . لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَيُقَارِعَنكُمْ عَنْ أَمْوَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ بَعْدَ قَتْلِ عَدِيّ وَغَدْرِكُمْ فَأَيّ قَوْمٍ أَنْتُمْ عِنْدَ ذَلِكَ ؟ . فَلَمّا رَأَوْا مِنْهُ الْجَدّ كَفّوا عَنْهُ . وَأَسْلَمُوا لَهُ .

فَلَمّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ رَأَى مِنْ عُمَرَ جَفْوَةً . فَقَالَ لَهُ عَدِيّ : مَا أَرَاك تَعْرِفُنِي ؟ قَالَ عُمَرُ بَلَى وَاَللّهِ . وَاَللّهُ يَعْرِفُك فِي السّمَاءِ . أَعْرِفُك وَاَللّهِ أَسْلَمْت إذْ كَفَرُوا ، وَوَفَيْت إذْ غَدَرُوا ، وَأَقْبَلْت إذَا أَدْبَرُوا . وَاَيْمُ اللّهِ أَعْرِفُك
قِتَالُ أَهْلِ الرّدّةِ
<175> وَلَمّا كَانَ مِنْ الْعَرَبِ مَا كَانَ وَمَنَعَ مَنْ مَنَعَ مِنْهُمْ الصّدَقَةَ . جَدّ بِأَبِي بَكْرٍ الْجَدّ فِي قِتَالِهِمْ . وَأَرَاهُ اللّهُ رُشْدَهُ فِيهِمْ . وَعَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ بِنَفْسِهِ . فَخَرَجَ فِي مِائَةٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَخَالِدٌ يَحْمِلُ اللّوَاءَ حَتّى نَزَلَ بَقْعَاءَ ، يُرِيدُ أَنْ يَتَلَاحَقَ النّاسُ وَيَكُونَ أَسْرَعَ لِخُرُوجِهِمْ . وَوَكَلَ بِالنّاسِ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يَسْتَحِثّهُمْ . وَأَقَامَ بِبَقْعَاءَ أَيّامًا يَنْتَظِرُ النّاسَ . وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إلّا خَرَجَ .

فَقَالَ عُمَرُ ارْجِعْ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللّهِ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ فِئَةٌ فَإِنّك إنْ تُقْتَلْ يَرْتَدّ النّاسُ وَيَعْلُو الْبَاطِلُ الْحَقّ . فَدَعَا زَيْدَ بْنَ الْخَطّابِ لِيَسْتَخْلِفَهُ فَقَالَ قَدْ كُنْت أَرْجُو أَنْ أُرْزَقَ الشّهَادَةَ مَعَ رَسُولِ الل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حماده مرسى
مراقب بالمنتدي
مراقب بالمنتدي
حماده مرسى


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 939
المجهود والاسهام في المنتدي : 1398
تاريخ التسجيل : 31/01/2010
علم الدولة : مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن EgyptC

مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن   مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن Emptyالسبت أبريل 24, 2010 5:45 pm




سلمت و سلمت يداك يا أ / عمرو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hamadamorsy.maktoobblog.com/about-g-a-g-h/
 
مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثامن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الاول
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الثالث
» مُخْتَصَرُ سِيْرَةِ الْرَّسُوْلِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء الخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي أبناء السنابسة  :: اسلاميات :: قسم السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: